الرئيس التونسي يلوح بالفصل 66 في حال عجز البرلمان عن إقرار قانون المالية

تونس - شدّد الرئيس التونسي قيس سعيّد السبت على ضرورة المصادقة على مشروع قانون المالية حتى لا يتم اللجوء إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من الدستور وما يمكن أن ينجرّ عن ذلك من آثار في الداخل والخارج على السواء.
ويتم اللجوء إلى الفصل 66 من الدستور عندما يخفق البرلمان في المصادقة على مشروع قانون المالية ويتم في هذه الحالة تسيير المالية العمومية وفق مراسيم يصدرها رئيس الجمهورية.
وتنص الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من الدستور على أنه "إذا لم تتم المصادقة على مشروع قانون المالية في أجل 31 ديسمبر، يمكن تنفيذ المشروع في ما يتعلق بالنفقات، بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتجديد بمقتضى أمر رئاسي، وتستخلص الموارد طبقا للقوانين الجاري بها العمل".
وشهدت لجنة المالية في البرلمان، حادثة غير مسبوقة، تمثلت في إسقاط 11 فصلا من المشروع الأصلي للموازنة، قبل المصادقة عليها.
وأعرب رئيس الحكومة هشام المشيشي الأحد عن أمله في التوصّل إلى نتيجة بخصوص مشروع قانون الماليّة 2021، مشددا على أهمّية إدارة الاختلاف بعقلانية للوصول إلى نتيجة، معتبرا أن إسقاط 11 فصلا من مشروع الموازنة لا يشكّل ضغطا.
وأكد هيكل المكي رئيس لجنة المالية أنه "تم لأول مرّة في تاريخ تونس، إسقاط أحكام الميزانية من مشروع قانون المالية لسنة 2021"، واصفا ذلك بـ"المعضلة التي يجب إيجاد حل لها يحترم الدستور والقانون".
وأضاف المكي أن "ولادة مشروع القانون كانت عسيرة والتقرير المعروض على أنظار الجلسة غير تقليدي"، ودعا نواب الشعب إلى "بذل مجهود كبير جدا حتى لا تحرم الدولة التونسية والمرفق العام وشعب تونس من ميزانية".
وأرجع عضو اللجنة محمد القوماني، إسقاط 11 فصلا من مشروع قانون المالية، إلى ما اعتبره "تراجع وزير الاقتصاد والمالية عن موقفه المتعلق بتعديل بعض فصوله"، مؤكدا أن التدارك في الجلسة لا يزال واردا.
واعتبر عياض اللومي نائب رئيس لجنة المالية بالبرلمان "أن الموازنة التي أعدتها الحكومة موازنة توسعية دون رؤية واضحة وتتضمن مشاريع تنموية بأرقام مبالغ فيها ومخالفة للواقع".
وأضاف أن "الموازنة تعتمد الترفيع في الضغط الجبائي بطريقة لا تطاق إلى درجة أصبح ترويعا جبائيا، إضافة إلى الترفيع في التداين الذي يصل إلى رهن البلاد للمانحين''.
وتابع اللومي "الموازنة لم تنكب على الناتج الداخلي الخام وحل مشاكل الناس، لا تحتوي على أي إجراء يأخذ بعين الاعتبار جائحة كورونا وأن الاقتصاد الوطي ضُرب وأن المؤسسات الاقتصادية بحالة إفلاس ودون أي إجراء لدعم المؤسسات وعودة الإنتاج ومجابهة الضغط الاجتماعي ومشاكل البطالة الجديدة''.
وحدد مشروع القانون ميزانية الدولة بمبلغ 52.6 مليار دينار، أي بزيادة 4 في المئة، مسجلا بذلك عجزا بنسبة 14 في المئة، في حين لم يتضمن المشروع زيادة ضريبية ولا ضرائب جديدة.
قدّرت موازنة تونس لسنة 2021 بقيمة 52.6 مليار دينار (19.45 مليار دولار)، أي بزيادة في حدود8.1 في المئة مقارنة بالنتائج المحيّنة لميزانية سنة 2020 في وقت تتطلع فيه البلاد إلى تسجيل نمو بنسبة 4 في المئة العام المقبل.
وتعوّل هذه الموازنة على تطور المداخيل الجبائية بنسبة 13.9 في المئة لتبلغ زهاء 29.7 مليار دينار (10.98 مليار دولار) تتضمن أداءات مباشرة بقيمة 12 مليار دينار (4.44 مليار دولار)، أي بتطور بنسبة 10 أداءات غير مباشرة بقيمة 16.9 مليار دينار (6.25 مليار دولار) مما يشكل زيادة بنسبة 16.9 في المئة.
وتسعى حكومة هشام المشيشي إلى تعبئة زهاء 2.4 مليار دينار (0.89 مليار دولار) بعنوان مداخيل غير جبائية - دون اعتبار استخلاص أصل القرض - مقابل 2.8 مليار دينار (1.4 مليار دولار) متوقعة لسنة 2020 وكذلك إلى تعبئة 0.8 مليار دينار (0.3 مليار دولار) على شكل هبات خارجية مقابل 1.5 مليار دينار (0.55 مليار دولار) سنة 2020.
ويقول خبراء إن الدولة ما لم تفرض ضرائب فهي لا محالة ستضطر إلى الاقتراض مجددا لتغطية النفقات، ما يعني المزيد من ارتباك التوازنات المالية وتغذية العجز في الموازنة.
ويستند الخبراء في مقاربتهم إلى أن غياب الموارد لتعبئة الموازنة في ظل الركود الاقتصادي يطرح أسئلة حول مصادر التمويل التي ستعتمد عليها الدولة لتغطية نفقاتها.
وكانت تونس تتوقع اقتراض 12 مليار دينار (4.36 مليار دولار) في 2020، لكن احتياجاتها زادت بشكل كبير بسبب أزمة فايروس كورونا. وحجم الاقتراض الجديد للعام الجاري غير معروف بعد، لكنّ مسؤولين آخرين يقولون إنه من المحتمل أن يتخطى 21 مليار دينار.
وتسببت أزمة فايروس كورونا في ركود تاريخي للاقتصاد التونسي. وانكمش الاقتصاد بحوالي 21.6 في المئة في الربع الثاني من 2020 مقارنة مع مستواه قبل عام.
وعلى الرغم من مساعي الحكومة للنهوض بالاقتصاد المتعثر وخفض عجز الموازنة إلى 7.3 في المئة إلا أن الضغوط المالية والاقتصادية المستمرة تصعّب عليها ذلك.