اتحاد الشغل بتونس يصعّد ضد التطرف والشعبوية

تونس - أكد الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية ذات النفوذ الواسع في البلاد، الجمعة، أنه مصمّم على إنقاذ تونس من قبضة العنف وتخليصها من الوعود الشعبوية الكاذبة التي تتعرّى على مذبح الواقع.
واتهم الاتحاد في بيان أصدره بمناسبة إحياء الذكرى 68 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشّاد، بوقوف من وصفها بـ''التيّارات المتطرّفة'' في وجه ''مصالح عموم الشعب" واصطفافها مع "قوى الاستغلال وعصابات الفساد ولوبيات المال الفاسد".
وفرحات حشاد هو المؤسس الأول للمنظمة النقابية، وتم اغتياله العام 1952، أي في عهد الاستعمار الفرنسي لتونس، ويمثل في المخيال السياسي لقسم من التونسيين رمزا لمقاومة التطرف والاستعمار.
وقالت المنظمة الشغيلة إنّ هذه الأطراف، التي لم تسمّها، تواصل تحالفاتها لامتصاص قوت الناس واستغلال عرقهم ونهب ثروات البلاد. في إشارة إلى الترويكا البرلمانية التي تضم حركة النهضة وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة.
وأشار الاتحاد إلى الوضع الصعب الذي تعيشه تونس في ظلّ تعمّق التناحر والتجاذبات السياسية وتصاعد خطاب الكراهية والحقد والعنف من قبل "تيّارات شعبوية متطرّفة".
وتابع أن هذه ''التيّارات الشعبوية المتطرّفة" تخطط لـ''الهيمنة على مفاصل الدولة والسيطرة على أجهزتها وتغيير نمط المجتمع في اتّجاه الانتكاس إلى الوراء والارتداد إلى رؤى وأنماط قروسطية بائدة أو إلى أنظمة حكم استبدادية ثار عليها الشعب واستشهد من أجل إسقاطها المئات من التونسيّات والتونسيين''.
وأكّد "تجنّده من أجل منع أيّ انحراف أو محاولة لتدمير المسار الديمقراطي ونضاله من أجل تكريس مبدأ الدولة المدنية الديمقراطية الاجتماعية وضمان حماية قيم الجمهورية".
ويرى مراقبون أن خطاب الاتحاد يحمل نبرة تصعيدية ضد معسكر حركة النهضة التي حكمت تونس بصيغ مختلفة منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي في 2011.
وسبق أن عبر الرئيس التونسي قيس سعيد عن الموقف نفسه في خطابه الأخير الأربعاء، عندما شن هجوما عنيفا على أطراف وصفها بـ"مراكز القوى" دون أن يُحدد هويتها، حيث تعهد بالتصدي لها وإفشال مخططاتها.
وقال في مقطع فيديو، بثته الرئاسة التونسية في صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، في أعقاب الاجتماع "للأسف، هناك محاولات للابتزاز من بعض الأطراف لضرب الدولة في وجودها وضرب مرافقها العمومية.. سنتصدى لها بأكثر مما يتصورون، وبأكثر مما يحتملون".
وأضاف "هناك مراكز قوى تُحاول التنظيم داخل الدولة، وتعمل على ضرب الدولة التونسية"، مؤكدا في هذا المجال على أن "محاولات الاستدراج إلى مستنقعاتهم ستبوء بالفشل وسيعرفون كيف سيكون الفشل".
وتابع دون تحديد هوية مراكز القوى قائلا "لن نترك الدولة لمراكز القوى.. الدولة التونسية واحدة وستستمر، وستواجه هؤلاء المجرمين الذين احتموا في أحضان مجموعة من العصابات حتى في الخارج".
ويأتي خطاب الاتحاد على خلفية استثنائه لبعض القوى السياسية من المشاركة في مبادرته للحوار الوطني لكونها المتسببة في الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، وباعتبارها ترفض مدنية الدولة وتعادي قوى المجتمع المدني.
وقدم نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الاثنين، للرئيس سعيّد مبادرة للحوار الوطني لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
ولم يصدر عن سعيّد إلى حد الآن أي قرار بشأن مبادرة الاتحاد، رغم ترحيبه بها وتمسكه بعدم إشراك من أسماهم بالفاسدين قائلا "لا مجال للحوار مع الفاسدين ولا مجال أيضا لحوار بالشكل الذي عرفته تونس في السنوات الماضية بل يجب أن يتم في إطار تصور جديد يقطع مع التصورات القديمة، ويكون قائما على الاستجابة لمطالب الشعب الحقيقية، بعيدا عن أي حسابات سياسية ضيقة".
ويرجح محللون أن الرئيس التونسي ينتظر إحالة ملفات دائرة المحاسبات بخصوص التجاوزات في الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة لسنة 2019 على القضاء.
وكانت محكمة المحاسبات قد رصدت خلال عملها الرقابي على الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019، العديد من الإخلالات التي شابت الحسابية المالية للمترشحين وشرعية الموارد ومجالات إنفاقها وعدم الإفصاح عن مصادر التمويل واستعمال مال مشبوه غير مصرح به في الحملات الانتخابية وعدم احترام أحكام مرسوم الأحزاب.
واعتبرت محكمة المحاسبات أن الحسابية المالية للمترشحين للرئاسية وللتشريعية لم تكن دائما مضبوطة، من ذلك أن 347 قائمة مترشحة للتشريعية لم تقدم حساباتها ولم تلتزم بمبدأ الشفافية الذي أقره القانون الانتخابي ولم تلتزم 23 قائمة تشريعية بنشر مختصر لحساباتها بجريدة يومية وينسحب الأمر ذاته على ثمانية مترشحين للرئاسية.