رواتب الموظفين في سوريا لا تكفيهم أسبوعا والنظام يعرض خيار الصبر

دمشق - يعاني الموظفون في الدوائر الحكومية السورية من عدم القدرة على توفير الضروريات الحياتية، حيث لا تكفيهم رواتبهم لمدة أسبوع نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية، في ظل حالة تضخم كبيرة جراء انهيار قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار الأميركي، ونضوب خزينة النظام.
وتعالت الأصوات في الأشهر الأخيرة مطالبة بضرورة إقرار زيادات في الرواتب تأخذ بعيد الاعتبار الارتفاع الجنوني في المواد، إلا أنه لم تسجل أي استجابة من قبل النظام ورسالته الوحيدة “عليكم بالصبر”.
وقطعت وزيرة التنمية الإدارية في الحكومة السورية سلام سفاف مؤخرا أي أمل في انفراجة قريبة على مستوى الرواتب، وقالت إن التوجه الحالي هو باتجاه اعتماد تطوير أنظمة المكافآت والحوافز والتعويضات المختلفة.
كلام سفاف جاء خلال جلسة لـ”مجلس الشعب”، لمناقشة مشروع الإصلاح الإداري الذي تطرحه الوزيرة، وحذر نواب خلال تلك الجلسة من أن الفساد والمعاناة في معاملات المواطنين ضمن الدوائر الحكومية في ازدياد مستمر.
وحصلت آخر زيادة للرواتب في 21 نوفمبر من العام الماضي، بعد صدور مرسومين تشريعيين قضى الأول بزيادة رواتب وأجور العاملين المدنيين والعسكريين الشهرية 20 ألف ليرة، والمرسوم الثاني رفع المعاشات التقاعدية الشهرية للمدنيين والعسكريين بـ16 ألف ليرة.
ووعد رئيس مجلس الوزراء السوري، حسين عرنوس، خلال جلسة لمجلس الشعب في 24 من سبتمبر الماضي، باستمرارية العمل على زيادة الرواتب والأجور، وفق الشرائح، وحسب الإمكانات المتاحة، وإعادة النظر بضريبة الدخل على الرواتب والأجور، والعمل على إصلاح النظام الضريبي، موكدًا أن زيادة الرواتب ستكون “قولًا وفعلًا”.
ولم تتحقق أي زيادة في الرواتب منذ وعد عرنوس، ولا يزال الموظفون الحكوميون يتأملون في وفاء الحكومة بوعودها رغم إدراكهم بأن تصريحاته لم تكن سوى محاولة لامتصاص غضبهم، ومنحهم فسحة أمل يواجهون من خلالها واقعهم المرير.
وقطعت تصريحات وزيرة التنمية الإدارية الأخيرة هذا البصيص لتترك الموظفين يواجهون مصيرهم لوحدهم. ويرى خبراء اقتصاد أن الزيادة في الرواتب تشكل معظلة كبيرة بالنسبة للنظام الذي يعاني حالة من الإفلاس، ذلك أنه في حال اتخذ قرار الزيادة في الأجور فإنه سيجد نفسه ملزما بطبع المزيد من الأوراق في ظل حالة تضخم كبيرة، وهذا سيفرض وجوبا ارتفاعا أكثر في الأسعار.
في المقابل فإن تجاهل أصوات الآلاف من الموظفين ينذر بثورة جديدة في داخل مناطق سيطرته، قد لا يستطيع هذه المرة وأدها ذلك أنها تأتي هذه المرة من رحم القاعدة الشعبية التي لطالما ساندته واصطفت معه خلال السنوات الماضية من عمر الصراع.
وتشهد سوريا منذ العام 2011 صراعا متعدد الأوجه ومتداخل الأبعاد أودى بحياة الآلاف من السوريين، وشرد الملايين في الداخل والخارج، فيما بات اليوم أكثر من 80 في المئة يرزحون تحت خط الفقر.
ويستبعد مراقبون أي انفراجة قريبة للأزمة في ظل تعنت النظام واستمرار رهانه على الحل العسكري، وسط تكهنات بتزايد الضغط الدولي عليه مع تسلم الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الديمقراطي جو بايدن، حيث من المرجح أن يصعد في سلم العقوبات على دمشق من بوابة قيصر.