النصر العسكري السريع في تيغراي لا يؤشر على نهاية الصراع

مع إعلان القوات الفيدرالية الإثيوبية انتهاء الحملة العسكرية على إقليم تيغراي بعد سيطرتها على العاصمة مكلي دون القبض على أي من قادة التمرد، لا يبدي هؤلاء أي استعداد لإلقاء السلاح. ويتوقع خبراء أن يلجأ المتمردون إلى خبرتهم الطويلة في حرب العصابات في مواجهة من يصفونهم بالغزاة.
أديس أبابا – بدأت الحكومة الإثيوبية الأحد مطاردة لزعماء الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في الإقليم الواقع في شمال البلاد بعد إعلان أديس أبابا أن القوات الاتحادية سيطرت على مكلي عاصمة الإقليم أن العمليات العسكرية اكتملت، فيما يرجح مراقبون أن تكون قوات تيغراي قد انسحبت قبل توغل الحكومة في المدينة مما يزيد احتمال نشوب حرب عصابات طويلة الأمد.
وقال قائد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي دبرصيون جبراميكائيل السبت إن قوات الجبهة ستواصل القتال وهو ما أثار مخاوف من امتداد أجل الصراع، فيما لم يتضح إن كانت الشرطة اعتقلت أحدا من زعماء الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي كما لا يُعرف مكانهم أو خططهم للمستقبل.
وأضاف جبراميكائيل “لا يمكن لوحشيتهم إلا أن تقوي عزمنا على قتال هؤلاء الغزاة إلى النهاية”. وردا على سؤال عما إذا كان ذلك يعني أن قواته ستواصل القتال قال “بالتأكيد، الأمر يتعلق بالدفاع عن حقنا في تقرير المصير”.
وحذر دبلوماسيون في المنطقة وخبراء من أن نصرا عسكريا سريعا ربما لا يعني إشارة إلى نهاية الصراع، نظرا لتاريخ الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في المقاومة المسلحة.
ولإقليم تيغراي تاريخ من المقاومة بأسلوب حرب العصابات مع استغلال التضاريس الوعرة والحدود على مدى سنوات من الصراع المسلح في الثمانينات ضد حكومة ماركسية.
وساعدت تضاريس تيغراي الجبلية وحدودها مع السودان وإريتريا الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي خلال كفاحها الطويل ضد الدكتاتور الماركسي منجستو هايلي مريم الذي أطاحت به الجبهة في النهاية في عام 1991.
وقاتلت قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وقوات إريتريا معا ضد منجستو، لكن العلاقات بينهما ساءت بعد أن نالت إريتريا استقلالها عام 1993. وخاضت إثيوبيا وإريتريا حربا من عام 1998 إلى عام 2000 على الحدود.
ويعتقد الجيش الإثيوبي أنه بإمكانه منع حدوث ذلك من خلال الهجوم الذي يشنه منذ 4 نوفمبر الجاري للإطاحة بالجبهة واعتقال أكثر من 70 من قادتها وضباطها العسكريين.
ومن بين هؤلاء قدامى المحاربين في حرب العصابات التي استمرت 17 عاما والتي أدت إلى استيلاء جبهة تحرير شعب تيغراي على السلطة في العاصمة الفدرالية أديس أبابا في عام 1991، والذين سيطروا بعد ذلك على الجيش وأجهزة المخابرات في البلاد حتى قام رئيس الوزراء أبي أحمد بتطهيرهم عندما تولى منصبه في عام 2018 واتهمهم بالقمع والفساد، وهي الاتهامات التي
ينفونها. ويقول ويليام دافيسون، محلل شؤون إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن جبهة تحرير شعب تيغراي قد تكون قادرة على حشد أكثر من 200 ألف مقاتل من الميليشيات في القرى.
ويضيف في تصريح لـ”بي.بي.سي” “بسبب الديناميات السياسية المتغيرة على مدى العامين الماضيين كان هناك تجنيد وتدريب كبير في تيغراي”.
ولا تقدم مجموعة الأزمات الدولية تقديرا لقوة الجيش الإثيوبي، لكن تنقل وكالة رويترز للأنباء عن مجموعة جينيس للبيانات الأمنية قولها إن لدى إثيوبيا نحو 140 ألف عنصر نشط معظمهم في الجيش.
وإذا كانت هذه التقديرات صحيحة فقد يكون للجيش الإثيوبي عدد أقل من الجنود من جيش تحرير شعب تيغراي، ولكن يمكنه تعزيز أعداده بالاعتماد على القوات الخاصة للحكومات الإقليمية الأخرى حيث يسمح القانون الإثيوبي لكل من تلك الحكومات الإقليمية بالحصول على هذه الوحدات شبه العسكرية لتوفير الأمن داخل مناطقها.
وكانت القوات الخاصة من حكومة إقليم أمهرة الذي لديه نزاع طويل على الأرض مع تيغراي، قد ساعدت بشكل ملحوظ القوات الفدرالية على تأمين الأراضي في غرب تيغراي عندما بدأ الصراع.
وتسعى حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد لإخماد تمرد فصيل عرقي قوي هيمن على الحكومة المركزية لعقود قبل وصوله إلى السلطة في عام 2018.
ويعتقد أن آلافا لقوا حتفهم خلال القتال كما فر نحو 44 ألف لاجئ إلى السودان المجاور في صراع أثار تساؤلات عن مدى قدرة آبي أحمد على توحيد الجماعات العرقية المنقسمة في إثيوبيا ثاني أكبر بلدان أفريقيا تعدادا للسكان.
وقال رئيس الوزراء الذي يصف الصراع الذي استمر ثلاثة أسابيع بأنه شأن داخلي يتعلق بإعادة فرض القانون والنظام والذي رفض عروض الوساطة الدولية إن الشرطة الاتحادية ستحاول إلقاء القبض على “مجرمي” الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وتقديمهم للمحاكمة. ويُعتقد أن الآلاف قُتلوا، كما فر قرابة 44 ألفا إلى السودان منذ اندلاع القتال في الرابع من نوفمبر.
والصراع اختبار آخر لآبي أحمد الذي وصل إلى السلطة قبل عامين والذي يحاول جمع شتات خليط من الجماعات العرقية التي يتكون منها الشعب الإثيوبي الذي يبلغ تعداده 115 مليون نسمة.