الصحافة التونسية تلتحق بركب الاحتجاجات الواسعة وتلوّح بإضراب عام

تونس – يدخل الصحافيون التونسيون الخميس في "يوم الغضب" الذي دعت إليه نقابة الصحافيين على خلفية تسويف حكومة هشام المشيشي لمطالب القطاع، وذلك بعد تنفيذ احتجاج حضوري بالمؤسسات المهنية منذ ثلاثة أيام عبر حمل شارة حمراء.
ودعت النقابة إلى تنفيذ إضراب عام في قطاع الصحافة والإعلام، يوم الخميس 10 ديسمبر 2020 الموافق للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
والأربعاء، شهدت تونس اندلاع المزيد من التظاهرات والاحتجاجات في عدد من المحافظات للمطالبة بالتنمية والتشغيل وسط محاولات من الحكومة لتطويقها بإجراءات محدودة، ما دفع نحو تذكية هذه الاحتجاجات، إذ أعلنت عدة نقابات وتنسيقيات عمالية جهوية شن سلسلة من الإضرابات تنديدا بالأوضاع الاجتماعية والمهنية المزرية، وسياسة المماطلة التي تنتهجها الحكومة.
ودخل القطاع الإعلامي في تونس في احتجاجات متواترة منذ حوالي شهرين نتيجة تعنّت الحكومة في توضيح التشريعات المنظمة للقطاع، وتقديم كتلة ائتلاف الكرامة مشروع تنقيح المرسوم 116 المتعلّق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري.
وادعت حركة النهضة وحليفاها أنّ المبادرة ستدعم سوق الشغل وتتيح فرصا أكثر للصحافيين الذين يشكون من ارتفاع معدلات البطالة وكثرة الدخلاء، وظروف العمل الخارقة للقوانين والمواثيق المهنية.
في المقابل، اعتبرت الهياكل الصحافية هذه المبادرة خطرا يهدّد استقلاليّة الإعلام وحرية التعبير ويساهم في خلق الفوضى في المشهد الإعلامي، ويفتح الباب أمام المتطرّفين لإطلاق إذاعات وقنوات تلفزيّونية تخدم أطرافا حزبية وسياسية دون قانون أو رقابة، وهذا ما تسعى إليه حركة النهضة عبر حليفيها، ائتلاف الكرامة وقلب تونس، بهدف تركيع الإعلام والتحكم في القطاع السمعي البصري.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري "الهايكا" والاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة الشغيلة، قد طالبا آنذاك بإسقاط المبادرة لخلفياتها السياسية.
ومن المقرر أن ينظم الصحافيون وقفة احتجاجية بساحة القصبة، مقرّ الحكومة، وبكامل محافظات البلاد، وأمام مقر نقابة الصحافيين.
اقرأ أيضا:
وتطالب نقابة الصحافيين حكومة المشيشي، التي تتهمها بأنها "لا تتعامل بجدية مع قطاع الإعلام"، بنشر الاتفاقية المشتركة للصحافة في الرائد الرسمي وتسوية الوضعيات الهشة في القطاعين العمومي والخاص وإيجاد آليات للقضاء على التشغيل الهش في القطاع.
وقضت المحكمة الإدارية، في الـ11 من نوفمبر، استعجاليا، لصالح نقابة الصحافيين، بنشر الاتفاقية الإطارية للصحافيين في الرائد الرسمي.
يذكر أن نقابة الصحافيين التونسيين كانت وقّعت يوم 9 يناير 2019، مع الأطراف الحكومية والأطراف المتدخلة في قطاع الإعلام، وخاصة المسؤولين عن المؤسسات الإعلامية، الاتفاقية الإطارية المشتركة، وقد تضمنت من بين بنودها، إلزام المؤسسات الإعلامية بأن تكون الأولوية في الانتداب لخريجي مجال الصحافة وعلوم الإخبار والاتصال بنسبة 50 في المئة على الأقل، فضلا عن الالتزام باحترام خصوصية العمل الصحافي وحق الصحافيين في حرية الرأي والتعبير، بما يمليه عليهم ضميرهم والخط التحريري للمؤسسة.
كما حدّدت الاتفاقية راتبا أدنى للصحافي في كل المؤسسات، بـ1400 دينار خام.
وكان نقيب الصحافيين محمد ياسين الجلاصي أكد ضرورة أن تتعامل حكومة هشام المشيشي مع ملفات القطاع الإعلامي بجدية، مشيرا إلى أن النقابة ستصعّد تحركاتها، نظرا لسياسة "التسويف والمماطلة في علاقة بقطاع الإعلام والملفات العالقة، على غرار مؤسسات الإعلام المصادرة وإصلاح الإعلام العمومي وتسوية الوضعيات الهشة".
وتطالب النقابة أيضا بتفعيل إجراءات دعم الصحافيين المتضررين من جائحة كورونا، وإحداث الوكالة الوطنيّة للتصرف في الإعلانات العمومية، بالإضافة إلى الإسراع في تنفيذ قرار إلحاق إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم بالإعلام العمومي.
كما تدعو الحكومة إلى ضرورة إقرار استراتيجية واضحة في التعامل مع المؤسسات الإعلامية المصادرة التي تعاني من تدهور ومديونية مما عطل مسار التفويت فيها، ما يهدد وجودها واستمراريتها.
أما في ما يتعلّق بالإعلام العمومي، فتطالب النقابة بالشروع في إصلاح شامل وعميق للمؤسسات العمومية، وتعيين رئيس مدير عام لمؤسسة الإذاعة التونسية وفق آلية الرأي المطابق.
ويعكس تفجر موجة واسعة من الاحتجاجات هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس ما ينذر بانفجار اجتماعي وشيك قد تطول حممه الأوضاع السياسية.
وتونس التي فاقمت جائحة كورونا صعوباتها الاقتصادية، سجّلت تراجعا قياسيا بنسبة سبعة في المئة في إجمالي ناتجها المحلي، وتتوقّع عجزا قياسيا في موازنتها للعام 2020.