أي مصير لعصابة البجع بعد استقالة صهر أردوغان

أنقرة - لا يزال مستقبل عصابة البجع، التي تضاعف نفوذها في تركيا، خلال صعود أسهم بيرات البيرق، صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غامضا بعد استقالته من وزارة المالية، ومحاولة المحيطين بالرئيس التركي تحميله مسؤولية الأزمة الاقتصادية وتهاوي سعر الليرة.
ويعتقد الكثيرون أن المجموعة التي تدير بروبغاندا لا تزال تحت قيادة بيرات البيرق وشقيقه الأكبر سرحات، الرئيس التنفيذي لمجموعة تركواز الإعلامية الموالية للحكومة، وأنها تتطلع إلى تعيين البيرق على رأس حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد خروج أردوغان، مشيرين إلى أن استقالة البيرق لن تجعل عصابة البجع تنحرف عن مسارها، وأنها ستظل وفية لأردوغان بالقدر نفسه الذي تتحرك فيه تحت قيادة صهره.
وووفقا للصحافي التركي فرات أرز، الذي كان من بين أعضاء مؤسسة “بوسفور غلوبال” الفكرية، تبقى العصابة قريبة من أردوغان بقدر ما هي قريبة من عائلة البيرق.
وقال أرز إن رئيس عصابة البجع صهيب أويوت وزوجته هلال كابلان، يقدمان تقارير لأردوغان كل ثلاثة أشهر حول أنشطتها.
ونشرت “بوسفور غلوبال” تغريدة وصورة جمعت مساعد أردوغان فخرالدين ألتون، ورئيس مؤسسة “بوسفور غلوبال” سلمان أوغوت، ونائب الرئيس هلال كابلان.
واشتهرت العصابة لأول مرة بعد أن صدرت وثيقة في الأول من مايو عام 2016 تحت عنوان قضية البجع، وحددت نقاط الخلاف بين أردوغان ورئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو. وفي الشهر التالي، استقال داوود أوغلو من منصبه، في خطوة فُسرت على نطاق واسع على أنها تهميش للوزير من قبل الرئيس.
ويقول صحافيون أتراك إن المجموعة التي يمولها رجال أعمال استثمروا في “ولي العهد” ستظل وفية لأردوغان وربما تسعى إلى تهدئة الخواطر بين الرئيس وصهره ليتم لاحقا منحه حقيبة وزارية جديدة بعيدة عن الاقتصاد.
وسواء أكان البيرق أم غيره، فإن أردوغان سيعمل على تحضير خليفة له من محيطه العائلي وبدعم مباشر من رجال الأعمال والمستثمرين الذين استفادوا طويلا من المزايا التي وفرها لهم أردوغان وصهره، خاصة ما تعلق بالقروض وتوفير السيولة لإدارة مشاريعهم.
ويعتقد محللون أن أردوغان يريد الاستمرار لأطول فترة ممكنة، مدفوعا جزئيا بإحساس عميق بالهدف الأيديولوجي ولكن أيضا الخوف من فقدان السلطة، واحتمال تعرضه للانتقام بعد ترك منصبه، ولذلك يبحث عن مقرب منه على الرغم من أنه من غير المعقول أن يتمكن البيرق، الذي يفتقر إلى الكاريزما القوية التي يتمتع بها والد زوجته، من تولي زمام الأمور بنجاح، وهذا الخوف يفسر سبب اعتقاد العديد من المراقبين السياسيين بفكرة أن الرئيس كان يعده كجزء من خطة التسليم.
وتقول سينم أدار، الباحثة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، “شرعية أردوغان ونظامه تَضعف، وأصبحت مسألة الخلافة بارزة للغاية”، مشيرة إلى أن المزيد من الأتراك يتحدثون عن عالم ما بعد أردوغان.
ويتبنى آخرون وجهة نظر أكثر كآبة، بحجة أن رحيل البيرق صار يضع الرئيس في مأزق أكثر من أي وقت مضى.
ويقول سنان كيدي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مشاة البحرية في الولايات المتحدة، “ربما يكون أردوغان في مأزق من يعين مكانه، ليس من الواضح بالنسبة إليّ أن هناك إستراتيجية كبرى فيما يتعلق بكيفية انتقال السلطة وإلى مَن “.
ويترك صمت هذه المجموعة المتشابك مع أجندة حزب العدالة والتنمية السياسية، بعد استقالة البيرق، مجالا للتساؤل حول مستقبلها. وتبدو تصريحات أردوغان الأخيرة التي أعلن فيها عن فترة جديدة من الإصلاحات في تركيا، بما في ذلك القضاء، جديرة بالذكر.
وسبق أن كتب الصحافي في يومية “جمهورييت” التركية أليجان أولوداغ، أن عناصر عصابة البجع في إسطنبول يواجهون مشاكل مع وزارة العدل.
وتُعتبر إعادة تعيين أردوغان لعدد من البيروقراطيين الذين أقالهم البيرق من وزارة المالية خلال الأسبوع الماضي تطورا آخر قد لا يكون لصالح المجموعة.
ويبقى احتمال أن يدير أردوغان ظهره لمجموعة البجع واردا؛ إذ يحمل رجل تركيا القوي سجلّا يصوّر سهولة تهميشه لشخصيات كانت في دائرته المصغّرة.
بالإضافة إلى كل هذا، يمكن أن يعرّض بروز مجموعة موازية لعصابة البجع مكانتها للخطر. وأثبتت استقالة البيرق أن العصابة ليست فعالة كما يعتقد الكثيرون، وذلك بسبب عدم قدرتها على تحريك الرأي العام على وسائل التواصل الاجتماعي، دعما للبيرق.
ويشير صحافيون إلى أن عددا من الشخصيات البارزة المعروفة بعلاقاتها مع عصابة البجع، ستحول ولاءاتها إلى قصر الرئاسة بين عشية وضحاها، إذا قصّ أردوغان أجنحة عائلة البيرق.
من ناحية أخرى، أدت استقالة وزير الداخلية سليمان صويلو، الذي وُصف بأنه أكبر منافس للبيرق، إلى تحريك موجة من مؤيديه على وسائل التواصل الاجتماعي لإعادته إلى منصبه.
ويتوقع مراقبون أتراك أن عناصر من داخل حزب العدالة والتنمية، أو شريكه الأصغر حزب الحركة القومية اليميني المتشدد، سيحلون محل مجموعة البجع في حالة اضمحلالها. لكن التطوّرات ستحدد كيف ومتى يمكن اتخاذ هذه الخطوة.