اقتداء بفرنسا ألمانيا تدرس حظر "الذئاب الرمادية" التركية

برلين - صادق البرلمان الألماني الأربعاء بالأغلبية على طلب مشترك مقدم من أحزاب الائتلاف الحاكم والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) وحزب الخضر، يطالب الحكومة بدراسة حظر منظمة "الذئاب الرمادية" التركية اليمينية في ألمانيا.
وأكد مقدمو الطلب أن المنظمة عنصرية ومعادية للسامية ومعادية للديمقراطية وتهدد الأمن الداخلي في البلاد. وقد رحب الطلب المقدم إلى البرلمان الألماني بالتصرف الفرنسي مع المنظمة "وربط ذلك بالأمل في أن تتبع دول أخرى النموذج الفرنسي".
واتّهم المشرّعون الألمان جماعة "الذئاب الرمادية"، التي ينظر إليها على أنّها جناح تابع لحزب متحالف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتبنّي "عقيدة قومية وعنصرية".
وترتبط الجماعة بشكل وثيق مع حزب الحركة القومية التركي الذي يتزعمه دولت بهتشلي، المتحالف مع حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان.
وأيّد النواب مشروع قانون يطالب الحكومة "بمراقبة أنشطة الحركة في ألمانيا عن كثب والتصدي لها بحزم من خلال حكم القانون". وأورد مشروع القانون أن هناك نحو 11 ألف تركي ينتمون إلى اليمين المتطرف في ألمانيا.
وكان الجيش الألماني قد أعلن عن تحقيقات بشأن أربع وقائع تطرف داخل صفوف الجيش لها علاقة بجماعة "الذئاب الرمادية" المعروفة كذلك باسم "الشباب المثالي". وقالت الحكومة إن إحدى هذه الحالات تثبت بأدلة موثقة "عدم ولاء للدستور في الحد الأدنى".
وكانت باريس قد أعلنت بداية الشهر الحالي حل جماعة "الذئاب الرمادية" بعد يومين من فرض حظر عليها، في حين توعّدت أنقرة بردّ "حازم" على خطوة باريس، وهو ما يكشف الدعم الذي يتلقاه عناصر هذه المنظمة باعتبارهم جزءا من الدولة التركية، الأمر الذي يبرر الوقوف وراءهم.
وجاء قرار الحكومة الفرنسية بعد تشويه الذئاب الرمادية في فرنسا النصب التذكاري لضحايا حملات الإبادة الجماعية للأرمن بكتابات صفراء، كما شوهدت حشود من الأتراك الغاضبين وهم يتجولون في الأحياء الأرمنية في باريس وليون مع تصاعد ذروة القتال بين أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناغورني قره باغ.
ويدير الرئيس التركي شبكة استخبارات واسعة في أوروبا حول تجمعات المساجد والقوميين، وهو تقليد إسلامي محافظ لا يتردد أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في الإعلان عنه.
ونشأت هذه الجماعة كجزء من عملية غلاديو السرية المناهضة للشيوعية بدعم من الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة. وظهرت الجماعة كمنظمة ضمن "دولة الظل" واستمرت كأداة شبه عسكرية تستخدمها تركيا.
وكانت أولى المجموعات من طلاب القانون في جامعة أنقرة في 1966 أطلقوا على قائدهم ألب أرسلان توركش كنية "باشبوغ" أو "الجندي الرئيسي" وكانت مستوحاة من "الفوهرر". وبقي في الولايات المتحدة لفترة من الوقت خلال الخمسينات كضابط شاب في الجيش، وتدرب على الحرب غير النظامية وحرب العصابات.
وإضافة إلى الأنشطة غير النظامية في تدمير الممتلكات العامة والخاصة والمداهمات ونصب الكمائن والاغتيال والتفجير والسطو المسلح والتعذيب والتشويه والخطف، تشمل الأنشطة غير النظامية السرية التجسس ونشر الدعاية والشائعات، وتأخير الأوامر أو توجيهها، وإصدار تقارير كاذبة أو مضللة.
واستمر صعود هذه القوة شبه العسكرية برعاية الدولة التركية خلال السبعينات، وبلغ ذروته مع حكومة بولنت أجاويد، بينما كانت البلاد تتجه نحو الانقلاب العسكري في 1980.
وبدأت هذه المافيا القومية في المشاركة بنشاط في حرب تركيا ضد الحركة السياسية الكردية في التسعينات مما زاد من تعقيد علاقاتها مع الدولة. ونجحت الجماعة في السيطرة الكاملة على طريق المخدرات من أفغانستان إلى أوروبا والأميركتين.
ويرى محللون أن دور حزب الحركة القومية حاسم لتمكين أردوغان من الاستمرار في بسط سيطرته على تركيا، حيث كان دعم بهتشلي له عاملا رئيسيا وراء فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2018.