استدارة "متأخرة" لإدارة ترامب حيال تجاوزات تركيا

واشنطن - شدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أهمية مواجهة التجاوزات التركية في كل من أرمينيا وليبيا والمتوسط.
وقال بومبيو في تصريحات لصحفية "لو فيغارو" الفرنسية إن الإدارة الأميركية وأوروبا بحاجة إلى العمل المشترك لمواجهة تصرفات تركيا في الشرق الأوسط خلال الأشهر القليلة الماضية.
وأضاف "لقد أمضينا أنا والرئيس ماكرون وقتا طويلا في مناقشة الإجراءات التركية الأخيرة واتّفقنا على أنّها عدوانية للغاية"، مشيرا بالخصوص إلى دعم تركيا لأذربيجان وإرسالها لمرتزقة سوريين أكّدت يريفان أنّ أنقرة أرسلتهم لمؤازرة القوات الأذرية في ناغورني قره باغ.
وتطرق بومبيو إلى التدخل العسكري التركي في ليبيا، وتجاوزاتها في شرق البحر المتوسط، واعتبر أنّه "يجب على أوروبا والولايات المتحدة العمل معا لإقناع أردوغان بأنّ مثل هذه الأعمال لا تصبّ في مصلحة شعبه".
وشدّد الوزير الأميركي على أنّ موقف بلاده هو أنّ "تدويل هذه الصراعات مؤذ ويضرّ بكل الدول المعنية، لذلك طالبنا كلّ الدول بوقف تدخّلها في ليبيا، سواء أكانت روسيا أم تركيا أم سواهما".
وتابع قائلا "إن زيادة استخدام القدرة العسكرية التركية مبعث قلق"، لكنه لم يوضح ما إذا كان على تركيا، التي تستضيف قوات أميركية في قاعدة إنجرليك الجوية، البقاء في حلف شمال الأطلسي أو الانسحاب منه.
ومن باريس توجه بومبيو إلى تركيا في زيارة أثار برنامجها انتقادات أنقرة خاصة أنها تقتصر على لقاء مع بطريرك القسطنطينية برتلماوس الأول، الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية من دون أن تتضمن أي لقاءات مع المسؤولين الأتراك.
ويجري بومبيو زيارة لإسطنبول تتركز على مسألة "الحريات الدينية" في تركيا والتي كانت محط انتقادات في العالم المسيحي بعد قرار أردوغان تحويل كاتدرائية آيا صوفيا السابقة، المصنفة ضمن التراث العالمي للبشرية، إلى مسجد بعدما حُولت سابقا إلى متحف.
وقال مسؤول أميركي "هناك بالتأكيد أمور يمكننا مناقشتها" في مجال الحرية الدينية في تركيا منتقدا ضمنيا أداء تركيا.
وعبرت الخارجية التركية عن امتعاضها من برنامج زيارة بومبيو مؤكدة أن الحرية الدينية "محمية" في تركيا.
وقالت أنقرة "سيكون من المناسب أكثر للولايات المتحدة أن تنظر في المرآة وتفكر بالعنصرية ومعاداة الإسلام وجرائم الحقد على أراضيها".
وتبدو دعوة بومبيو إلى التحرك ضد التجاوزات التركية متأخرة بالنظر إلى أنه لم يبق في عمر الإدارة الأميركية الحالية سوى أسابيع قليلة، وبالتالي فإن الرهان الحقيقي سيكون على الإدارة الجديدة تحت قيادة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وما ستحمله معها.
وعلى مدار الأشهر الماضية وجهت انتقادات عدة لإدارة دونالد ترامب، حيال ترددها في التعاطي بحزم مع تجاوزات تركيا، الأمر الذي جعل أنقرة تتمادى في مشاريعها التوسعية.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي إن بلاده تتطلع إلى تدخل أميركي أكثر حزما في شرق المتوسط خلال ولاية الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن.
وأبدى ترامب نوعا من المرونة في التعاطي مع تركيا على الرغم من التقلبات التي شابت العلاقات التركية الأميركية خلال السنوات الأربع الماضية، وخاصة مع توجه أنقرة لشراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية والتي أثارت غضب واشنطن.
وعلى الرغم من استبعاد الولايات المتحدة لتركيا من برنامج الطائرات المقاتلة أف - 35 في 2019 بسبب اقتنائها لأنظمة الصواريخ الروسية تجاهل ترامب ضغوطا متكررة من الحزبين في الكونغرس لتنفيذ عقوبات يفرضها القانون الأميركي، كما تجاهل توصيات وزارتي الدفاع والخارجية.
وتتوجس تركيا من بادين ساكن البيت الأبيض الجديد والذي لديه مقاربة متناقضة مع ترامب الذي تصنفه العديد من الدوائر السياسية كصديق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.