شورى النهضة يعلن تأجيل مؤتمر الحركة على وقع حالة تشظ غير مسبوقة داخلها

تونس - أعلنت حركة النهضة التونسية، التي تشهد انقسامات داخلية غير مسبوقة، تأجيل مؤتمرها العام، بسبب تفشي فايروس كورونا في البلاد.
وذكر بيان صادر عن مجلس شورى الحركة، عقب اجتماع أعضائه الأحد، “نظرا للحالة الوبائية التي تمرّ بها البلاد تقرّر تأجيل موعد انعقاد المؤتمر الحادي عشر للحركة” دون تحديد موعد بديل.
وأضاف البيان أن “لجان المؤتمر ستقوم باقتراح موعد لاحق يأخذ بعين الاعتبار ما تقرره الهيئات الصحية في تونس”.
وشهد الاجتماع انسحاب أعضاء من المجلس قالت الحركة إن عددهم لم يتجاوز 24 عضوا من أصل 111 سجلوا حضورهم وذلك احتجاجا على جدول أعمال تم تعديله بعد ذلك استجابة لطلب عدد من الأعضاء، إلا أن وسائل إعلام محلية ذكرت أن مجموعة المنسحبين هم 63 من بين 140 عضوا، أي ما يقارب ثلث تركيبة المجلس، في خطوة غير مسبوقة، عكست مدى تدهور الوضع داخل الحركة الإسلامية، في ظل انقسام حول استمرارية راشد الغنوشي على رأسها.
وقال سامي الطريقي عضو لجنة الإعداد للمؤتمر، في تصريحات لوسائل إعلام محليّة، الاثنين إنه ضدّ تأجيل المؤتمر، إذ كان بالإمكان عقده في موعده المحدّد عبر تقنية الفيديو.
وتعيش النهضة على وقع أزمة داخلية حادة حيث طالب 100 قيادي في الحركة في رسالة وجهوها إلى رئيس الحزب راشد الغنوشي بعدم الترشح لدورة جديدة، والالتزام بالقانون الداخلي للحركة والذي يمنع انتخاب رئيس لها لأكثر من دورتين.
واعتبر الطريقي، عضو مجلس شورى النهضة، أنّ "تحديد مدة معيّنة لأي رئيس حزب وفرض الأمر بنصّ، مخالف للديمقراطية وأنّ الأصل في الأشياء هو الذهاب إلى المؤتمر وعرض الرئيس المتخلي على المؤتمر وهناك يقع التقييم والمحاسبة".
ويرى عدد من قياديي الحركة أن الوقت قد حان لتغيير استراتيجيات عملها، والقطع مع فكرة الزعيم الأوحد. وكان القيادي في الحركة عبداللطيف المكي قال في تصريح سابق إن النهضة تحتاج إلى برنامج قيادة جديد، مشدّدا على ضرورة تجديد قيادات الحركة، ومؤكدا أن الغنوشي ما زال متمسكا بالترشح لرئاسة الحركة لدورة جديدة.
واعتبر المكي أن رئيس مجلس الشورى عبدالكريم الهاروني طوّع مجلس الشورى لما يريده راشد الغنوشي، متصوّرا أنه بذلك يلعب دورا إيجابيا.
وكان من المقرر انعقاد المؤتمر الـ11 لحركة النهضة التونسية أواخر العام الجاري، ويقول متابعون إن قرار التأجيل لا يخلو من اعتبارات سياسية، في ظل إصرار الغنوشي على إيجاد صيغة تضمن له البقاء على رأس الحركة.
وفي وقت سابق أطلق رئيس مجلس شورى الحركة عبدالكريم الهاروني والقيادي بالحركة رفيق بوشلاكة، المحسوبان على شق راشد الغنوشي، مبادرة لتأجيل انعقاد المؤتمر المزمع عقده نهاية السنة الحالية لمدة تتراوح من سنة ونصف السنة إلى سنتين، من تاريخ التوافق بشأنه، وهو ما يعني بقاء الغنوشي على رأس الحركة عامين آخرين.
ولاقت المبادرة رفض عدد من القياديين في النهضة، إذ شدّد نورالدين البحيري في تصريحات الأسبوع الماضي، على ضرورة انعقاد المؤتمر في موعده المحدّد قائلا "لسنا في حاجة لتأجيله".
وكان القيادي المستقيل من الحركة عبدالحميد الجلاصي كشف في سبتمبر الماضي أنّ المؤتمر لن ينعقد وأنّ "الحركة تملك مؤسسات صورية في الواجهة في حين يسيّرها متنفذون".
واعتبر الجلاصي أنّ "السلطة إن تلبّست بشخص (في إشارة للغنوشي) مهما كانت مرجعيته، تنفي الديمقراطية وتكرّس للكبت والتمسّك بالتحكم في موازين القوى".
وينص الفصل الـ31 من النظام الأساسي للحركة الإسلامية على أنه "لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحزب لأكثر من دورتين متتاليتين، ويتفرغ رئيس الحزب فور انتخابه لمهامه".
وعاشت الحركة في الآونة الأخيرة موجة من الاستقالات بسبب ما وصفه عدد من قياداتها بسيطرة "هاجس الزعامة" على رئيسها راشد الغنوشي وتمسكه بالبقاء على رأس النهضة في تعدّ صارخ على النظام الداخلي.
ورأى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي، في تصريحات لوسائل إعلام محليّة، أنّ النهضة أمام طرح أخطر سؤال مفاده هل سيتمكّن الجميع من المحافظة على وحدة الحركة أم أنها ستتجه نحو الانقسام والتشرذم، وتشهد تكرّر سيناريو مصير حركة نداء تونس سابقا.
وعن هذه الفرضية، رأى الجورشي أن النهضة لن "تنتهج نسق انهيار نداء تونس السريع، لكن هذا السيناريو قائم داخل الحركة، والمسألة مرتبطة بقرار الغنوشي الذي إن لم يلتزم بقانون الحركة الداخلي، فسيؤول بها الوضع إلى استقالات جماعية متتالية تفقدها عددا من كوادرها وربما تنتهي إلى ظهور كيانات سياسية أخرى منافسة للنهضة".
والأحد، أعلنت السلطات التونسية، تمديد حظر تجول ليلي لمدة 3 أسابيع، في إطار إجراءات احترازية للحد من نفشي فايروس كورونا.
وحتى مساء الأحد، سجلت تونس إجمالا 80 ألفا و404 إصابات بكورونا، بينها ألفان و345 وفاة، وسط تحذيرات من ارتفاع معدلات تفشي الفايروس في البلاد.