أزمة إخوان تونس تتعمّق بعد انسحاب أعضاء من اجتماع مجلس الشورى

حركة النهضة تؤكد أن عدد المنسحبين لم يتجاوز 24، فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أن عددهم يصل إلى 63 عضوا.
الأحد 2020/11/15
مناورات مكشوفة

تونس - نفت حركة النهضة الإسلامية إلغاء اجتماع مجلس شورى، المنعقد افتراضيا في دورته الرابعة والأربعين، الأحد، بعد ورود أنباء عن انسحاب ثلثي أعضاء المجلس في حركة احتجاجية.

وأكدت النهضة في بيان لها أن عدد المنسحبين لم يتجاوز 24 عضوا من جملة 111 سجلوا حضورهم وذلك احتجاجا على جدول الأعمال تم تعديله بعد ذلك استجابة لطلب عدد من الأعضاء، وأن أشغال الدورة تتواصل حتى ساعة متأخرة من مساء الأحد، بشكل عادي لدراسة عدد من الملفات الوطنية والداخلية.

وكانت نقلت إذاعة "موزاييك أف أم" المحلية عن مصادرها أن اجتماع شورى النهضة، قد شهد، صباح الأحد، احتجاج وانسحاب ما يقارب ثلث تركيبته، مشيرة إلى أن مجموعة المنسحبين تمثل 63 من بين 140 عضوا ممثلا للمجلس.

وقالت المصادر إن المجموعة المنسحبة أمضت على عريضة لطلب عقد دورة استثنائية لشورى النهضة على أن يكون جدول أعمالها متضمنا لمحورين: التداول في الشأن الوطني من وضع وبائي وقانون مالية والوضع الاجتماعي، ثم الشأن الداخلي للحركة أي موضوع الانقسام الحاصل ومسألة تطبيق القانون.

وأكدت المصادر أن المجموعة فوجئت بدعوة مجلس الشورى أعضاءه للانعقاد في دورة عادية غير استثنائية يضم جدول أعمالها نقطتين بارزتين: محاسبة من أدلوا بتصريحات إعلامية (من مجموعة الـ100) والنقطة الثانية تعنى بالتداول في عمل اللجان، التي وصفتها بلجان معطلة بفعل الوضع الوبائي والداخلي للحركة.

وأضافت أنه أمام "اختيار رؤساء الحركة سياسة الهروب إلى الأمام وتجاهل مطالب مجموعة الـ63 في خرق واضح للقانون، أي أن من دعي لعقد اجتماع المجلس هو من يضع برنامج عمله، لذلك ارتأينا أن ننسحب مسجلين اعتراضنا على هذا الخرق الجسيم للقانون الداخلي لمجلس شورى النهضة". 

وأكدت الإذاعة المحلية وفقا لمصادرها من داخل الحركة أن مجموعة الـ63 قد عبرت عن احتجاجها عبر مداخلتين استنكرت فيهما لجوء "رؤساء الحركة" إلى الاستقواء بالمؤسسات. مبرزة أن من أبرز المنسحبين والموقعين على العريضة قيادات ممن صاغ وتبنى عريضة الـ100 المناهضة للتمديد لراشد الغنوشي على رأس الحركة والرافضة لخرق الفصل 31 المنظم لمسألة التداول على رأس حركة النهضة.
 

وأكد مصدر من جلس شورى النهضة أن لجنة الصحة ستدعو إلى تأجيل المؤتمر إلى موعد لاحق يحدده المجلس، وذلك نظرا للأزمة الصحية التي تمر بها البلاد في إطار مجابهة فايروس كورونا.

وتوقع متابعون هذه الخطوة في وقت يسعى فيه الشق الموالي للغنوشي إلى تأجيل موعد انعقاد المؤتمر العام للحركة في مناورة مكشوفة الهدف منها ربح الوقت وامتصاص غضب القيادات المناوئة له بذريعة المخاوف من تفشي فايروس كورونا.

وفي وقت سابق أطلق رئيس مجلس شورى الحركة عبدالكريم الهاروني والقيادي بالحركة رفيق بوشلاكة، وهما من المحسوبين على شق راشد الغنوشي مبادرة لتأجيل انعقاد المؤتمر المزمع عقده نهاية السنة الحالية لمدة تتراوح بين سنة ونصف السنة إلى سنتين، من تاريخ التوافق بشأنه، وهو ما يعني بقاء الغنوشي على رأس الحركة عامين آخرين.

ويأتي اجتماع شورى النهضة في وقت تعيش فيه الحركة على وقع انقسام داخلي وخلافات حول الغنوشي بين شقّ مؤيد لتنقيح القانون الداخلي لضمان بقائه على رأس الحركة وشق آخر يسعى لإنهاء سيطرته على مفاصل الحزب لفسح المجال أمام التداول على رئاسة الحركة.

وينص الفصل 31 من النظام الأساسي للحركة على أنه "لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحزب لأكثر من دورتين متتاليتين، ويتفرغ رئيس الحزب فور انتخابه لمهامه".

وعلى هذا الأساس بدت بوادر انتفاضة تشق صفوف الحركة من قبل مجموعة المئة قيادي والتي ترفض بشدة أي تنقيح للقانون الداخلي للحركة.

وفي الفترة الأخيرة اتسعت جبهة المعارضة من داخل النهضة لبقاء الغنوشي على رأسها، وعلت الأصوات التي تدعو إلى استبعاده من هذا المنصب وعدم تمديد ولايته لفترة ثالثة، في خطوة تدلّ على تصاعد حالة الرفض لاستئثار الغنوشي بقيادة الحركة واحتكاره فرض القرارات وعدم احترامه للنظام الداخلي للحزب.

وتوالت الاستقالات لتعمق نزيف الحركة الداخلي وهي استقالات من الوزن الثقيل خاصة بعد إعلان لطفي زيتون القيادي البارز مغادرة الحركة تنديدا بسياساتها البراغماتية.

ووجهت مجموعة المئة رسالتين للغنوشي على مرحتلين دعته إلى عدم الترشح لرئاسة الحركة، كما طالبته بعدم الضغط في اتجاه تعديل القانون الداخلي للحركة في ظل المناورات التي يقوم بها للبقاء في منصبه لولاية أخرى.

في المقابل يسعى التيار المؤيد للغنوشي للترويج إلى أن الخلافات التي تعصف بالحركة لا تعدو كونها رياحا خفيفة بمعنى أنها لن تؤثر على قوة وصلابة الحركة إلا أن الحقائق تشي بعكس ذلك تماما.

وتتجه أنظار المراقبين بانتظار ما سيؤول إليه اجتماع شورى النهضة الذي أمامه مهمة معقدة لا تقف عند رأب الصدع الداخلي بل يتجاوزه كثيرا في وقت ألقت فيه الخلافات العلنية والانشقاقات بظلالها سلبا على رصيدها الشعبي.