شق الغنوشي يتمسك بعقد مؤتمر النهضة في موعده لقطع الطريق أمام الغاضبين

تونس – أبدت قيادات موالية لشق راشد الغنوشي داخل حركة النهضة تمسكها بعقد مؤتمر الحركة الحادي عشر في موعده، في خطوة رآها متابعون محاولة لسحب البساط من تحت أقدام الغاضبين الرافضين لبقاء الغنوشي على رأس الحركة والداعين إلى ضرورة التداول القيادي.
وشدد نورالدين البحيري القيادي بالحركة وأحد أبرز المقربين للغنوشي، الجمعة، على ضرورة عدم تأجيل مؤتمر الحركة “إلاّ لأمر طارئ”، مؤكّدا أنّ مجلس شورى الحركة هو “المسؤول عن تحديد موعده وأنّه قرّر في آخر جلساته عقد المؤتمر في موفى ديسمبر القادم”.
وقال البحيري في تصريحات لوسائل إعلام محلية “أنا شخصيا بصفتي مناضلا في الحركة أدعو رئيس وأعضاء مجلس الشورى إلى مزيد الدفع من أجل أن يكون المؤتمر في موعده… لسنا في حاجة لتأجيله”.
وتابع “لجنة الإعداد المضموني ولجنة الإعداد المادي بصدد الاشتغال وقد تم انتخابهما بطريقة ديمقراطية وشفافة والحركة مستعدّة لعقد مؤتمرها ويجب أن تكون مستعدّة لعقده في الموعد إلا إذا استحال الأمر لأمر طارئ”، مستدركا “القرار في النهاية يعود لقيادات الحركة”.
واعتبر البحيري أنّ ما يحدث داخل الحركة أمر عادي يحدث في كل حزب بالبلاد، قائلا “هناك حوار ونقاش.. أحيانا يحتدان وأحيانا يخرجان عن المساحات المخصصة لهما”.
ورأى متابعون أن تصريحات البحيري بمثابة مناورة جديدة بهدف تهدئة الغاضبين، ومحاولة لإيهام الرأي العام المحلي والدولي أن ما يجري داخل الحركة خلافات عادية بوسعها تجاوزها، وأنها مازالت حزبا متماسكا. ويعتقد هؤلاء أن البحيري يوجه بتصريحاته رسائل إلى الشق الغاضبين مفادها أن الغنوشي يحظى بدعم كبير والحزام المحيط به قوي ويصعب تنحيته من على رأس الحركة.
وتشهد الحركة صراعا حول المؤتمر الحادي عشر. وتعمقت الخلافات مع دعوة 100 قيادي الغنوشي إلى عدم الترشح مجددا لرئاسة الحركة، وهو ما دفع الغنوشي إلى الاستنجاد بقيادات قديمة على غرار رياض الشعيبي وحمادي الجبالي، وهي قيادات غادرت النهضة منذ فترة، لتخفيف الضغط عليه.
لكن أزمة النهضة تعمقت، مع تواصل نزيف الاستقالات وهي استقالات من الوزن الثقيل بعد إعلان لطفي زيتون القيادي البارز مغادرة الحركة تنديدا بسياساتها البراغماتية.
ويعتقد الناشط السياسي والحقوقي مصطفى عبدالكبير في حديثه لـ”العرب” أن “البحيري الذي يجيد لعبة المناورات السياسية (حسب وصفه) يريد أن يقول لمناهضي الحركة إنها قادرة على حسم الموقف وتحديد موعد المؤتمر”.
وتابع عبدالكبير “لقد أراد توجيه رسالة إلى الغاضبين بأن الحزب بحاجة إلى توحيد صفوفه”. كما تعكس تصريحات البحيري الدعم القوي الذي يحظى به الغنوشي، وأن الجناح الذي يواليه قادر على تسيير شؤون الحزب طالما أنهم أعضاء منتخبون في المجلس الوطني وقادر على امتصاص الأزمة الداخلية.
وبرأي المتابعين، فإن الأزمة الداخلية للحركة ستراوح مكانها، إلى غاية الحسم في موعد المؤتمر بشكل نهائي.
ويشير المحلل السياسي فريد العليبي لـ”العرب” إلى أن “وقوع المؤتمر أو عدم وقوعه سيظل مرتبطا بالتطورات في المدة الوجيزة المتبقية من تاريخ انعقاده”، لافتا إلى أن جميع الأطراف تريد استثمار الأزمة لصالحها، كما أن الاستقالات تشكل عنصر ضغط على الغنوشي وجناحه.
وتابع العليبي “خلال هذه الفترة ستجري كثير من المياه في نهر حركة النهضة وفي صلة بذلك سيتخذ القرار النهائي بشأن المؤتمر”، متوقعا في النهاية إرجاءه إلى موعد لاحق.
وعلى رغم محاولات جناح الغنوشي التخفيف من حدة الخلافات والانشقاقات داخل الحركة التي ألقت بظلالها سلبا على رصيدها الشعبي، يرى العليبي أن “حركة النهضة لم تعد كما السابق موحدة وإنما دخلت مرحلة التنابذات”، وقد أقر الغنوشي بذلك في حواره الأخير على التلفزيون الرسمي.
وبدأت تحركات الإطاحة بالغنوشي داخل النهضة منذ شهر مايو الماضي عندما طالبت مجموعةٌ من قيادات الصفّ الأوّل للحركة، أطلقت على نفسها تسمية مجموعة “الوحدة والتجديد”، بضمان التداول القيادي في الحركة، ما يسمح بتجديد نخبها وذلك وفق مقتضيات نظامها الأساسي والأعراف الديمقراطية وسلطة المؤسسات.
وينص الفصل 31 من النظام الأساسي المنقح للنهضة، والمتعلق بشروط انتخاب رئيس الحزب على أنه لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحزب لأكثر من دورتين متتاليتين، وأن يتفرغ رئيس الحزب فور انتخابه لمهامه على رأس الحركة.