"مهندس اللا اتفاق" يغادر الحكومة البريطانية

لندن – يغادر دومينيك كامينغز، المهندس المثير للجدل في حملة 2016 لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، منصبه كأبرز مساعد لرئيس الوزراء بوريس جونسون فور استكمال عملية بريكست، في خطوة قال مراقبون إنها تؤذن بتحوّل في مقاربات الحكومة البريطانية المحافظة.
وانتشرت صور كامينغز في وسائل الإعلام بزيّه الرسمي، وقميصه الأبيض ذي الياقة المجعدة، وأطلقت عليه الصحافةُ وصف “مهندس اللا اتفاق”، كما ووصفته أيضاً بـ”السياسي سفنغالي”، وأطلقت عليه لقب “غريغوري راسبوتين” الذي عُرفَ بتأثيره على العائلة الحاكمة في روسيا إبان حكم القياصرة ما دفع القيصر إلى قتله والتخلص منه، وكان ذلك في العام 1916.
وستتزامن مغادرة كامينغز لمنصبه في نهاية العام مع انتهاء فترة بريكست الانتقالية عندما تبدأ بريطانيا مرحلة جديدة خارج نطاق قواعد الاتحاد الأوروبي في 1 يناير المقبل.
وقال كامينغز لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، بعد تكهنات بأنه سيلحق بمدير الاتصال في الحكومة البريطانية وحليفه في معسكر “المغادرة” لي كاين “الشائعات حول التلويح بالاستقالة ملفقة”.
وأوضح “موقفي لم يتغير منذ مدونتي في يناير”، التي كتب فيها أنه سيكون “زائدا عن الحاجة إلى حد كبير” بحلول نهاية عام 2020.
وتم تعيين كامينغز، الغامض والمعروف بملابسه غير التقليدية ونهجه في السياسة والقائم على المواجهة، ككبير مستشاري حكومة جونسون عندما وصل الأخير إلى السلطة في يوليو 2019.
ويشتبه في أنه كان يقف وراء إقالة عدد من مساعدي وزراء متهمين بعدم الدفاع عن قضية بريكست بشكل كاف.
وساعد في تحقيق جونسون انتصارا انتخابيا كبيرا في ديسمبر الماضي، لكن أسلوبه الذي تشير تقارير إلى أنه متسلّط وانخراطه المتكرر في سجالات مع زملائه يتسبب في توتر مستمر.
وتأتي هذه الاضطرابات داخل السلطة فيما شرعت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في جولة أخيرة من المفاوضات للتوصل إلى صفقة تجارية قبل نهاية الفترة الانتقالية لما بعد بريكست، الوشيكة.
وفي حال “عدم التوصل إلى اتفاق” مع نهاية العام، ستتوقف بريطانيا التي خرجت رسميا من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير الماضي، عن تطبيق المعايير الأوروبية، وستتم إعادة فرض الرسوم الجمركية والحصص بين لندن والدول الـ27.
وقال وزير النقل غرانت شابس لقناة سكاي نيوز “سنفتقده، لكننا ننتقل إلى مرحلة مختلفة” مع اقتراب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأثار ” مهندس بريكست” جدلا واسعا في وقت سابق هذا العام بعدما قام برحلة داخلية خلال فترة الإغلاق الرامية إلى احتواء كوفيد – 19، بدا أنها شكّلت خرقا للقواعد الصارمة التي ساهم هو نفسه في وضعها.
وقال كامينغز، الذي كان يعاني من أعراض كوفيد – 19 حينها، بينما أصيبت زوجته كذلك بالفايروس، إن الجولة كانت ضرورية لضمان عثوره على خيارات مناسبة لرعاية نجلهما الأصغر.
وقوبلت خطوته بانتقادات غاضبة شعبية وسياسية لكنه رفض الاستقالة بينما وقف جونسون إلى جانبه رغم الثمن السياسي الكبير لذلك.
وساهم كامينغز مذاك في قيادة إدارة الحكومة للوباء بينما يعتقد بأنه مهندس خطة جونسون الطموحة لإجراء ملايين الفحوص يوميا قصد السماح للأشخاص الذين لا يعانون من كوفيد – 19 بالانتقال بحرية.
وواجهت الحكومة البريطانية انتقادات واسعة جرّاء طريقة تعاطيها بشكل مركزي مع الأزمة.
وسجّلت بريطانيا أكثر من 50 ألف وفاة بالفايروس منذ تفشيه، وهي أعلى حصيلة على مستوى أوروبا، بينما لا تظهر أي مؤشرات على قرب انحسار الموجة الثانية.
وتصدى جونسون لارتفاع عدد الإصابات عبر فرض إغلاق جزئي مدته أربعة أسابيع في إنجلترا، ما أثار حفيظة العديد من نواب حزبه المحافظ.
وقال النائب المحافظ برنارد جنكن إن مغادرة كامينغز ستكون فرصة لإعادة “الاحترام والنزاهة والثقة” بين النواب وداونينغ ستريت، وهو أمر “افتُقد في الأشهر الأخيرة”.
وأضاف جنكن “إنها فرصة لإعادة إطلاق الطريقة التي تعمل من خلالها الحكومة والتأكيد على بعض القيم بشأن ما نرغب في أن نوصله كحزب محافظ في الحكومة”.
وتأتي الأنباء بعد يوم فقط من استقالة لي كاين، مدير الاتصالات لدى جونسون، والذي يعد حليفا مقرّبا من كامينغز كان من أبرز الداعمين لبريكست في استفتاء 2016.
وعُرض على كاين، المعروف بدرجة أقل والذي كان صحافيا أنه ارتدى في إحدى المرات زي دجاجة لاستفزاز رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، منصب كبير الموظفين. لكن ردود الفعل الغاضبة في أوساط المحافظين والمقرّبين من جونسون دفعته إلى الاستقالة.
ومن شأن مغادرتهما أن تؤذن بتحوّل في مقاربة استراتيجية حكومة جونسون. وشبّه النائب ديفيد لامي من حزب العمال المعارض مغادرتهما بـ”بفرار جرذان من سفينة غارقة”.
ورأى لامي أن “إرثه (كامينغز) عبارة عن تنمّر وخداع وعجرفة”.