أردوغان يواصل نهجه التحريضي بشحن العداء ضد أوروبا

الرئيس التركي يعتبر أن تصاعد العداء ضد الإسلام في فرنسا دليل على استمرار ما وصفها بـ"العقلية المنحرفة" التي أودت بأوروبا إلى الكوارث.
السبت 2020/10/31
العداء بين ماكرون واردوغان يتفاقم

أنقرة - اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تصاعد العداء ضد الإسلام في بعض البلدان، وفي مقدمتها فرنسا، دليل على استمرار "العقلية المنحرفة" التي أودت بأوروبا إلى الكوارث مرات عديدة.

جاء ذلك في خطاب ألقاه السبت خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية، بولاية "وان" شرقي تركيا.

وأضاف "مَن يدافع عن التصرفات القبيحة بحق نبي أو زعيم دولة تحت غطاء الحرية يلحق الضرر بمفهوم الديمقراطية".

وتابع: "مؤلم للغاية أن يؤدي طريق القيم الأوروبية إلى الدفاع عن الإساءة إلى رموز المعتقدات والمجتمعات الأخرى".

وأشار الرئيس التركي إلى أن العالم يشهد في الوقت الراهن آلام الانتقال إلى عصر سياسي واقتصادي جديد.

وأوضح أن القرن الماضي كان قد مرّ بالبحث عن الديمقراطية والحرية بجانب حروب وممارسات استعمارية لا حدود أخلاقية لها، أدت إلى مقتل مئات الملايين من البشر.

وأردف: "إننا نرى بأن أمراضًا مثل الفاشية والعنصرية وكراهية الأجانب لدى الدول الغربية، التي تقدم نفسها على أنها مهد الديمقراطية والحرية، قد انتكست على الفور في أول أزمة خطيرة واجهتها".

ولفت إلى أن البلدان التي كانت لسنوات تشجع قدوم الناس الذين تراهم قوة عاملة رخيصة للعمل في أراضيها من مناطق مختلفة في العالم، باتت اليوم تغلق حدودها في وجه طالبي اللجوء.

وقال إن الذين رأوا رفاهيتهم وأمنهم يتعرضان للخطر والتهديد، بسبب المشاكل الناجمة عن تعصبهم السياسي والاجتماعي، بدأوا يلقون بأنفسهم فجأة في مستنقع الفاشية.

وشهدت فرنسا خلال الأيام الماضية، نشر صور ورسوم كاريكاتورية مسيئة إلى النبي محمد (ص)، عبر وسائل إعلام، وعرضها على واجهات بعض المباني، ما أشعل موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي.

وفي 21 أكتوبر الجاري، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بلاده لن تتخلى عن "الرسوم الكاريكاتورية"، ما ضاعف موجة الغضب في العالم الإسلامي، وأُطلقت في بعض الدول حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية.

اردوغان يوظف "الدفاع عن الإسلام" خدمة لسياسته
اردوغان يوظف "الدفاع عن الإسلام" خدمة لسياسته

وفتح أردوغان جبهة مواجهة جديدة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على خلفية خطة هذا الأخير لمواجهة التطرف ونشطاء الإسلام السياسي على أراضيه.

وتفاقم التوتر بين الرئيس التركي ونظيره الفرنسي على خلفية دفاع الأخير عن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد وتمسكه بها.

ويحاول كل منهما توظيف قضية الإساءة للنبي محمد التي هزت العالم العربي والإسلامي، في صراع قائم بين الرئيسين منذ العام 2017، حيث يحاول كل منهما التحريض على الآخر وتشويهه.

ويرى مراقبون أن أردوغان، الذي ينصب نفسه حاميا للإسلام والمسلمين حول العالم، وجد في الجدل القائم بشأن مواجهة التطرف الإسلامي بوابة لتصفية الحسابات المؤجلة مع ماكرون الذي تحتضن بلاده أكبر جالية مسلمة في أوروبا.

وتتواجه باريس وأنقرة في عدد من الملفات، بدءا بالتوتر السائد في شرق المتوسط والنزاع في ليبيا وأيضا في سوريا، وصولا إلى الاشتباكات التي اندلعت أخيرا في ناغورني قره باغ. ويرى متابعون أنه لا يمكن فصل هذه الخلافات السياسية عن مهاجمة الرئيس التركي لفرنسا وشخص رئيسها الذي يقود جبهة أوروبية لمواجهة الأجندات التركية على أكثر من جبهة.

وأعرب ماكرون السبت عن "تفهمه" لمشاعر المسلمين إزاء الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد، دون أن يعلن صراحة رفضه الإساءة للإسلام.

وقال ماكرون في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية، إن "الرسوم الكاريكاتورية ليست مشروعا حكوميا بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة"، مضيفا "أتفهم مشاعر المسلمين إزاء الرسوم الكاريكاتورية".

ولم يعلن الرئيس الفرنسي صراحة رفضه هذه الرسوم أو الإساءة للإسلام، بعد أيام من إعلانه تمسكه بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة.

وفي ذات السياق قال ماكرون، إن "ما يمارس باسم الإسلام هو آفة للمسلمين بالعالم، وأكثر من 80 بالمئة من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين"، معتبرا أن "هناك أناس يحرّفون الإسلام وباسم هذا الدين يدّعون الدفاع عنه".

وهذه المقابلة هي الأولى التي يجريها الرئيس الفرنسي منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للفرنسيين والتي اندلعت على خلفية تصريحاته التي دافع فيها عن نشر الرسوم الكاريكاتورية باسم حرية التعبير عقب قتل مدرس بالقرب من باريس عرض على تلامذته رسوما كاريكاتورية للنبي.

وقالت مصادر في محيط ماكرون إن الرئيس الفرنسي يسعى في هذه المقابلة "الطويلة" إلى "توضيح رؤيته بطريقة هادئة"، مع رغبته في إظهار أن "تصريحاته حول محاربة الانعزالية تم تشويهها و(تصريحاته) حول الرسوم الكاريكاتورية يتم عرضها بطريقة كاريكاتورية في أغلب الأحيان".