المال الأسود "دينامو" العملية الانتخابية في الأردن

الإخوان يستبقون انتكاسة في الاستحقاق التشريعي بالتحذير من "أياد خفية".
السبت 2020/10/31
المال السياسي يهدد الانتخابات

عمان – احتدمت المنافسة بين المترشحين في بعض الدوائر الانتخابية في الأردن، مع اقتراب موعد الاستحقاق الذي لم يعد يفصل عنه سوى أيام قليلة. وعلى غرار الانتخابات السابقة ينشط المال السياسي أو “الأسود” كما يحلو للبعض توصيفه بقوة، رغم التحذيرات الرسمية وفتاوى التحريم.

وتجري الانتخابات التشريعية في الأردن في العاشر من نوفمبر في ظروف جد استثنائية في علاقة بتفشي جائحة فايروس كورونا، وسط توقعات بعزوف الناخبين عن الذهاب لصناديق الاقتراع خشية الإصابة بالعدوى، فضلا عن شعور متأصل بأن هذا الاستحقاق كما سابقيه لن يغير من واقعهم المعيشي المتدهور شيئا.

وتقول دوائر سياسية إنه وبالرغم من الرقابة الشديدة التي تمارسها أجهزة الدولة، إلا أن المال السياسي حاضر وبقوة في العملية الانتخابية، لاسيما في الدوائر التي تشهد منافسة كبرى على غرار ما يعرف بدائرة “الحيتان”.

وقال مفتي المملكة الشيخ عبدالكريم الخصاونة في وقت سابق إن “من يلجأ للمال الفاسد وتقديم الأموال لشراء الأصوات هم غير أكفاء، ومن يدفع المال منهم مقابل انتخابه، فقد ارتكب جريمة وإثما مبينا، ويحرم على الناخب أن يأخذ مالا مقابل صوته لأن الإدلاء بالصوت إدلاء بشهادة لقوله تعالى (ستكتب شهادتهم ويسألون)، والشهادة لا تصلح أن تكون محلا للبيع أو المساومة وأي مال يتقاضاه الإنسان نتيجة ذلك فهو مال حرام ‘سحت’، والسحت النار أولى به، وبالنتيجة سيصل إلى مجلس الأمة المرتقب من ليس أهلا لذلك”.

الجماعة تعمد مع اقتراب كل استحقاق انتخابي إلى الترويج لوجود قوى “خفية” تحاول النيل منها، في محاولة لشد العصب إليها، واستباقا لأي انتكاسة تحدث

وعن الهدايا والهبات التي يقدمها المرشحون للناخبين مقابل شراء الأصوات، أكد مفتي المملكة أنه “حرام ورشوة، كما يحرم على الناخب أن يتأثر بأعطيات وهبات المرشحين فيؤدي شهادته على غير وجهها الصحيح، وبذلك يخون أمانته ويزور شهادته”.

وسبق أن حذر عضو مجلس الأعيان ووزير الإعلام الأسبق محمد المومني من أن استخدام المال السياسي “إفساد للعملية الانتخابية وتعد صارخ على الحقوق السياسية للمواطنين ونزاهة التمثيل الذي هو حق دستوري”.

وعلى خلاف الاستحقاقات السابقة شهد عدد المترشحين لهذه الانتخابات ارتفاعا لافتا، ولئن تبدو النتائج محسومة سلفا في دوائر، إلا أنها تسجل في أخرى منافسة محتدمة لاسيما في الدائرة الثالثة في عمان حيث تتنافس قائمة “معا” المدنية مع قائمة “تحالف الإصلاح الوطني” التابعة لجماعة الإخوان وقائمة “المستقبل”.

وتواجه قائمة “معا” تحديات كبرى في هذا الاستحقاق، لاسيما بعد الزلزال الذي ضرب التحالف المدني باستقالة أسماء وازنة منه قبل أسابيع قليلة على غرار استقالة أحد مؤسسيه مروان المعشر.

قيس الزيادين: لن يهزمنا كورونا ولن يهزمنا المال السياسي الأسود
قيس الزيادين: لن يهزمنا كورونا ولن يهزمنا المال السياسي الأسود

وتشكل الاستقالات من التحالف المدني مادة خصبة لمهاجمة القائمة المحسوبة عليه من قبل الخصوم ولاسيما الإسلاميين الذين يعتبرون أن فوزهم في دائرة عمان 3 مهم جدا لما تحمله من دلالة رمزية وسياسية.

وقال المترشح عن قائمة “معا” قيس زيادين في تغريدة على موقعه على “فيسبوك” “لن يهزمنا كورونا ولن يهزمنا المال السياسي الأسود أو الإشاعات والافتراءات”.

وشهدت دائرة عمان ثلاثة في الأيام الماضية انسحابات من قائمتي “معا” و”الإصلاح”، الأمر الذي قد يؤثر على حظوظهما في الاستحقاق.

وكان انسحب المحامي والناشط السياسي عمر العطعوط، الذي يحظى بحضور وازن في العاصمة عمان، من قائمة “معا”، كما انسحب النائبان السابقان منصور سيف الدين مراد وعودة قواس من قائمة الإصلاح.

واتهم تحالف الإصلاح الإخواني بوجود أياد خفية تحاول ضرب القائمة وقال المرشح صالح العرموطي في تسجيل مصور إن ضغوطا تمارس على قائمته الانتخابية للتأثير على حملته الانتخابية، محذرا “من أنه سيكشف وبالتفاصيل الموثقة إذا لم يرتدع المتربصون بحقوقه القانونية في الانتخابات”.

ويشكك مراقبون في حقيقة ادعاءات العرموطي، لاسيما وأن جماعة الإخوان كانت حصلت قبل إعلان مشاركتها في الاستحقاق على تعهدات من الجهات الرسمية بأنه لن تكون هناك أي ضغوط تمارس ضدها.

ويقول المراقبون إن الجماعة تعمد مع اقتراب كل استحقاق انتخابي إلى الترويج لوجود قوى “خفية” تحاول النيل منها، في محاولة لشد العصب إليها، واستباقا لأي انتكاسة تحدث.

وكانت جماعة الإخوان حققت نتائج متواضعة في الاستحقاق السابق، رغم دخولها في تحالف ضم أسماء وازنة، ويتوقع أن يتكرر ذات السيناريو لاسيما مع تراجع منسوب الدعم الشعبي لها، في ظل المردود الهزيل لنوابها في البرلمان المنتهية ولايته.

2