الغنوشي يناور مجددا للبقاء على رأس النهضة

تمسك الغنوشي بمنطق الاستئثار يهدد بتفكك الحركة الإسلامية في تونس.
الاثنين 2020/10/26
التشبث بالمنصب يهدد الحركة بالانهيار

تونس - أثارت مبادرة تقدم بها قياديان من حركة النهضة الإسلامية، الأحد، لتأجيل انعقاد المؤتمر الحادي عشر عامين آخرين، غضبا واسعا في صفوف ما يعرف بقائمة المئة المعارض حيث اعتبروها أقرب للمناشدة وغير وازنة داخل الحركة.

وأكد زبير الشهودي القيادي في حركة النهضة في تصريح لإذاعة محلية "أن مبادرة رئيس مجلس الشورى بحركة النهضة عبدالكريم الهاروني وصهر الغنوشي رفيق بوشلاكة هي صيغة من صيغ المناشدة".

وأضاف الشهودي "طلبنا واضح هو احترام القانون باحترام الفصل 31 بينما تتحدث المبادرة عن الفصل 32 الذي يحدد مهام رئيس الحركة وفي ذلك تحويل وجهة لموضوع الجدال الرئيسي".

 وتابع "من الواضح أن جوهر المبادرة المس من صلاحيات رئيس الحركة القادم"، مبرزا أن "رئيس الحركة الحالي كامل الصلاحيات ورئيس الحركة المقبل إثر المؤتمر الحادي صلاحياته مجتزئة ومشتتة، وهو ما نرفضه قطعا ونتمسك بقيادة شرعية منتخبة كاملة الصلاحيات".

وشدد الشهودي على رفضه لأي تغيير جذري ونوعي يمس من مؤسسات الحركة ويشتت رئاستها بتوزيعها على رئاستين موازيتين عبر بعث سلطة تنفيذية موازية (المجلس الاستراتيجي) لسلطة رئيس المكتب التنفيذي، رئيس الحركة.

وعبر القيادي النهضاوي عن رفضه تأجيل المؤتمر القادم تحت أي مبررات وعدم المس من الفصل 31 الذي يحدد مدة رئاسة الحركة.

زبير الشهودي: مبادرة صهر الغنوشي صيغة من صيغ المناشدة
زبير الشهودي: مبادرة صهر الغنوشي صيغة من صيغ المناشدة

وينصّ الفصل 31 من النظام الداخلي لحركة النهضة على أنه "لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين".

وتتضمن المبادرة التي اقترحها القياديان المحسوبان على شق راشد الغنوشي تأجيل انعقاد المؤتمر المزمع عقده نهاية السنة الحالية لمدة تتراوح بين سنة ونصف السنة إلى سنتين، من تاريخ التوافق بشأنه، وهو ما يعني بقاء الغنوشي على رأس الحركة عامين آخرين.

وبررا تأجيل المؤتمر بالحالة الصحية الاستثنائية التي تمر بها  البلاد بسبب جائحة كورونا، والحاجة لإدارة حوار معمق حول مختلف القضايا الإستراتيجية الكبرى التي تخص البلاد ووضع الحركة، والذهاب إلى المؤتمر بتوافقات صلبة بين النخبة القيادية، إضافة إلى"تعثر لجان إعداد المؤتمر في إشغالها بسبب الصراعات الداخلية".

وتتضمن أيضا الفصل بين رئاسة الحركة والترشح للمناصب العليا في الدولة بعد انتخابات 2022، ومن ذلك الإعلان رسميا في المؤتمر القادم بأن زعيم الحزب هو المرشح الرسمي للمناصب السيادية في الدولة.

وتعكس هذه المبادرة مناورة جديدة من الغنوشي في تمديد عهدته على رأس الحركة وتحقيق طموحه الجارف بالترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.

وأكد الشهودي أن المبادرة خالفت قيم الديمقراطية لحزب مدني وهي لا تحظى بالقبول وغير وازنة فضلا عن تناقض رأي الشخصين اللذان عبرا سابقا عن دعمهما لمبادرة مجموعة المائة.

وتوجهت مجموعة المئة قيادي في حركة النهضة برسالة جديدة، في أكتوبر الحالي، للغنوشي دعته فيها إلى عدم الترشح لرئاسة الحركة، كما طالبته بعدم الضغط في اتجاه تعديل القانون الداخلي للحركة.

وبرزت منذ المؤتمر العاشر للحركة الذي عُقد في مايو من عام 2016 حالة تململ في صفوف قيادات وازنة في النهضة لطريقة تعاطي الغنوشي سواء مع الشأن الداخلي الحزبي، أو في علاقة بالشأن العام التونسي، وسرعان ما تحول هذا التململ إلى صراع مكشوف بين تيار يطالب بتغيير قيادي وإداري، وآخر يتمسك بما يصفه بـ"الشرعية" التي أفرزها المؤتمر، ويرى في الانتقادات الموجهة إليه "تمردا".

ويرى مراقبون أن انقسام الحركة بات واقعا تعبر عنه الاتهامات المتبادلة بين الفريقين المتخاصمين والقطيعة بين الغنوشي وبطانته من جهة والمطالبين بتطبيق القانون من جهة أخرى، خاصة وأنه يوجد من بين معارضي رئيس الحركة قيادات من الوزن الثقيل ومؤسسين للحزب.

ويبدو أن الصراع داخل النهضة رغم ما تدعيه من ديمقراطية واحترام للقانون ليس حرب أفكار بل حرب مواقع بالأساس.