الكاظمي: أرقص يوميا بين الثعابين باحثا عن مزمار للسيطرة عليها

رئيس الوزراء العراقي يقول إنّه سيدخل في مفاوضات مع واشنطن بشأن سحب قواتها وشروط إعادة انتشارها بعد انتهاء الانتخابات الأميركية.
الجمعة 2020/10/23
محاولة للسيطرة

لندن – شدّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في تصريح صحافي عقب لقائه نظيره البريطاني بوريس جونسون، على أنه مجبر على تحقيق توازن مستحيل بين الولايات المتحدة وإيران.

وأوردت صحيفة الغارديان البريطانية عن الكاظمي قوله إنه مجبر على السير على طريق وسط بين الولايات المتحدة وإيران، الدولتان اللتان تتصارعان على النفوذ داخل العراق، متابعا "أقف على حبل بين بنايتين شاهقتين. لست مطالبًا بالسير عليه، بل بقيادة دراجة على ذلك الحبل".

وأضاف "أرقص يوميًا مع الثعابين ولكني أبحث عن مزمار للسيطرة عليها "، فيما بدا إشارة إلى الميليشيات الموالية لإيران.

ويجري الكاظمي منذ أن تولى منصبه تغييرات على الموظفين في بعض المؤسسات الأمنية والاقتصادية، كما أقرّ إجراء انتخابات برلمانية مبكّرة، وجدّد وعده للعراقيين من لندن  بأن "موعد الانتخابات المقرّر في 6 يونيو القادم لا جدال فيه ونحن ملتزمون به".

وتنتقد جهات سياسية بطء الإصلاحات التي وعد بها الكاظمي وهو ما رد عليها بالقول إن الصبر والعمل ببطء أفضل من الانجرار إلى فوضى دموية وحرب أهلية، معلّقا "1000 عام من النقاش أفضل من لحظة تبادل إطلاق النار".

وتصاعدت المخاوف مؤخرا من أن يصبح العراق مسرحًا لمواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، بعد أن خفضت واشنطن من قواتها البالغ عددها 5000 جندي في العراق، وهددت الشهر الماضي بإغلاق سفارتها ما لم تكبح الحكومة العراقية هجمات الميليشيات الموالية لطهران.

لكن الميليشيات تتمسّك بانسحاب القوات الأميركية من العراق كشرط لوقف إطلاق النار، ووعدت بالإلتزام بوقف النيران إذا تمّ تحديد جدول زمني واضح لانسحاب القوات الأميركية.

وذكرت الصحيفة البريطانية أنّ رئيس الوزراء العراقي سيدخل بعد الانتخابات الأميركية المقررة في 3 نوفمبر المقبل، في مفاوضات حساسة بشأن سحب واشنطن لقواتها وشروط إعادة انتشارها، بقوله "الكل يبحث عن فرصة للحوار.. نحن نبحث عن فرصة لتجاوز هذه القضية الشائكة وتداعياتها، أيا كان من في البيت الأبيض".

وأشار إلى أن الخلايا المتبقيّة من تنظيم الدولة الإسلامية لا تزال تمثل تهديدا يوميا للعراق، متعهّدا في الوقت نفسه، بإخضاع الميليشيات المدعومة من إيران للسيطرة، ومشدّدا على أنه "لن يسمح بأي سلاح خارج سيطرة الدولة".

وأقدمت وحدات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، السبت، على إحراق مكاتب الحزب الديمقراطي الكردستاني في وسط بغداد. كما تعرض ما لا يقل عن ثمانية مواطنين في محافظة صلاح الدين لإطلاق النار على أيدي مليشيات موالية لإيران.

وفي تعليق على المسألة، شدّد الكاظمي على أنّ نقص الوظائف وسوء الخدمات الصحية والفساد هو ما دفع هؤلاء الشباب إلى التشدد ، مضيفًا أن دولًا أخرى مثل كولومبيا وجدت طريقًا لتسريح الجماعات المتشددة.

خطوات لتعزيز التعاون الثنائي
خطوات لتعزيز التعاون الثنائي

وعُيِّن الكاظمي كرئيس للوزراء في يونيو الماضي، ووصل إلى السلطة، بعد انتفاضة أكتوبر التي خرج خلالها العراقيون في احتجاجات شعبية غير مسبوقة مناهضة للحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد والتبعية للخارج، ومنذ ذلك الحين يحكم ببرنامج مرحلي يهدف لإجراء انتخابات مبكرة، وتحسين الأمن، ومنع انهيار اقتصاد بلاده المعتمد بنسبة 98 بالمئة على عائدات النفط.

وكان من بين الأسماء المتداولة لشغل رئاسة الحكومة منذ استقالة سلفه عادل عبدالمهدي مطلع ديسمبر الماضي تحت ضغط الاحتجاجات، غير أن الكاظمي لم يكن الخيار الأول للقوى السياسية وخاصة الشيعية التي تتولى تسمية رئيس الوزراء على اعتبار أن المنصب من حصتها وفق العرف السياسي المتبع منذ 2003 والمعروف باسم المحاصصة، حيث رشحت القوى السياسية الشيعية محمد توفيق علاوي ثم عدنان الزرفي اللذين لم ينجحا في دعم الحشد اللازم لتمرير حكومتيهما في البرلمان.

ويبدو أن الكاظمي كان الخيار الأخير، إلا أن الرجل، المعروف بفض النزاعات والتوسط بين القوى السياسية المتصارعة على مدى سنوات، نجح في الاختبار.

وبحث رئيس الوزراء العراقي الخميس، مع ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز تطوير آفاق التعاون بين البلدين.

واتفق الكاظمي، في وقت سابق الخميس، مع نظيره البريطاني بوريس جونسون على تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، وفي مجال مكافحة الإرهاب، خلال لقاء جمعها في لندن.

وزيارة الكاظمي إلى لندن هي المحطة الأخيرة والأهم ضمن جولته الأوربية التي بدأها الأحد، حيث شملت أيضا فرنسا وألمانيا.

والاثنين الماضي وقع العراق وفرنسا ثلاث مذكرات تفاهم في مجالات النقل والزراعة والتعليم لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجال تطوير القدرات المؤسساتية الزراعية العراقية وإنشاء قطار معلق في بغداد إضافة إلى تعزيز التعاون في مجال التعليم بين البلدين وتوسيع قبول الطلبة العراقيين في الجامعات الفرنسية.

وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي مع الكاظمي، إن بلادها ستقدم الدعم لخطط العراق الاقتصادية الطموحة وجهودها لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد وأكدت على وقوف بلادها بشكل ثابت إلى جانب العراق ودعمه في مجالات الأمن والنمو وتطوير الاقتصاد.

وحث رئيس الوزراء العراقي أوروبا على المساعدة في دعم اقتصاد بلاده المثقل بالديون، إذ يبلغ حجم الدين الخارجي حوالي 25.5 مليار دولار، كما يشهد ارتفاعا في معدلات البطالة، إثر الإجراءات التي اعتمدتها السلطات العراقية للإغلاق الجزئي للأسواق والمراكز التجارية، للحد من تفشي فايروس كورونا.

ومنذ وصوله إلى السلطة، أعلن الكاظمي عن إصلاحات اقتصادية كبرى بخفض رواتب القطاع العام من 25 بالمئة إلى 12.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. والعمل على تنويع مصادر أضاف أن الطبقة السياسية في البلاد أصبحت كسولة من خلال اعتمادها على النفط.

وحاول خلال جولته الأوروبية جذب المستثمرين الأجانب، عبر عرضه خطة جادة تمتدّ من ثلاث إلى خمس سنوات لتقليص اعتماد عائدات العراق المفرط على النفط.

ووقّع الاثنين مع نظيره الفرنسي، جان كاستيكس، 3 مذكرات إعلان نوايا في مجالات النقل والزراعة والتعليم مع فرنسا.