ترامب أم بايدن .. إلى من يميل الإيرانيون في الانتخابات الأميركية؟

غالبية الإيرانيين يتوقعون فوز ترامب بولاية ثانية، رغم الأمل الذي يحدوهم بوصول منافسه الديمقراطي إلى البيت الأبيض.
الأربعاء 2020/10/07
الواقع الاقتصادي مرتبط بشكل وثيق بتوجهات السياسة الأميركية

طهران - تحتل الانتخابات الرئاسية الأميركية حيزا مهما في النقاشات اليومية في طهران، وتثير رؤى متفاوتة بين آمال بالتغيير، ومآلٍ مخيبة لتجارب سابقة، بعد عامين من سياسة "الضغوط القصوى" التي اعتمدتها إدارة دونالد ترامب تجاه إيران.

وتثير السياسة الداخلية الأميركية اهتماما في إيران بعد نحو 40 عاما من علاقات مقطوعة دبلوماسيا ومتوترة واقعيا، لا سيما وأن مواطني الجمهورية الإسلامية يلمسون في واقعهم اليومي، تأثير بعض القرارات التي تتخذ في البيت الأبيض.

محطة أميركية بارزة حاليا من المنظار الإيراني هي الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، بين ترامب الذي يشغل منصبه منذ عام 2016، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن.

وتقول زينب إسماعيلي، الصحافية في القسم الدولي لصحيفة "شرق" الإصلاحية، "وجهة النظر العامة (في إيران) هي أن نتيجة هذه الانتخابات ستكون محورية بالنسبة للشعب".

من جهته، يرى محمد أمين نقيب زاده (28 عاما)، طالب الدراسات العليا في الجغرافيا السياسية، أن الظروف الراهنة تجعل "التحدث عن الانتخابات الأميركية أمرا طبيعيا بالنسبة لنا".

ترامب الخيار الأفضل للمحافظين المتشددين
ترامب الخيار الأفضل للمحافظين المتشددين 

وتحضر الانتخابات في نقاشات الإيرانيين، لكنها لا تنسيهم هواجس أخرى تشغل بالهم، أهمها الارتفاع المتواصل للأسعار، والتراجع الحاد في قيمة العملة المحلية (الريال).

ويرتبط هذا الواقع الاقتصادي بشكل وثيق بتوجهات السياسة الأميركية.

ففي العام 2018، قرر ترامب بشكل أحادي الانسحاب من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني المبرم مع القوى الكبرى عام 2015 في فيينا، وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران، ما انعكس سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الجمهورية الإسلامية.

وبحسب صندوق النقد الدولي، يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة ستة بالمئة في 2020، بعدما خسر الناتج المحلي ما نسبته 5 و7 بالمئة من قيمته على التوالي في 2018 و2019.

وزاد تفشي فايروس كورونا المستجد منذ فبراير الطين بلّة، ليجعل من إيران أكثر الدول تضررا بكوفيد-19 في الشرق الأوسط.

وتسببت الجائحة بآثار سلبية إضافية على اقتصاد إيراني يرزح تحت عبء العقوبات وارتفاع نسبة التضخم.

ولا يلقى التبرير الأميركي بأن العقوبات لا تطال الشعب في إيران بل تستهدف السلطة السياسية، آذانا صاغية في طهران، حيث يدين المسؤولون بشكل شبه يومي، "حربا اقتصادية" تشنها الولايات المتحدة على بلادهم.

وكرر الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف وغيرهما من المسؤوليين، التأكيد أن إيران لا تكترث باسم الفائز في الانتخابات الأميركية.

الرهان على "انفتاح مع بايدن" مجرد "وهم"
الرهان على "انفتاح مع بايدن" مجرد "وهم"

وفي المقاربة الرسمية، يعد ترامب الباحث عن ولاية ثانية من أربع سنوات، ومنافسه بايدن، وجهين لعملة واحدة، ويمثلان "الاستكبار العالمي" و"الشيطان الأكبر" و"العدو"، وهي مفردات تحضر مرارا في الخطاب السياسي للجمهورية الإسلامية، لدى الحديث عن الولايات المتحدة.

وفي شوارع طهران، لا يخفي إيرانيون ميلهم لصالح بايدن، لا سيما بعد التجربة المريرة مع رئيس لا يبدو عازما على التخلي عن سياسة "الضغوط القصوى" في حال إعادة انتخابه.

أما المرشح الديمقراطي، فأبدى في مقالة رأي نشرت في سبتمبر، نيته الاقتراح على إيران خوض "مسار موثوق به للعودة إلى الدبلوماسية" في حال فوزه، ملمحا إلى إمكان عودة واشنطن للاتفاق النووي في حال عودة طهران إلى تنفيذ التزاماتها كاملة.

من وجهة نظر الطالب في الجغرافيا السياسية محمد علي كياني (28 عاما)، سيمنح فوز بايدن "أملا بأن يعود إلى الاتفاق" الذي أبرم عندما كان المرشح الديمقراطي يشغل منصب نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

من جهته، يعتبر الصحافي المستقل مازيار خوسرافي أن مواطنيه "ينتظرون عموما تحسن وضعهم الاقتصادي. لا يهمّ من يشغل البيت الأبيض".

من جهتها، ترى إسماعيلي أن ثمة ميل عام لدى الإيرانيين للاعتقاد بأن "فوز بايدن سيكون أفضل لإيران".

لكن الواقع قد لا يتفق مع تلك الآمال.

وبحسب الصحافية نفسها، ترجّح غالبية الإيرانيين "بشكل كبير فوز ترامب بولاية ثانية"، ما قد يعني "استمرار ارتفاع الأسعار وتراجع الريال" الذي فقد نحو 90 بالمئة من قيمته إزاء الدولار في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

الوضع الاقتصادي يدفع الإيرانيين إلى الانشغال بمن سيكون ساكن البيت الأبيض
الوضع الاقتصادي يدفع الإيرانيين إلى الانشغال بمن سيكون ساكن البيت الأبيض

وبعد الإعلان عن خضوع ترامب لفحص إيجابي لكوفيد-19، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي في إيران بمزيج من "نظريات المؤامرة" حول الخلفيات الانتخابية لهذا الإعلان، وأطلقت نكات ربطت ما بين وضعه الصحي ووضع الريال المحلي.

وبعيدا من المزاح، يرى خبراء إيرانيون أن نتيجة الانتخابات الأميركية قد لا تنعكس على بلادهم من الناحية الاقتصادية فقط، بل السياسية أيضا، لا سيما وأن الجمهورية الإسلامية تستعد بدورها لاختيار خلف لروحاني في انتخابات مقررة في 18 يونيو 2021.

ويرى الاقتصادي الإصلاحي سعيد ليلاز أن ترامب سيكون خيارا يفضّله "المحافظون (في إيران)، خصوصا المتشددون منهم".

ويوضح لفرانس برس أن "مقاربة أميركية متشددة (حيال طهران)، تؤدي أيضا إلى تشدد" سياسي في إيران.

لكن ليلاز يأمل في أن "يغيّر بايدن بشكل جدي من السياسة الأميركية حيال إيران، بحال وصوله إلى سدة الحكم".

على الضفة المقابلة، يدفع سياسيون محافظون بوجوب عدم توقع أي تغيير.

ويقول حميد رضا ترقي، القيادي في حزب المؤتلفة الإسلامية المنضوي في تحالف القوى المحافظة الفائز بانتخابات مجلس الشورى مطلع العام، "بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية، لا فارق بين بايدن وترامب".

ويضيف لفرانس برس أن الرهان على "انفتاح مع بايدن" مجرد "وهم"، لأن إيران "اختبرت في الوقت عينه الديمقراطيين والجمهوريين، ولم يلتزم أي منهم مسارا يتيح حل المشكلات".