لاءات الأسد تبعثر جهود عمل اللجنة الدستورية

الرئيس السوري بشار الأسد يتهم تركيا بالتدخل في أعمال اللجنة الدستورية.
الاثنين 2020/10/05
التشكيك في نزاهة وفد المعارضة

دمشق - نسف الرئيس السوري بشار الأسد الأحد الإيجابية التي طبعت تصريحات المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، أعقبت انتهاء الجولة الثالثة من أعمال اللجنة الدستورية، بالتشديد على جملة من الخطوط الحمراء التي لا يجوز للجنة تجاوزها.

وقال الأسد في لقاء مع قناة “زفيزدا” الروسية إن وفد بلاده لن يناقش أثناء لقاءات اللجنة الدستورية، قضايا تتعلق باستقرار سوريا وأمنها.

واتهم الأسد تركيا بالتدخل في أعمال اللجنة، وقال إن الوفد الذي يمثل الجهة المقابلة جرى تشكيله من قبل الأتراك، في محاولة للتشكيك في نزاهة ذلك الوفد وولاءاته.

وعبر الرئيس السوري عن قناعته بأن “تركيا والدول الداعمة لها، بما فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها، غير مهتمة بعمل اللجنة الدستورية بصورة بناءة، وأن مطالبها تهدف إلى إضعاف الدولة السورية وتجزئتها، وهذا ما تشهده مناطق ودول كثيرة تفرض عليها واشنطن دساتير تدفع بها إلى الفتنة والفوضى وليس إلى الاستقرار”.

وأكد أن الحكومة السورية لا تقبل هذا المنهج وترفض التفاوض حول قضايا تخص استقرار البلاد.

ولم يتم حتى اللحظة تحديد موعد للجولة المقبلة من عمل اللجنة الدستورية، وقال المبعوث الأممي خلال لقاء جمعه بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قبل أسابيع قليلة “ليس لدينا موعد لاجتماع جديد، لكن سنواصل العمل على هذا الأمر”.

وأشار بيدرسون حينها إلى “الأجواء الإيجابية” بين الأطراف السورية في الاجتماعات الأخيرة للجنة، مشددا على “ضرورة مواصلة المحادثات، فهناك محاولة لتسوية جميع الخلافات وإيجاد حلول مشتركة”.

ولم يكن النظام السوري منذ البداية متحمسا لعمل اللجنة الدستورية التي كانت حليفته روسيا من بادرت إلى طرح فكرتها في سوتشي، لكنه اضطر تحت الضغوط إلى القبول بالمشاركة بعد فترة من المماطلة.

وحرص في أكثر من مرة على التأكيد أن عمل اللجنة لا يجب أن يستهدف تغيير الدستور الحالي وإنما تعديله، ولئن ضغطت موسكو في إحدى الفترات عليه لابداء مرونة أكبر بيد أنها على ما يبدو تراجعت عن ذلك، وهو ما ظهر بشكل جلي خلال زيارة الوفد الروسي الأخير إلى دمشق برئاسة وزير الخارجية سيرجي لافروف في سبتمبر الماضي.

وقال لافروف حينها من دمشق إنه لا توجد توقيتات وأطر زمنية محددة لعمل اللجنة، مشددا على أن هذه الأطر “لا وجود لها ولا يمكن تصورها”.

ولفت إلى أن مسألة إجراء انتخابات رئاسية في سوريا في العام المقبل تعود إلى صلاحيات حكومتها ولا علاقة لها بموضوع بلورة الدستور الجديد، مشيرا إلى أن الدستور الحالي يبقى معمولا به ما لم يتم تبني القانون الأساسي الجديد.

ويرى مراقبون أن هناك تغيرا على ما يبدو في الموقف الروسي حيال عمل اللجنة، وأن الأسد ما كان ليطل ويصدح بهكذا خطوط لولا اطمئنانه لذلك.

ويعتبر المراقبون أن موقف الأسد لا يخلو أيضا من رهان على تعقيدات المشهد السوري في علاقة بالأطراف الإقليمية والدولية المتدخلة.

ويشير المراقبون إلى أن هناك نقاط تباعد كثيرة بين تلك القوى لاسيما بين الأتراك والأميركيين تشكل ثغرة تسمح للأسد وحليفته روسيا التملص من اللجنة أو أقله إفراغها من مضمونها.

ويلفت هؤلاء إلى أن أبرز النقاط الخلافية بين الطرفين التركي والأميركي هي المسألة الكردية. ولئن تدعم الولايات المتحدة خيار تشريك هذا المكون في العملية السياسية وتتبنى ضمنيا خيار حصولهم على وضع خاص في الدستور المقبل.

في المقابل ترفض تركيا بالمطلق هذا الأمر حيث تعتبر أكراد سوريا تهديدا لأمنها القومي، وبالتالي فإن حصولهم على امتيازات من الخطوط الحمراء بالنسبة لها.

ويطمح الأكراد إلى أشبه بحكم ذاتي في مناطق سيطرتهم في شمال شرقي سوريا، وقد برزت في الأشهر الأخيرة محاولات أميركية لتوحيد صفوفهم ضمن مظلة سياسية جامعة الأمر الذي أثار غضب تركيا.

ويقول المراقبون إن دمشق تحاول اللعب على وتر الخلاف التركي الأميركي في هذه المسألة، ويبدو أنها نجحت في إقناع الجانب الروسي في دعمها ضمن هذا المسار.

2