الأمير نواف الأحمد الصباح يؤدي اليمين في ظل منغصات مالية وسياسية تواجه الكويت

الكويت – أدى أمير الكويت الجديد، الشيخ نواف الأحمد الصباح، اليمين أمام مجلس الأمة، الأربعاء، في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لمراسم دفن الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي قاد الدولة الخليجية خلال بعض من أكثر العقود اضطرابا في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد الشيخ نواف، في كلمة بعد أداء اليمين، اعتزازه بالدستور والنهج الديمقراطي لبلاده، متعهدا بالعمل من أجل رخاء واستقرار وأمن الكويت.
ودعا إلى توحيد الصفوف في مواجهة التحديات التي تواجهها بلاده، قائلا “يواجه وطننا اليوم ظروفا دقيقة وتحديات خطيرة لا سبيل لتجاوزها إلا بوحدة الصف وتضافر الجهود".
وأضاف الأمير “أعاهد الله والشعب وأعاهدكم أن أبذل كل جهدي لأمن واستقرار الكويت”، واستطرد “سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد قدم الكثير لوطنه وأمته، ورحل عنا إلى الدار الآخرة رمزا شامخا من رموزنا الخالدين، نستذكر بكل الاعتزاز والاهتمام توجيهاته السديدة والتي ستظل نبراسا هاديا".
وقبل كلمته، تلا الشيخ نواف الأحمد نص اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة أميرا جديدا للكويت، قائلا “أقسم بالله العظيم أن احترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه”.
وبعد وقت قصير من إعلان وفاة الشيخ صباح (91 عاما) الثلاثاء نادى مجلس الوزراء، في البلد العضو في منظمة أوبك وحليف الولايات المتحدة، بولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح أميرا جديدا.
وينص الدستور الكويتي على أن يعلن مجلس الوزراء ولي العهد أميرا للبلاد بعد وفاة الأمير الراحل، ثم يتولي بعدها الأمير الجديد اختيار ولي العهد وعرضه على مجلس الأمة لأداء اليمن الدستورية.
وأعلنت الكويت في الثامن عشر من يوليو الماضي عن نقل بعض صلاحيات أمير البلاد إلى ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (83 عاما) إثر دخول الأمير المستشفى.
ويتسلم الشيخ نواف سدة الحكم في مرحلة حساسة تشوبها التوترات الإقليمية بين السعودية وإيران، وفي خضم أزمة دبلوماسية مع قطر التي قطعت السعودية والإمارات والبحرين العلاقات معها في 2017ن في ظل اتهامات للدوحة بدعم الإرهاب.
ويتولى الشيخ نواف (83 عاما) زمام الأمور في بلده الصغير الذي يملك سابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم، وفي وقت تحاول فيه الحكومة تعزيز ماليتها العامة التي تأثرت كثيرا بانخفاض أسعار الخام وتفشي فايروس كورونا.
ومن غير المتوقع تغير سياسة الكويت فيما يتعلق بالنفط والاستثمار والسياسة الخارجية.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن الشيخ نواف يفتقر إلى عقود الخبرة التي تمتع بها شقيقه الراحل كوسيط، وإن من المرجح أن يركز على الشؤون الداخلية مثل اختيار ولي للعهد يمكنه بناء التوافق داخل الأسرة الحاكمة والعمل مع البرلمان الذي كثيرا ما دخل في مواجهات مع الحكومة وعرقل جهود الإصلاح الاقتصادي.
وتبرز ثلاثة أسماء تتنافس في ما بينها على موقع ولاية العهد، وهي أسماء الشيخ مشعل الأحمد الجابر (81 عاما)، أحد إخوة الأمير الذي يشغل موقع نائب رئيس الحرس الوطني، والشيخ ناصر الصباح، ابن الأمير، والشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق.
ومن المتوقع أن يواصل الأمير الجديد سياسة سلفه القائمة على الوساطة بين الأفرقاء المتنازعين، إذ إن الكويت تجنّبت الانخراط في النزاعات الإقليمية وبقيت تدعو لحلها سلميا.
وتواجه الكويت أزمة مالية حادة بسبب جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط، بدرجة لم يكن يتوقعها أكثر خبراء المال والاقتصاد تشاؤما لبلد عرف بثرائه ورخاء مجتمعه بالنظر إلى وفرة عائداته المالية قياسا بعدد سكانه الذين لا يتجاوزون الـ4.5 مليون نسمة.
وأكدت وكالة ستاندرد آند بورز، الشهر الماضي، التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت عند المرتبة “أي أي سالب” مع تغيير النظرة المستقبلية للتصنيف من “مستقرة” إلى “سلبية” في ضوء التحديات المالية التي تواجه تمويل الموازنة العامة.
وأكّد وزير المالية الكويتي براك الشيتان، في أغسطس الماضي، أن بلاده تواجه حاليا صعوبة في توفير رواتب موظفي الدولة، بسبب شح السيولة التي تعاني منها الخزينة العامة خلال السنة المالية التي تنتهي في مارس المقبل.
وولد الأمير الراحل في السادس عشر من يونيو 1929، وهو نجل حفيد الشيخ مبارك الصباح، مؤسس الكويت الحديثة، وهو الأمير الـ15 للكويت التي تحكمها أسرته منذ 250 سنة، وأسهم في مساعدة بلاده على تخطي تبعات غزو العراق، وانهيار الأسواق العالمية، والأزمات المتلاحقة داخل مجلس الأمة الكويتي والحكومة.
وعايش الشيخ صباح الأحمد أخطر أزمات بلاده والمنطقة، وخط مسيرة سياسية حافلة بالأحداث التاريخية والوساطات جعلته “عميد الدبلوماسية”.
ومن المقرر أن يصل جثمان الشيخ صباح إلى الكويت اليوم من الولايات المتحدة حيث كان يعالج في أحد المستشفيات منذ يوليو الماضي.
وسيقتصر حضور الجنازة على أفراد الأسرة الحاكمة بسبب المخاوف من فايروس كورونا. وعندما توفي الأمير السابق الشيخ جابر الأحمد الصباح في عام 2006 حضر آلاف الكويتيين الجنازة واصطف كثير من الكويتيين والمغتربين في الشوارع لتوديعه.