حجّ يهود الحسيديم يؤجج الأزمة بين أوكرانيا وبيلاروسيا

كييف - علق الآلاف من يهود الحسيديم أغلبهم من إسرائيل، بين بلاروسيا وأوكرانيا، بعد سفرهم لإحياء رأس السنة اليهودية بزيارة ضريح مؤسس الحركة الحسيدية في مدينة أومان، إلا أن أوكرانيا التي تغلق حدودها أمام المسافرين الأجانب لاحتواء انتشار فايروس كوفيد-19، طيلة الفترة الممتدة من 28 أغسطس إلى 28 سبتمبر، قد رفضت استقبالهم.
واحتشد أكثر من ألفين من يهود الحاسيديم بينهم أطفال على الحدود الأوكرانية البيلاروسية، الأربعاء، في وقت تتهم كييف مينسك بتأجيج التوتر بين البلدين بسبب هذه الأزمة.
والحاسيديم هي حركة روحانية اجتماعية يهودية نشأت في القرن السابع عشر. يعد بعل شيم توف مؤسس الطائفة الرئيسي، حيث نشرها في أنحاء شرق أوروبا. وتمتاز الحسيدية بشكل أساسي بوضع مزارات مخصصة حول سلالات الحسيديم.
وكانت الحكومتان الأوكرانية والإسرائيلية أصدرتا بيانا مشتركا يدعو الحجاج إلى إلغاء رحلاتهم، إلا أن أعضاء متشددين في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، ضغطوا على رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لتمكين اليهود الحسيديم من ممارسة هذا التقليد على الرغم من معارضة مسؤولي الصحة الذين يخشون أن يؤدي الحدث الجماعي المزدحم إلى زيادة العدوى.
وقال نائب وزير الخارجية الأوكراني يفغيني ينين لقناة أوكرنيا 24 التلفزيونية "في الوقت الحالي، الوضع لا يتيح لنا السماح لعدد إضافي من اليهود الحاسيديم بدخول أوكرانيا ".
وللتخفيف من حدة الأزمة تعهّد الجانبان بتزويد الحجاج العالقين بالمؤونة اللازمة، إلا أنّ المنتمين لهذه الطائفة اليهودية اشتكوا من البرد والجوع.
وصدر عن مكتب الرئيس الأوكراني أنّ بيلاروسيا أعطت أملاً كاذباً للحجاج اليهود حول تمكنهم من العبور، وتريد من أوكرانيا فتح ممر لهم وسط الإجراءات المشددة.
ويزور يهود الحاسيديم القبور ليس فقط في إسرائيل بل يحجون حتى إلى الجزائر والمغرب وتونس وأوكرانيا والهند من أجل ممارسة عبادة قبور الصديقين.
ومن أكثر القبور شهرة بين اليهود قبر الحاخام شمعون بار يوحاي في الجليل، قرب القرية العربية ميرون، وهو الموقع الثاني في أهميته الدينية في إسرائيل ويزوره كل عام أكثر من مليون ونصف شخص. يبدأ احتفال الحج إلى القبر في عيد "لاج بعومر"، وهو يوم وفاة الحاخام ويستمر لأربعة أيام، يشارك فيه نحو نصف مليون محتفل.
وطلب رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو، الأربعاء، من حكومته التفاوض من أجل إقامة "ممر أخضر" والسماح للحجاج بالمرور إلى الأماكن المقدسة في أوكرانيا.
وردت الرئاسة الأوكرانية في بيان الأربعاء، "ندعو السلطات البيلاروسية إلى الكف عن إثارة توتر إضافي على الحدود"، متهمة بيلاروسيا بإعطاء الحجاج أملا كاذبا في السماح لهم بدخول أوكرانيا.
من جانبه، دعا وزير التعليم العالي والمياه زئيف إلكين، الخميس، الحجاج للعودة إلى البلاد بعد فشل الجهود المبذولة للسماح لهم بالدخول بسبب فايروس كورونا.
وقال الوزير عبر تويتر “أعلنت أوكرانيا أنها لن تسمح لأي من الوفود الصغيرة بالدخول عبر المعابر الحدودية..أدعو مواطنينا للعودة إلى إسرائيل والالتزام بتعليمات الحجر الصحي لدى وصولهم”.
ويتوجه عشرات الآلاف من اليهود الحاسيديم إلى مدينة أومان في وسط أوكرانيا كل عام يهودي جديد، يصادف هذا العام في الفترة من 18-20 سبتمبر، لزيارة قبر الحاخام ناخمان، مؤسس حركة بريسلوف الحسيدية.
وأكّد رئيس حرس الحدود الأوكراني سيرغي دينيكو، في مقطع فيديو نشرته قوات حرس الحدود الأربعاء، أنّه لن يسمح لأي شخص بدخول البلاد. وقال "أحترم تقاليدكم وعاداتكم، لكن هذا العام لن تتمكنوا من الوصول إلى أومان. إنني مستعد لتكرار ذلك إذا اقتضت الضرورة آلاف المرات".
ويظهر في تسجيل الفيديو مئات من اليهود وهم يحاولون إقناع عناصر حرس الحدود باستثنائهم من القواعد الصارمة.
ورفع أحد الحجاج اليهود العالقين لافتة كتب عليها "نحن مستعدون لأية شروط وتعليمات بخصوص فايروس كورونا. فقط دعنا ندخل!". ويتواجد الحجاج بين المعبرين الحدوديين بعد أن سمح الجانب البيلاروسي لهم بالمرور.
وتوترت العلاقات بين بيلاروسيا وأوكرانيا بعد أن اتهم لوكاشنكو كييف بدعم الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت بعد أن أعلن فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة المتنازع عليها الشهر الفائت.
وقالت ناتاليا إيسمونت المتحدثة باسم لوكاشنكو إن بيلاروسيا مستعدة لإيصال الحجاج اليهود إلى المواقع الدينية في أوكرانيا ثم إعادتهم إلى مطار مينسك، مما دفع كييف لاتهام مينسك بتأجيج الخلاف بشان الحجاج اليهود.
وأظهر مقطع الفيديو الذي نشره حرس الحدود عشرات الحجاج المتدينين يرتدون زيا تقليديا ويصلون وفي أيديهم كتب في منتصف الطريق. وتظهر حقائب وأكياس ملقاة على الطريق بجوار الخيام بالقرب من المعبر الحدودي.
وتجدر الإشارة إلى أن اشتباكات اندلعت في أومان بين الحجاج الحسيديين والسكان المحليين، الذين حاولوا عدم السماح لهم بدخول مكان الحج. وفي 9 سبتمبر الجاري قامت مجموعة من الحسيديين الذين أتوا إلى أومان من سلوفاكيا، بهدم سياج حديدي على قبر الحاخام نحمان، كان قد أقيم لمنع تجمع الحشود الكبيرة في مكان واحد بسبب الحجر الصحي.
وعلى مقربة، تأهب عناصر حرس الحدود الأوكراني الذين حملوا دروع مكافحة الشغب وشكّلوا طوقا. وتحرص كل من أوكرانيا وإسرائيل على تجنب زيادة عدد الإصابات، وأغلقت كييف الحدود أمام الأجانب حتى أواخر سبتمبر، فيما من المقرر أن تفرض إسرائيل إغلاقًا لمدة ثلاثة أسابيع اعتبارا من الجمعة.
وسجّلت أوكرانيا أكثر من 162 ألف حالة إصابة بفايروس كورونا وأكثر من 3340 وفاة.