حكومة هشام المشيشي.. تحديات كبيرة وشكوك في قدرتها على الإنجاز

تونس - تطرح الأولويات التي حددها رئيس الحكومة الجديد في برنامج عمل حكومته تساؤلات كثيرة حول مدى قدرة الفريق الحكومي على تحقيقها على أرض الواقع في ظل الأزمة المتفاقمة التي تمر بها تونس على جميع الأصعدة.
وشدد رئيس الحكومة التونسية الجديدة هشام المشيشي على أولوية إيقاف "النزيف الاقتصادي" مع استلام حكومته لمهامها رسميا الخميس.
واستلم المشيشي، وهو رئيس الحكومة السابع منذ أول انتخابات ديمقراطية أعقبت ثورة 2011، مهامه في موكب تسليم السلطة، الخميس، من الحكومة المستقيلة برئاسة إلياس الفخفاخ الذي يواجه تهما بتضارب المصالح.
وقال المشيشي، إن "استلام حكومته لمهامها يأتي وسط مناخ صعب وفي وضع يتسم بعدم الاستقرار وفي ظل انتظارات كبيرة للمواطنين من أجل تغيير ملموس في حياتهم".
وستكون الحكومة الجديدة أمام مهمة "الإنقاذ"، كما ذكر المشيشي، في وقت يواجه فيه الاقتصاد أزمة خانقة مع توقعات بنسبة انكماش في حدود 7 بالمئة العام الجاري وبطالة تفوق 20 بالمئة ومعدل اقتراض سنوي يصل إلى 15 مليار دينار (5.5 مليار دولار).
ولكن مهمة المشيشي لن تكون مفروشة بالورود بسبب الأزمة السياسية غير الخافية بين مؤسستي الرئاسة والبرلمان والحرب الكلامية التي رافقت تكوين الحكومة الحالية.
ويرى مراقبون أن مرور حكومة المشيشي لم يكن مؤشرا على تهدئة بين رؤوس المؤسسات الدستورية بل سيفتح الباب أمام معارك النفوذ على أن تستفيد كل جهة من تأويلها للدستور والصلاحيات التي يمنحها كغطاء لرغبتها في السيطرة.
وقال المشيشي "سنواجه تحديات.. ونحن نعول على التعاون مع الرئاسة والبرلمان والقوى الحية من أحزاب ومنظمات".
وفي البداية اعترضت أحزاب رئيسية في البرلمان على حكومة التكنوقراط التي عرضها هشام المشيشي، واتهمت الرئيس التونسي قيس سعيد بهندسة الحكومة الحالية من وراء الستار واستبعاد الأحزاب من الحكم، ولكن أغلبها صوت للحكومة في جلسة منح الثقة في البرلمان.
وكان المشيشي حدد خمس أولويات رئيسية في برنامج عمل حكومته من بينها إنعاش المالية العمومية عبر استعادة الإنتاج المتعثر، خاصة في قطاعات حيوية مثل الطاقة والفوسفات.
وضمن أولوياته، ينوي المشيشي بدء حوار مع المانحين الدوليين ضمن خططه لتعبئة الموارد المالية لدعم موازنة الدولة، إلى جانب مراجعة الإنفاق العام للدولة، ودعم المؤسسات المتضررة من جائحة كورونا، وإصلاح الإدارة وتعزيز نظام العمل عن بعد.
وأوضح رئيس الحكومة الجديد أن فريقه الحكومي سيعمل على حماية القدرة الشرائية للمواطنين وإعادة توجيه الدعم لمستحقيه وضرب الاحتكار، وحماية الفئات الهشة حتى انتهاء جائحة كورونا ومقاومة الفقر.
وتوقع المشيشي أن تبلغ خدمة الدين العمومي في 2021 أكثر من 14 مليار دينار، وهو ضعف النفقات المخصصة للتنمية ما يعني تخلي الدولة عن دورها الأساسي في هذا المجال".
ولفت إلى تراجع نسب الاستهلاك والادخار وتقلص نسب الاستثمار وزيادة عدد العاطلين في صفوف حاملي الشهادات العليا.
واعتبر المشيشي أن "تونس تعيش اليوم نزيفا رغم أنها شهدت ثورة تنادي بتنمية دون تمييز، وانتظر منها الشعب أن تتساوى فرص أبنائهم في التعليم والرعاية الصحية وخدمات ترقى لتطلعاته المشروع في دولة تحترم مواطنيها ولا يشعر فيها التونسيون في الداخل والخارج بالتمييز".
وأشار إلى أن الواقع بين أن "هذه الطلبات للثورة انقلبت وهما وخيبة أمل للكثير من أبناء تونس، مما دفعهم إلى قوارب الموت في مطاردة الأمل الذي لا يراه ممكنا في وطنه".