التعديل الدستوري يخيم على افتتاح الدورة البرلمانية بالجزائر

الجزائر - خيم مشروع التعديل الدستوري بالجزائر، الأربعاء، على افتتاح السنة النيابية بالبرلمان، وذلك قبل أيام من طرح وثيقته للنقاش بالهيئة التشريعية تمهيدا للاستفتاء الشعبي المقرر في أول نوفمبر القادم.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن عرض نص "دستور الجزائر الجديدة" الذي يعول الرئيس عبدالمجيد تبون عليه لتنفيذ جزء من الوعود الانتخابية على البرلمان سيكون على سبيل إعلام الرأي العام بمضمون الوثيقة النهائية، التي لم يفصح عن تفاصيلها حتى الآن.
ويسود ترقب لمضمون وثيقة مشروع التعديل الدستوري التي ستطرحها الرئاسة بعد أيام في البرلمان لفتح نقاش نيابي، كخطوة تسبق استفتاء الشعب بشأنها.
وينتظر أن يلعب البرلمان في دورا محوريا في هذا المسار التجديدي، كونه سيسهم بشكل فعال في توجيه خيار الشعب في الاستفتاء الشعبي المقرر في الفاتح نوفمبر المقبل، من خلال ما ستسفر عنه مرحلة مناقشة وإثراء هذه الوثيقة، التي تعتبر أهم نقطة مدرجة في جدول أعمال البرلمان خلال الأشهر الأولى من الدورة، مع الإشارة إلى أن هذه الأخيرة ستدشن بدراسة ومناقشة الأمر 20/01 المعدل والمتمم للأمر 66/156 المتضمن قانون العقوبات.
وفي 24 أغسطس، أعلنت الرئاسة أن الأول من نوفمبر المقبل، وهو الذكرى الـ66 للثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954، موعدا لتنظيم استفتاء شعبي حول مشروع تعديل الدستور.
وفي يناير الماضي، كلف الرئيس عبدالمجيد تبون لجنة خبراء مكونة من 17 عضوا، بقيادة الخبير الدولي أحمد لعرابة، بإعداد مسودة دستور جديد، خلال 3 أشهر كحد أقصى.
وقبل أسابيع، طرحت الرئاسة، مسودة أعدها خبراء قانونيين لطرحها للنقاش العام، وأعلنت عقب ذلك استقبال 2500 مقترح من النشطاء السياسيين بشأنها.
وقال سليمان شنين رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) "إن مجلسنا الموقر يعتبر شريكا دستوريا في صناعة السياسات العامة وفي بناء دولة الحق والقانون وترقية العمل الديمقراطي وفي تعزيز الاستقرار للدولة".
من جهته، قال صالح قوجيل رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) إن "هذا المشروع الدستوري الذي وعد الرئيس تبون بتجسيده في حملته الرئاسية، كان يمكن ألا يعرض للنقاش ويتم استفتاء عليه مباشرة، لكن الرئيس فضل أن يشارك الجميع في مناقشته".
وأضاف "نتمنى أن يصادق الشعب على المشروع من أجل بناء جمهورية جديدة ودولة للجميع، ويجب أن نفرق بين الدولة ونظام الحكم الذي يتغير حسب إرادة الشعب، أما الدولة فباقية بمؤسساتها".
وتابع "بعد المصادقة على الدستور سنذهب مباشرة إلى انتخابات نيابية مسبقة وعلى الجميع التحضير لذلك".
ويرى مراقبون أن المسودة لن تشكل دستورا لتكريس الديمقراطية، بل ستحافظ على نفس النظام الأحادي الشمولي الذي لا يؤمن بحق المواطنين بالمشاركة في بناء جزائر جديدة.
ورغم رجحان كفة مرور الوثيقة الدستورية في الاستفتاء القادم، إلا أن هاجس الشرعية بقي ينغص أجندة السلطة، كونها فشلت في استحداث آليات جديدة بعيدا عن التركة الحزبية الموروثة عن العهد البوتفليقي.
وكانت اللجنة المكلفة بالوثيقة الجديدة قد استقبلت مئات الاقتراحات والأفكار من الأحزاب والجمعيات والتنظيمات والشخصيات المستقلة، إلا أن المعالم النهائية للوثيقة ما زالت مجهولة، خاصة بعد الجدل الذي أثير حول عدد من القضايا التي طرحت في المسودة والمتعلقة بمسألة الهوية ونائب الرئيس المعين ودور الجيش والمحكمة الدستورية.
وجاء الإعلان عن تنظيم الاستفتاء الشعبي في مفتتح نوفمبر القادم، ليضيف لغطا جديدا، بين المرحبين بالاستلهام من قيم عيد الثورة والمزج بينها وبين الدستور، وبين المنتقدين الذين عابوا على السلطة توظيف كل الأوراق لصالح أجندتها ولم يسلم منها حتى عيد ثورة التحرير (الفاتح من نوفمبر)، الذي يشكل إرثا مشتركا لجميع الجزائريين مهما اختلفت توجهاتهم وأيديولوجياتهم.
وتعول السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، كثيرا على الاستفتاء الشعبي على الدستور، من أجل تحقيق شعبية جديدة، ترمم بها أزمة الشرعية التي لفت بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما سيمكنها من طي صفحة الحراك الشعبي والاحتجاجات السياسية والذهاب الى تنفيذ أجندة جديدة تصبح فيها هي الماسكة بكل الخيوط المتحركة في البلاد.