زيارة رئيس الموساد تفتح عهدا جديدا من التواصل بين الإمارات وإسرائيل

أبوظبي - أجرى رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين الثلاثاء زيارة إلى دولة الإمارات العربية المتّحدة حيث التقى مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان وناقشا “آفاق التعاون في المجالات الأمنية”، كما أفادت وكالة أنباء الإمارات الرسمية وام.
وقالت الوكالة إن الرجلين تطرقا أيضا “إلى سبل دعم معاهدة السلام بين دولة الإمارات ودولة إسرائيل، والتي بموجبها تم وقف ضم الأراضي الفلسطينية”، وكان أعلن عن إبرامها الخميس.
كما تبادلا وجهات النظر في التطورات الإقليمية والمواضيع ذات الاهتمام المشترك، بما فيها الجهود التي تبذلها الدولتان لاحتواء فايروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى “فتح آفاق جديدة من التعاون بين البلدين في مختلف المجالات”.
وهذه أول زيارة معلنة لمسؤول إسرائيلي إلى الإمارات منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق لتطبيع العلاقات الخميس الماضي. وسيجري التوقيع على الاتفاق في البيت الأبيض خلال ثلاثة أسابيع.
وأصبحت الإمارات أول دولة خليجية وثالث دولة عربية تطبّع العلاقات مع إسرائيل في اتفاق تاريخي يثير احتمال إبرام اتفاقات مماثلة مع دول عربية أخرى.
وبموجب الاتفاق، علّقت إسرائيل عمليات ضم أراض في الضفة الغربية المحتلة. ولعب كوهين دورا رئيسيا في التوصل إلى هذا الاتفاق الذي ولد بعد سنوات من التقارب من بوابة الرياضة والثقافة وغيرهما.
وأشاد الشيخ طحنون بـ”الجهود المبذولة من السيد يوسي كوهين والتي ساهمت في نجاح التوصل إلى معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل“.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتّصل بكوهين الخميس “وشكره على مساعدة الموساد في تطوير العلاقات مع دول الخليج على مر السنين والتي ساعدت في تحقيق معاهدة السلام” بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وقال دوري غولد المستشار السياسي السابق لنتنياهو والسفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة والمدير العام السابق لوزارة الخارجية لوكالة فرانس برس “تقليديا، الموساد مسؤول عن اتصالات إسرائيل مع الدول التي ليست لديها علاقات رسمية معها”. وأضاف “ورث يوسي كوهين هذا الملف.. نتنياهو يثق به ويقدره كثيرا”.
وتوقّعت مصادر عربية أن يفتح اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي الأبواب أمام المزيد من الاتفاقيات المماثلة، خصوصا أنّ العلاقات القطرية الإسرائيلية أكثر من طبيعية منذ سنوات طويلة، فيما استقبلت سلطنة عُمان، قبل وفاة السلطان قابوس بن سعيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل رسمي.
واعتبرت المصادر أن موضوع التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل ومملكة البحرين صار سهلا، فيما لا تزال هناك أسئلة تتعلّق بالموقف السعودي وأخرى تتعلّق بالموقف الكويتي. وأكدت أن الإمارات لا يمكن أن تقدم على خطوة من هذا النوع دون أن تكون المملكة العربية السعودية في أجوائها.
وكانت مصر وقعت اتفاق سلام مع إسرائيل في مارس 1979، فيما وقع الأردن اتفاقا مماثلا في أكتوبر 1994، في ما عرف باتفاق وادي عربة.
وستجتمع وفود من دولة الإمارات وإسرائيل خلال الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة، وغيرها من المجالات ذات الفائدة المشتركة.
ورحّبت مصر وعمان والبحرين باتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي باعتباره قرارا يدفع بآفاق السلام في الشرق الأوسط إلى الأمام، في حين التزمت الرياض والكويت والدوحة الصمت.
ويرى محللون في الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي دفعة استراتيجية تعزز مكانة الإمارات في المنطقة والعالم، ويمكن أن تضعها في مرتبة متقدمة على السعودية جارتها وحليفتها صاحبة النفوذ، لاسيما في ما يتعلق بالعلاقات الحاسمة مع واشنطن.
وكان الاتفاق انتصارا نادرا في ساحة الدبلوماسية بالشرق الأوسط للرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أن يخوض معركة الانتخابات الرئاسية على أمل إعادة انتخابه في الثالث من نوفمبر القادم.
والاثنين، دافع وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن الاتفاق. وقال إنّ “الخطوة الإماراتية الجريئة حرّكت مياها ساكنة آسنة، فتغيير المشهد ضروري لتجاوز مصطلحات مؤلمة في ماضي عالمنا العربي كالنكبة والنكسة والحروب الأهلية”. وأضاف أنّ “المعاهدة تأتي في سياق العديد من المبادرات للسلام وستحمل في ثناياها تحوّلا استراتيجيا إيجابيا للعرب”.
وأعلن نتنياهو الاثنين أنه يعمل على تسيير رحلات جوية مباشرة تربط تل أبيب بالإمارات وتحديدا بدبي وأبوظبي عبر الأجواء السعودية.
وقال في مقابلة تلفزيونية “هذه لحظة عظيمة.. نحن نصنع التاريخ”. وتابع “هذا تعاون لمزيج من الإمكانيات اللا محدودة”.
وإلى جانب نتائجه الدبلوماسية، يحمل الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي في طياته منافع اقتصادية.
فالإمارات الغنية بالنفط وذات الطموحات الكبيرة في الفضاء والتكنولوجيا، باتت قادرة على القيام بأعمال تجارية علنية مع إسرائيل التي ستتمكّن من دخول مدينتي دبي وأبوظبي اللتين تستقطبان المواهب والاستثمارات في عدة قطاعات.
والأحد وقّعت شركتان إماراتية وإسرائيلية في أبوظبي عقدا لتطوير أبحاث ودراسات خاصة بفايروس كورونا المستجد، في أول خطوة من نوعها منذ الإعلان عن الاتفاق على تطبيع العلاقات.
وفي يونيو الماضي، أعلنت شركتان من القطاع الخاص الإماراتي وشركتان إسرائيليتان “إطلاق عدة مشاريع مشتركة في المجال الطبي ومكافحة فايروس كورونا”، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية.