الأديب السوري سهيل الذيب: المقولات الغربية ليست قانونا أدبيا

الأديب السوري يعتبر أن القصة أقدر على محاكاة هموم الناس لأنها تقوم على التفكير وليس الانفعال، وتستطيع قصة واحدة تغيير مجتمع.
الأربعاء 2020/08/19
الكتابة ليست ترفا

دمشق – من متاعب الميدان الصحافي خرج الأديب السوري سهيل الذيب ليصوغ مشاهداته للواقع ومعاناة الناس قصة ورواية وشعرا بعد أن شاهدها بعين الصحافي وصاغها وكتبها بقلم الإعلامي.

ويوضح الذيب في حوار مع وكالة الأنباء السورية أن علاقته بالأدب تعود إلى الطفولة، حيث بدأ الميل للشعر أولا، ثم عشق الرواية في مرحلة اليفاعة، وحين حدثت مجزرة قانا في لبنان تفجر حس الشاعر في وجدانه ليكتب قصيدة أخذت نصف حجم ديوانه الأول “العرس والساقطة” كما نشرها في صحيفة الثقافة لمدحت عكاش عام 1985.

ويلفت الذيب إلى أنه بقي هاويا ولم يمتهن الإبداع الأدبي إلا بعد تقاعده من العمل الصحافي في جريدة تشرين حيث شارك لأول مرة بمسابقة المزرعة في السويداء بقصة عنوانها “الكاتب والشرطي” فازت بالمركز الأول، ليتمكن من الاعتراف أمام ذاته أنه قاص ويبدأ الكتابة في القصة ثم الرواية ويقل من الشعر الذي بقي هواية يعبر فيها عن حالة وجدانية معينة.

وبيّن الأديب أن سبب تعلقه بالشعر في شبابه هو وجود شعراء كبار بارزين في تلك المرحلة كالجواهري وشوقي وقباني ودرويش وبرحيلهم تراجع الشعر كثيرا ولم يعد ديوان العرب بل ديوان صفحات فيسبوك وضحالتها، ما أدى إلى تراجعه وأصبح الشعراء الحقيقيون خارج دائرة الضوء.

رواية تؤرخ للحرب ومعاناة المهجرين
رواية تؤرخ للحرب ومعاناة المهجرين

كما يلفت الذيب إلى أن القصة أقدر على محاكاة هموم الناس لديه لأنها تقوم على التفكير وليس الانفعال، وتستطيع قصة واحدة تغيير مجتمعات بكاملها وهي كما الرواية مشغولة بوعي ودراسة وتبقى عالقة في خيال المتلقي، فالقصة عقل بينما الشعر حواس.

أما عن حكايته مع القصة فقد بدأت عام 1985 بقصة عن الممارسات الأميركية في ليبيا وضربها جويا، ثم توقف عن الكتابة فترة وسافر إلى أميركا وهناك شارك بمسابقة نال فيها المركز الأول عن قصته “الكاتب والشرطي” ثم طبع مجموعة قصصية حملت العنوان ذاته.

ويشير الذيب إلى أنه يعتبر نفسه هاويا والكتابة عنده ليست ترفا فكريا وإنما هي رصد لمعاناة الناس بكل هيئاتهم وأشكالهم، أما الوطن بكل مكوناته فهو غايته الأولى والأخيرة، وتلك الغاية تنبع من نقد الأوضاع الاجتماعية بصدق وشجاعة ومحبة من أجل بناء وطن متماسك ومتين.

ويبيّن أنه نأى بنفسه عن الساحة الشعرية عندما وجدها تعج بالمتشاعرين واكتفى بالتعبير عن مكنوناته الوجدانية بين حين وآخر لافتا إلى أنه يبث ما لديه من شعر في القصة والرواية، فالفنون عموما تتداخل لأنها من مصدر واحد هو الخيال. والشاعرية في القصة أو الرواية ليست شرطا لكنها تضيف إليها المزيد من المتعة والمعرفة.

ويوضح الذيب أن الحداثة في الأدب هي العامل الأهم في تحطيم الراكد والارتقاء به نحو آفاق أوسع وذلك لا يعني التخلص من العناصر الأساسية بل هي تسعى إلى تطويرها وربما الحد من صرامتها، فلا بد من تكثيف الصورة والزمن الذي قد يكون فضفاضا، لافتا إلى أنه ليس كل ما يقوله الغرب من عناصر للأدب هو القانون وإنما علينا إيجاد إبداعنا الخاص وحداثتنا المناسبة لمجتمعنا وبيئتنا وباب التجريب في الحداثة مفتوح للجميع.

وعن الأدب خلال الحرب السورية يشير الذيب إلى أنه لم يكن قادرا على مجاراة ما حدث وإنما كان الوقع أشد ضراوة من الخيال لافتا إلى روايتي “جنوب القلب” لمحمد الحفري و“ماري” لمحمد الطاهر وروايات منصور حاتم.

أما في الشعر فالكثيرون خاضوا غمار التجربة وكل هذه التجارب حاولت الارتقاء إلى مستوى الحدث، لكنها كانت مقصرة بسبب فظاعة ممارسات الإرهاب.

ويوضح الذيب أن مجمل أعماله خلال هذه المرحلة من قصة ورواية وشعر ومقالة لم تكن بعيدة عما يجري وإنما من صميم الحدث كقصته “الرياحين” و“موت وقيامة” إضافة إلى روايتين؛ الأولى “زناة” التي تتحدث عن الحب في زمن الحرب وتحتفي بعشاق الوطن وتندد بالذين باعوا وطنهم رخيصا، والرواية الثانية “آثام” التي تعتبر جزءا ثانيا للأولى وحاول فيها بناء الأحلام التي دمرتها الحرب مشيرا إلى جزء ثالث قيد الطبع لتكتمل الثلاثية برواية “امرأة متمردة”.

14