معاناة العراقيين تتفاقم.. صيف ساخن وسياسات متخبطة ونقص الكهرباء

البصرة (العراق) - فرضت أشهر الصيف الحارة خيارات جديدة مؤلمة مع تواصل أزمة كورونا في العراق الغني بالنفط خاصة في جنوب البلاد، ومن هذه الخيارات البقاء في المنزل وتحمّل الحرارة الشديدة مع انقطاع الكهرباء لساعات أو الخروج والمخاطرة بالإصابة بالفايروس.
وتعد هذه مشكلة زين العابدين القاطن في منطقة الهارثة في محافظة البصرة والذي خسر وظيفته بسبب القيود التي فرضها الوباء، حيث يستمع خلال النهار إلى ابنته البالغة من العمر أربعة أشهر وهي تبكي نتيجة لدرجة حرارة لا تطاق، ولا يستطيع تحمل تكاليف مولدات الكهرباء لتعويض انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى ثماني ساعات.
وعجز قطاع الطاقة في العراق عن تسديد الطلب مرة أخرى، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية هذا الصيف حيث وصلت في بغداد على سبيل المثال الأسبوع الماضي إلى 52 درجة مئوية.
وخلق هذا الوضع شرارة لتجدد الاحتجاجات المناهضة للحكومة وهو ما جعل العراق يفرض حظرا صارما للتجول على مدار الساعة. لذلك، تضطر العائلات إلى إنفاق المال على المولدات.
ويعتمد العراق في توفير التيار الكهربائي على إيران وخاصة خلال فصل الصيف. لكن النقص في الميزانية دفع بغداد إلى التخلّف عن دفع مستحقاتها.
وأشار مسؤولان حكوميان إلى رصد مخصصات عاجلة لتجنب تكرار أزمة العام 2018، عندما أوقفت إيران الواردات في الصيف بسبب عدم خلاص مستحقاتها.
وقال ثلاثة مسؤولين كبار، لوكالة أسوشيتد برس، إن واشنطن ضغطت من أجل عقد صفقات مع حلفائها في الخليج لتنويع مصادر الكهرباء في العراق.
الولايات المتحدة تضغط من أجل عقد صفقات مع حلفائها في الخليج لتنويع مصادر الكهرباء في العراق
ويبدو أن هناك مشروعين في مراحل متقدمة من المفاوضات. سيوفر الأول 500 ميغاوات أولية من الإمداد لجنوب العراق عن طريق ربط الشبكة العراقية بأخرى متطوّرة تشمل ست دول خليجية.
كما تم توقيع اتفاقية مع هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي خلال السنة الماضية، لكن نقص تمويل 300 كيلومتر من خطوط النقل ساهم في تباطؤ تقدم المشروع.
ويكمن المشروع الثاني في تطوير مركز غاز في جنوب العراق لتلبية احتياجات الطاقة المحلية، حيث تجري حاليا محادثات لتطوير حقل أرطاوي النفطي العراقي واعتماد الغاز في الحقول المجاورة لتوليد الكهرباء.
وبموجب الصفقة، ستشرف شركة “أكوا باور” المستثمرة والمشغلة لمجموعة من محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه ومقرها الرياض وشركة هانيويل الأميركية متعددة النشاطات على بناء مركز الغاز، بتمويل من عائدات الحقل تحت إدارة شركة أرامكو السعودية. لكن التوقيع على الاتفاق لم يتم رسميا.
وفي بغداد، يرتفع هدير المولدات مع الانقطاع اليومي في الكهرباء. ويستغل العراقيون فرصة قصيرة في استخدام حمامات عامة أقيمت في الشارع. وقال أحمد محمد “ننقل أطفالنا إلى الطابق السفلي ونرشهم بخرطوم لتبريدهم”.
وتعثرت الإصلاحات في قطاع الكهرباء بسبب الاحتجاجات ومصالح شركات المولدات الخاصة التي يرتبط بعضها بشخصيات سياسية.
وفي صيف 2018، أثار تردّي الخدمات احتجاجات مزعزعة للاستقرار في البصرة. وفي السنة التي تلتها، شلت الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة بغداد ومناطق جنوب العراق.
والأسبوع الماضي، سقط قتلى من بين المتظاهرين ضد انقطاع التيار الكهربائي في بغداد على يد قوات الأمن.
وأشار علي الصفار، الذي يترأس قسم الشرق الأوسط في وكالة الطاقة الدولية في باريس، إلى أنه ولتجاوز أشهر الصيف، يجب إطلاق مراجعة فورية للمولدات المستخدمة في المكاتب العامة لمعرفة ما يمكن تحويله إلى الشبكة الوطنية، حيث تبقى جلّها غير مستعملة مع تواصل إجراءات الإغلاق.
وقال مسؤولون في وزارتي النفط والكهرباء إن الحكومة نفذت إجراءات طارئة بالفعل لتحويل الطاقة المستخدمة في العمليات اليومية في حقول النفط لإضافتها إلى الشبكة.