زخم الانفتاح الأفريقي يثير شهية الصين للإستثمار في البنية التحتية

وجهت الصين أنظارها إلى أفريقيا حيث بالتوازي مع تزايد الانجذاب العالمي نحو هذه القارة كوجهة تجارية واعدة، وذلك بالنظر إلى التحولات المتسارعة التي ستشهدها خصوصا بعد أزمة الوباء وتنافس الدول على تنمية اقتصاداتها، الأمر الذي يثير شهية الصين لتكون همزة وصل بين هذه الأطراف من خلال توفير خبرتها في البنية التحتية لتجهيز الطرقات وسكك الحديد والموانئ ومعدات النقل الجوي.
أديس أبابا - يجمع خبراء الاقتصاد على أن المنطقة التجارية الأفريقية ستكون فرصة ثمينة لتنمية اقتصادات الدول التي تستهدف الانفتاح على القارة، فيما ستكون هذه الأهداف في صالح الصين التي دخلت على الخط الأفريقي منذ البداية لتتولى ترسيخ ركائز اتفاقية التجارة الحرة للقارة الأفريقية ببنية تحتية اقتصادية قوية.
ومن المرجح أن تشهد نهاية العام متغيرات كبيرة بعد مرور الأزمة الصحية حيث سيتحول التبادل التجاري الأفريقي في صدارة أولويات النظر لدى مختلف الحكومات.
ونسبت وكالة الأنباء الصينية شينخوا للخبير الإثيوبي غيديون غالاتا قوله إن “منطقة التجارة الحرة بالقارة الأفريقية ستخلق فرصا جديدة للتعاون بين الصين وأفريقيا”.
وقال غيديون غالاتا، المستشار البارز للتعاون في ما بين بلدان الجنوب التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمستشار السابق لقسم تنمية القدرات في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، إن “اتفاقية التجارة الحرة للقارة الأفريقية تتطلب ربطا قويا للبنية التحتية عبر القارة الأفريقية، وهو ما يتطلب مساعدة صينية تشتد الحاجة إليها”. وأضاف أن “منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية ستخلق فرصا جديدة للتعاون بين أفريقيا والصين”.
ولفت غالاتا خلال حديثه إلى أن “البنية التحتية الصلبة المنتشرة في أفريقيا متردية، ومن خلال دول مثل الصين التي لديها خبرة واسعة في بناء البنية التحتية، فإن ذلك سيساعد الدول الأفريقية بشكل جيد على بناء الطرقات وسكك الحديد والموانئ ومطارات النقل الجوي. إن أفريقيا القوية ستكون حليفا قويا وشريكا جيدا للصين”.
وقال غالاتا إن التجارة بين الدول الأفريقية لا تشكل حاليا سوى نحو 17 في المئة من إجمالي التجارة داخل القارة.
وأوضح أن انخفاض مستوى ربط البنى التحتية بين الدول الأفريقية هو السبب الرئيسي لانخفاض التجارة بين هذه الدول، مضيفا أن الصين تدعم الدول الأفريقية من خلال مبادرة الحزام والطريق.
بكين تستغل نقص البنية التحتية الصلبة في أفريقيا، لتشييد الطرقات وسكك الحديد والموانئ ومعدات النقل الجوي
وصرح غالاتا بأن “الصين تدعم أيضا الدول الأفريقية من خلال مشروعات فردية مثل خط سكك الحديد الكهربائي الشهير الذي قامت الصين ببنائه وتمويله والذي يصل طوله إلى 756 كم والذي يربط إثيوبيا غير الساحلية بالموانئ في جيبوتي المجاورة”.
ونوّه الخبير الإثيوبي كذلك إلى أن دعم الصين للدول الأفريقية في إطار مبادرة الحزام والطريق وكذلك المشروعات الفردية سيعزز التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية، مع إمكانية أن تؤدي الصين دور الميسر الرئيسي للأهداف الأوسع لاتفاقية التجارة الحرة لدى القارة الأفريقية.
ومع ذلك، قال غالاتا إن الدول الإفريقية بحاجة إلى أن تواجه بشكل استباقي التحديات الجديدة التي يمكن أن تعرقل أهداف اتفاقية التجارة الحرة للقارة الأفريقية مثل مرض فايروس كورونا الجديد كوفيد – 19 الذي تكافحه العديد من الدول الأفريقية بمساعدة من الصين.
وأوضح الخبير أنه “مع الانتشار السريع للمرض عبر القارة، تحتاج العديد من البلدان الأفريقية إلى تعزيز بنيتها التحتية الصحية لضمان ألا يصبح المرض حجر عثرة أمام التكامل الاقتصادي القاري وكذلك ألا يصبح أزمة صحية عبر الحدود”.
وتتصاعد يوميا المنافسة على الانفتاح الأفريقي وصادق الأسبوع الماضي البرلمان التونسي بالإجماع، الأربعاء، على انضمام البلاد إلى منطقة التجارة الحرة الأفريقية.
وتهدف الاتفاقية، وفق ما جاء في وثيقة المشروع التي صوت عليها البرلمان التونسي، إلى “وضع إطار شامل ومتبادل المنفعة للعلاقات التجارية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي”.
وتعد منطقة التجارة الحرة الإفريقية الأكبر في العالم بتعداد سكاني يتجاوز 1.2 مليار نسمة، وحجم مبادلات تجارية تتجاوز 3 تريليونات دولار سنويا.
وتطمح الدول الأعضاء في الاتحاد إلى أن تؤدي الاتفاقية إلى رفع نسبة المبادلات التجارية بين الدول الّأفريقية من 16 إلى 33 في المئة من إجمالي تجارتها الخارجية. ودخلت منطقة التبادل التجاري الحرّ الإفريقية حيز التنفيذ في 30 مايو 2019.
وقال البنك الدولي إن اتفاق أفريقيا للتجارة الحرة المؤجل بسبب جائحة كورونا قد يعزز حال تنفيذه بالكامل، الدخل في شتى أنحاء القارة وينتشل الملايين من الفقر ويخفف تداعيات كوفيد – 19.
وكان من المقرر أن تدخل منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية حيز التنفيذ في الأول من يوليو، لكن لم يتسن تطبيق ذلك بعد أن أجبر الفايروس على فرض إغلاقات واسعة النطاق للحدود وأوقف المحادثات بين الحكومات بشأن إلغاء الرسوم الجمركية.
ومن المحتمل الآن أن يبدأ العمل بها من بداية 2021. ومن المتوقع أن تكبد الجائحة أفريقيا فاقدا في الناتج الاقتصادي بما يصل إلى 79 مليار دولار هذا العام وحده مع الخطر الإضافي لفقدان ملايين الوظائف.
وقال البنك في تقرير “في هذا السياق، فإن تنفيذا ناجحا لمنطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية سيكون ضروريا.. إنها فرصة كبيرة لأفريقيا، لكن التنفيذ سيكون تحديا كبيرا”.
وأشار إلى أن خفض الرسوم الجمركية هو فقط الخطوة الأولى. وبمجرد دخولها حيز التنفيذ، ستضم منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية 1.3 مليار نسمة موزعين في 55 دولة بناتج محلي إجمالي 3.4 تريليون دولار. وتشير تقديرات باحثي البنك الدولي إلى أن اتفاق التجارة سينتشل 30 مليون أفريقي من فقر مدقع و68 مليونا من فقر معتدل بحلول 2035.
وقد يرفع التطبيق الكامل للاتفاق، الدخل الحقيقي في أفريقيا بنسبة 7 في المئة، أو حوالي 450 مليار دولار، وهو ما يعود بشكل رئيسي إلى خفض تكلفة التجارة عبر إلغاء الرسوم الجمركية والإجراءات البيروقراطية.
وقد تصل الزيادة في الدخل في ساحل العاج وزيمبابوي، وهما الدولتان صاحبتا أعلى تكاليف للتجارة، إلى 14 في المئة. وبحسب البنك الدولي، سيرتفع إجمالي حجم الصادرات بنحو 29 في المئة، مع زيادة الصادرات بين الدول الأفريقية بنسبة 81 في المئة. وقد تزيد الصادرات إلى الدول غير الأفريقية 19 في المئة.