لودريان يوبّخ المسؤولين اللبنانيين: لا خيار غير صندوق النقد وساعد نفسك كي يساعدك الله

رسالة فرنسية إلى حزب الله للمطالبة بسيطرة الجيش على الأراضي اللبنانية.
الجمعة 2020/07/24
عكس الاتجاه

بيروت – انتهز وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان زيارته لبيروت كي يوبّخ المسؤولين اللبنانيين عبر تأكيد أن على لبنان أن يساعد نفسه قبل أن يطلب مساعدة الآخرين. وكرّر هذه العبارة مرات عدّة بصيغ مختلفة كانت إحداها “ساعد نفسك، يساعدك الله” بالتوازي مع تأكيده على أن الجيش اللبناني هو عماد البلاد في رسالة واضحة إلى حزب الله وسلاحه ونفوذه.

وتزامنت زيارة وزير الخارجية الفرنسي لبيروت التي بدأت مساء الأربعاء مع نشر صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية عنوانا أساسيا في صفحتها الأولى هو “لبنان: النزول إلى الجحيم”.

وأشار لودريان في هذا الخصوص إلى قطاع الكهرباء مبديا استياءه الشديد من غياب أي خطوات عملية في اتجاه الإصلاحات. وبدا ذلك إشارة واضحة إلى “التيّار الوطني الحر” الذي يتولى وزارة الطاقة منذ اثني عشر عاما، وهو قطاع تسبب في زيادة الدين العام بنحو 40 مليار دولار.

حسان دياب: لبنان على ثقة من أن فرنسا الصديق التاريخي لن تتخلى عنا اليوم
حسان دياب: لبنان على ثقة من أن فرنسا الصديق التاريخي لن تتخلى عنا اليوم

وتأتي زيارة لودريان في وقت يشهد فيه لبنان الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخه الحديث. ولم توفر تداعياته أي طبقة اجتماعية، خصوصاً مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ما تسبب في تآكل قدرة المواطنين الشرائية. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءا من رواتبهم. وبات نصف اللبنانيين تقريبا يعيشون تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نسبة 35 في المئة.

وفي مارس، تخلّف لبنان للمرة الأولى في تاريخه عن تسديد ديونه الخارجية، ثم طلب مساعدة صندوق النقد الدولي معتمدا على خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها الحكومة. لكن بعد عدة جلسات بين ممثلين عن الطرفين، لا تزال المفاوضات تراوح مكانها.

وكان المجتمع الدولي، وعلى رأسه فرنسا، قد وضع شرطا لتقديم أي مساعدة مالية للبنان يتمثل في تنفيذ إصلاحات جدية على أرض الواقع.

وقال وزير الخارجية الفرنسي في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره اللبناني ناصيف حتّي، الذي بدا موافقا على كلّ ما يقوله، إن لبنان في وضع “حرج للغاية”، مشدّدا على أن المطلوب إصلاحات تقوم بها الحكومة اللبنانية على كلّ المستويات والأصعدة.

ولوحظ أن لودريان ركّز على أن الطريق الوحيد أمام لبنان للخروج من أزمته هو التزام برنامج يتفق في شأنه مع صندوق النقد الدولي.

وقالت مصادر سياسية لبنانية إن لودريان أكّد في كل الاجتماعات التي عقدها مع كبار المسؤولين اللبنانيين، أن قرارات مؤتمر “سيدر” لن تكون قابلة للتنفيذ في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وشدّد على أن صندوق النقد هو الخيار الوحيد أمام لبنان.

والتقى وزير الخارجية الفرنسي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس مجلس الوزراء حسّان دياب قبل أن يعقد مؤتمرا صحافيا بعد محادثات مع وزير الخارجية اللبناني.

وأكد لودريان أنه “ليس هناك حل بديل عن برنامج صندوق النقد الدولي من أجل السماح للبنان بالخروج من الأزمة خصوصا عبر التنفيذ الفعلي للتدقيق في مصرف لبنان” مشددا على ضرورة إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد، التي شهدت تباينات بين المفاوضين اللبنانيين أنفسهم، سواء تعلق الأمر بحجم الخسائر المالية أو تعلق بإصلاح القطاع المصرفي.

اقتصاد لبناني منهك
اقتصاد لبناني منهك

وانتقد وزير الخارجية الفرنسي حزب الله دون أن يسميه وذلك بدعوته إلى سيطرة الجيش اللبناني على كلّ الأراضي اللبنانية. كذلك دعا لبنان إلى إبعاد نفسه عن الأزمات الإقليمية، في إشارة واضحة إلى تدخّل حزب الله عسكريا في سوريا.

وتُعد زيارة لودريان الأولى التي يؤديها مسؤول أجنبي رفيع المستوى إلى لبنان منذ تشكيل حكومة دياب قبل أشهر وبدء انتشار وباء فايروس كورونا في العالم. وكشف حسان دياب خلال لقائه لودريان، عن حصول تباينات سياسية أدّت إلى تأخير في التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

وقال دياب إن “هذه التباينات لها علاقة بالنهج الذي كان سائدا في التعامل مع الملف المالي وفي النهج الذي تتَّبعه هذه الحكومة والذي يعتمد الصراحة والشفافية والواقعية في التعامل مع الأزمة المالية”.

وأضاف “نحن مصممون على مواصلة التفاوض مع صندوق النقد، ونتمنى أن تقوم فرنسا بتسريعه، لأن الوضع المالي في لبنان لا يتحمل التأخير”، وتابع بقوله إن “لبنان ينظر إلى فرنسا كصديق تاريخي، وهو على ثقة من أنها لن تتخلى عنه اليوم، ونتمنى مساعدة فرنسا له على عدة أصعدة”، مشيرا على وجه التحديد إلى قطاع الكهرباء. وشدد على أن حكومته مستمرة “في مسيرة الإصلاح”.

1