المركزي التركي يغامر بتثبيت أسعار الفائدة

فاجأ البنك المركزي التركي المحللين الخميس حين ثبت أسعار الفائدة الرئيسية للشهر الثاني على التوالي على الرغم من أن للخطوة تأثيرا على معدل التضخم، الذي قد يرتفع في ما تبقى من العام الجاري، ما قد يفاقم الضغوط على الاقتصاد بشكل أكبر في ظل أزمة الوباء.
أنقرة - أعلن البنك المركزي التركي الخميس في بيان أعقب اجتماع لجنة السياسة النقدية أنه أبقى على أسعار الفائدة ثابتة عند 8.25 في المئة بعد دورة تيسير استمرت لنحو عام.
ورغم هذه الخطوة تظهر المخاوف بوضوح من تعرض الاقتصاد الكلي إلى انتكاسة حين قال إن “زيادة التضخم في الآونة الأخيرة تعني أن هناك احتمالات لأن يتجاوز ما كان متوقعا له بنهاية العام”.
وأظهرت بيانات نشرها معهد الإحصاء التركي مطلع هذا الشهر ارتفاع معدل التضخم السنوي في تركيا إلى 12.62 في المئة خلال يونيو الماضي مقارنة مع حوالي 11.4 في المئة تم تسجيلها في مايو الماضي.
لكن أرقام التضخم الأساسي التي تقل في الغالب عن التضخم في المدن تشير إلى أن التضخم الإجمالي قد لا يتراجع كثيرا وبالسرعة التي يتوقعها البنك المركزي والحكومة.
ويقول محللون إن توقعات البنك بوصول معدل التضخم في نهاية العام إلى 9.54 في المئة تبدو متفائلة كثيرا خاصة في ظل الضبابية التي تخيم على مؤشرات النمو الاقتصادي وتعرض قيمة الليرة إلى المزيد من التدهور رغم محاولات إنقاذها.
وتؤدي معدلات التضخم المرتفعة عادة إلى تآكل القوة الشرائية للسكان وهو ما يعني أنهم يملكون مالا قليلا مقارنة بحاجتهم إلى الإنفاق على شراء السلع أو الحصول على ضمانات لمشتريات مكلفة مثل السيارات والمساكن.
وبات الاقتصاد التركي على وشك الانهيار مجددا وخيارات الرئيس رجب طيب أردوغان محدودة بعد أن تلقت تصريحاته والوعود الاستعراضية التي يواصل إطلاقها ضربة جديدة مع تفشي وباء كورونا المستجد.
8.25 في المئة سعر الفائدة الرئيسي بعد أن تم خفضه من 24 في المئة في 9 مناسبات
ومع انتشار البطالة على نطاق واسع، وانهيار القطاع السياحي بسبب قيود الإغلاق إضافة إلى العملة غير المستقرة، فإن تركيا تواجه ركودا اقتصاديا مؤلما. وقد فاقم كورونا من الأزمة المالية لأنقرة بعد أن تعافت من أول ركود اقتصادي لها خلال عشر سنوات ليضربها الوباء بقوة.
وكان البنك قد خفض في السابق سعر فائدته الأساسية في تسعة اجتماعات متتالية من مستوى عند 24 في المئة في مسعى لدعم الاقتصاد المتضرر من تباطؤ منذ العام الماضي ثم عمقت متاعبَه جائحةُ فايروس كورونا.
ويقول مجلس إدارة المركزي إنه يراقب تأثيرات كورونا على تدفق رأس المال والتجارة الخارجية وأسعار السلع لاسيما مع تراجع النمو العالمي خلال الربع الثاني من العام الحالي بسبب الوباء.
وذكر أنه رغم الانخفاض الملحوظ في عائدات قطاع السياحة بسبب كورونا، إلا أنه من المتوقع حدوث تحسن جزئي من خلال تخفيف قيود السفر. ولفت أيضا إلى أن انتعاش الصادرات وانخفاض مستويات أسعار السلع سيدعم رصيد الحساب الجاري في الفترة المقبلة.
ويكشف ارتفاع معدل التضخم الأساسي في تركيا إلى أعلى مستوى على الإطلاق عن حجم التحديات التي تواجه السلطات الاقتصادية في أنقرة في محاولاتها خفض الأسعار لتتمكن من خفض أسعار الفائدة المرتفعة التي تعرقل النمو الاقتصادي.
وأكدت وكالة بلومبيرغ في تقرير الخميس أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في تركيا وتدهور معدلات النمو ستجبر الرئيس رجب طيب أردوغان على رفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ عامين خلال النصف الثاني من العام الجاري.
ولكنها أشارت إلى أنه مع تدهور توقعات التضخم وبقاء المخاطر حول العملة المحلية قائمة، لن يجد المركزي مفرا في الوقت الحالي من الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة.
وتحوّل التركيز إلى احتمال أن ترتفع تكاليف الاقتراض بعد أن قدم البنك المركزي 1.575 نقطة أساس من التسهيل في تسع خطوات متتالية قبل التوقف في يونيو الماضي.
وقال محللو بنك جيه.بي مورغان تشيس وشركاؤه بما في ذلك ياركين سيبيسي إنه “مع تعافي الطلب المحلي وزيادة ضغوط الأسعار، ستكون الخطوة التالية رفع أسعار الفائدة”.
وكان المركزي أوقف تخفيضات أسعار الفائدة مع تسارع التضخم، ووصولها إلى معدلات أكبر من توقعاته. كما تعتبر الليرة التركية واحدة من أسوأ العملات أداء هذا العام في الأسواق الناشئة حيث فقدت حوالي 13 في المئة من قيمتها مقابل الدولار.
ولدى أغلب المحللين قناعة راسخة بأن المعدلات الحقيقية في تركيا سلبية للغاية بعد التخفيضات الهائلة في أسعار الفائدة في الأشهر الاثني عشر الماضية والصعود الأخير للتضخم.