مبادرة فلسطينية.. اتركوا الحجل يتكاثر ويطربنا بصوته

الخليل (فلسطين) - الصيد الجائر، وجمع بيضه من الأعشاش، مخاطر حقيقية باتت تشكل تهديدا لوجود طائر الحجل في الطبيعة بجبال الضفة الغربية.
دفع النقص الحاد في أعداد الحجل خلال السنوات الأخيرة، يوسف نصار (50 عاما)، إلى إطلاق مبادرة لإنقاذ الطائر الفريد بجماله وحُسن صوته وعذوبته وبراءته من الانقراض.
يعمل نصار على شراء بيض الحجل بشكل متواصل، ويجري عملية تفقيسه باستخدام أجهزة خاصة، ويتولى رعاية الفراخ قبل أن يطلقها في الطبيعة.
والحجل المعروف شعبيا باسم “الشنار”، طائر مقيم غير مهاجر يعيش في الجبال، ينتمي إلى رتبة الدجاجيات، لونه رمادي وأسود من الأعلى، والجوانب بيضاء كستنائية مخططة، والوجه أبيض تحيط به قلادة سوداء.
توجد عدة أنواع من الحجل منها: الحجل الرملي، والصخري، والمغربي، والنوبي، والتهامي أو الفلسطيني، والمصري.
ويفضل الحجل الجري على الطيران لكنه عند الشعور بالخطر يطير بعيدا، وله قدرة كبيرة على التخفي والتمويه بين الصخور والأحراش.
تحظر سلطة جودة البيئة الفلسطينية صيد طائر الحجل أو جمع بيضه خاصة خلال موسم التكاثر في مارس وأفريل، وهي الصرخة التي لم تلق أيّ اهتمام عند الكثيرين من الذين اعتادوا السطو على هذا الطائر الجميل واصطياده.
وبينما ينشغل نصار في رعاية فراخ حجل صغيرة تم تفقيسها حديثا بمنزله في مدينة الخليل، جنوبي الضفة، يقول، “الحجل طائر رقيق يعشق الحرية ويحتاج معاملة لطيفة”.
ويوضح الرجل أن هناك إقبالا على شراء بيض الحجل حيث يأكله الفلسطينيون مثل بيض الدجاج.
ويشير إلى أنه بدأ مبادرته منذ أكثر من عام حيث يشتري بيض الحجل من السوق ويضعه في حاضنات خاصة (فقاسة)، وبعد تفقيسها يعمل على رعايتها لنحو 10 شهور، ثم يعيدها إلى الطبيعة طيورا قوية.
ويقول، “قبل 20 عاما كان الحجل منتشرا في الطبيعة بشكل كبير، بينما أعداده اليوم قليلة للغاية بسبب الصيد الجائر وجمع بيضه وبيعه، وهذا يهدد وجوده”.
وبمجرد أن يعلم نصار بصياد تمكن من جمع كمية من بيض الحجل، يتوجه إليه ويشتري ما جمعه.
ويقول، “أينما يوجد بيض الحجل أذهب وأشتريه. لا يمكن إعادة البيض إلى الطبيعة لذلك أعمل على وضعه في فقاسات خاصة ومن ثمّ رعاية الفراخ وإعادة تأهيلها قبل إطلاقها في الطبيعة”.
ومنذ بداية مبادرته، تمكن نصار من إعادة نحو 18 طائر حجل إلى الطبيعة، ويأمل هذا العام في أن يتمكن من إطلاق ما يزيد عن 50 طائرا.
ويضيف نصار، إنه يعشق الحياة البرية ويرى أن إطلاق الطيور في الطبيعة ثقافة يجب أن تعمم حتى لا تنقرض مثل هذه الأنواع النادرة والجميلة.
وأطلق الفلسطيني نصار حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحث الصيادين بشكل خاص على إطلاق طيور الحجل في الطبيعة لمنع انقراضه، الأمر الذي يهدد التنوع البيئي في فلسطين.
وفي السياق، يقول عماد الأطرش، رئيس جمعية الحياة البرية الفلسطينية (غير حكومية)، إن “الحجل الفلسطيني مهدد بفعل صيده وجمع بيضه بشكل كبير”. ويؤكد الأطرش أن الحفاظ على طائر الحجل يحتاج إلى تفعيل القانون الفلسطيني بتجريم صيد الطيور وجمع بيضها.
ودعا الجهات الفلسطينية المختصة إلى مصادرة بيض الحجل من الأسواق وتفريخها ورعاية الطيور وتأهيلها لإعادتها إلى البيئة.
قبل عام أطلقت لجان العمل الزراعي صرخة على الفيسبوك عبر صفحة “حكي القرايا” بعدم مصادرة بيوض أو فراخ “الشنار” وعدم اصطياد الأمهات خلال موسم التكاثر.
ونشرت الحملة نصا لأعضائها طالبة منهم مشاركته على أوسع نطاق، “أليس من الأولى ترك هذا الطائر (الشنار أو الحجل، ملكة جمال جبال فلسطين) تزين براري فلسطين، بدلا من سرقة بيضها، وأكل لحمها الذي لا يسمن ولا يغني من جوع؟ اتركوها بسلام، نرجو من الجميع التفاعل مع حملة حكي القرايا للتوعية بأهمية الحفاظ على طائر الشنار”.
وبين فريد طعم الله، أحد أعضاء المبادرة لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، نحاول أن نخفف من الصيد الجائر لهذا الطائر، ونأمل في أن يكون صوتنا مسموعا، حماية للتنوع البيئي والحيوي، عدا عن أهمية طائر الشنار في موروثنا الثقافي والتراثي والشعبي، وله ذكره في القصص والأغاني والأمثال الشعبية.
وعن مدى تحرك المبادرة على الصعيد الرسمي، قال طعم الله، “هناك جهد لكنه غير كافٍ، وعلينا توعية المواطنين بأن هذه الممارسة ستؤدي إلى أن يصبح الشنار مهددا بالانقراض، فلماذا لا نقوم من الآن بالتوعية والتحرك الرسمي، لوضع خط مجاني للإبلاغ عن المخالفات بحق هذا الطائر ووضع غرامات على المخالفين، قبل أن يأتي جيل يسمع منا بالشنار ويحلم برؤيته؟”.
ولفت طعم الله إلى أن أسباب تهديد الشنار عديدة، أبرزها، الاستيطان والزحف العمراني ورش المبيدات والصيد الجائر في موسم التكاثر، وأكل الخنازير البرية للبيض.
ويقول سعيد فياض وهو أحد المواطنين الغيورين على ما يتعرض له الحجل وغيره من الطيور والحيوانات، “لنحافظ على هذه الأصناف من الطيور والحيوانات البرية، ونستخدم البدائل الموجودة في الأسواق من لحوم وبيض ولنتأمل ونتمتع بأصوات هذه الطيور وجمالها في جبال وسهول بلادنا”.
أما أحمد شاقور، فكتب تدوينة خلال مشاركته الحملة، “تشكل هذه الطيور وتلك الأزهار والنباتات البرية تميزا مبهجا لجبالنا وبيئتنا، فهي كالكحل للعين والشامة على خد الحسناء.. دعوا جبالنا وهضابنا تبتسم لنا، دعوها تُسكِّن أوجاعنا، وتنسِنا أسى الظرف والزمان”.
بينما علّقت نورا الحمدان، “اتركوها تتكاثر وتطربنا بصوتها الجميل”.