المؤسسة العسكرية تسابق الزمن للتوصل إلى سلام في السودان

النائب الأول لرئيس مجلس السيادة يؤكد أن الحكومة السودانية تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق السلام.
الجمعة 2020/06/12
توقيع اتفاق شامل الشهر الجاري

الخرطوم – أعلن السودان التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع الجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة وتنظيمات سياسية، في العشرين من يونيو، وهو الموعد المحدد من قبل وساطة دولة جنوب السودان، وسط مخاوف من تكرار أخطاء الاتفاقيات السابقة التي جرى التوقيع عليها دون وجود أرضية ممهدة قابلة لتنفيذ ما تم التوصل إليه.

استمرت مفاوضات السلام الجارية بين السلطة الانتقالية والجبهة الثورية عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الخميس، بعقد اجتماعين منفصلين، أحدهما تناول مراجعة القضايا القومية المتفق عليها خلال المباحثات الماضية، والآخر تعلق بالترتيبات الأمنية بشأن مساري دارفور والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).

أكد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مساء الأربعاء، أن الحكومة تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق السلام، وبشر المواطنين بتوقيع اتفاق شامل بحلول العشرين من يونيو الجاري، وأثنى على روح المثابرة التي اتسم بها طرفا التفاوض والجهود التي تبذلها جوبا وصولا إلى اتفاق يفضي إلى سلام دائم.

وقطعت مفاوضات السلام نحو 90 في المئة من القضايا الخلافية، لكن عدم حسم الملفات العالقة التي تشكل أساس إنهاء مشكلات الهامش يجعل السودان أمام سلام جزئي وليس شاملا.

وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري في الخرطوم، أبوالقاسم إبراهيم آدم، لـ”العرب”، إلى وجود نيّة من قبل المكون العسكري في مجلس السيادة للتوقيع على اتفاق خلال الشهر الجاري، استباقاً لأي تدخلات من قبل البعثة الأممية وفقاً لقرارات مجلس الأمن الأخيرة.

وقال، إن هناك اعتقادا بتجاوز الوثيقة الدستورية أكثر من اللازم، وعملية استكمال مؤسسات الحكم الانتقالي باتت متأخرة، وأن ثمة رغبة في أن يكون السلام عربونا يقدمه السودان للمجتمع الدولي ليثبت جديته في عملية التحول الديمقراطي، وطي الصراعات الداخلية.

وأشرفت جوبا على مفاوضات مطولة مع الحركات المسلحة منذ بداية الفترة الانتقالية في أغسطس الماضي، وكان من المقرر الوصول إلى اتفاق في غضون ستة أشهر، غير أن جملة من المشكلات التفصيلية والسياسية والأمنية في أقاليم الهامش أرجأت التوقيع، ولجأت الوساطة إلى عقد مؤتمرات تشاورية بين قوى مختلفة بشأن بعض الملفات التي أثبتت المفاوضات صعوبة حسمها بين الحركات والسلطة الانتقالية.

ثمة ملفات ملغمة ربما تبدد حلم السلام، بينها تمسك الحركة الشعبية شمال – جناح عبدالعزيز الحلو، بمبدأ علمانية الدولة وتقرير المصير

ويعقب التوقيع على السلام عقد مؤتمر دستوري بمشاركة جميع السودانيين، ومواطني الأقاليم بصفة خاصة كجزء من عملية صياغة الدستور، إلى جانب تنظيم مؤتمر آخر يتعلق بنظام الحكم خلال 6 أشهر من توقيع اتفاق السلام مهمته التوافق حول المستويات والحدود والهياكل الموجودة في نظام الحكم.

وقال المتحدث باسم الجبهة الثورية، أسامة سعيد، إن المفاوضات وصلت إلى مراحلها الأخيرة، بعد أن أتمت مسارات الشمال والوسط والشرق اتفاقاتها مع وفد الحكومة، وتبقى نقطة رئيسية واحدة عالقة في ملف الترتيبات الأمنية الخاص بمسار المنطقتين، وترتبط بالدمج والتسريح ومدة النصوص الخاصة بها، واستمرار المفاوضات حول الترتيبات الأمنية الخاصة بملف دارفور.

وأضاف لـ”العرب”، هناك نقاط عالقة بحاجة إلى قرارات سياسية من الخرطوم، تتعلق بمدة الفترة الانتقالية وبدء سريانها، خاصة أن الحكومة رفضت مقترح الجبهة الثورية بأن تكون لمدة 4 سنوات من تاريخ التوقيع على اتفاق سلام، دون أن تتقدم بمقترحات أخرى، فيما تعتبر الجبهة الثورية أن هذه النقطة أساسية في توقيع الاتفاق من عدمه.

وتعد تلك الفترة مهمة لتحول الحركات المسلحة إلى تنظيمات سياسية ومدنية، بما يضمن استكمال نصوص الوثيقة الدستورية. وتعتقد الحركات المسلحة أن تنفيذ اتفاق السلام بحاجة إلى مصفوفة زمنية يجري التوافق بشأنها مع السلطة لضمان عقد المؤتمرات التكميلية المتفق عليها، وتأسيس جيش قومي قبل نهاية المرحلة الانتقالية، والاتفاق على الخطوط العريضة للسياسة الخارجية وإزالة أشكال التهميش.

وترى الحكومة أن تمديد الفترة الانتقالية سيكون محفوفاً بالكثير من المخاطر في ظل الاتفاق على تقسيم فترة الـ39 شهراً بين المكون المدني والمكون العسكري، وقد يكون ذلك بابا جديدا للخلافات بين الطرفين، لأن البلاد تمر بتعقيدات سياسية وأمنية بفعل محاولات فلول النظام السابق ضرب المسار الانتقالي، وإطالة الفترة قد تشكل رِدّة وتمثل خسارة فادحة لقوى الثورة.

وحسب أسامة سعيد، هناك نقطة عالقة ثالثة ترتبط بملف السلطة لم تحسم بعد، وترتبط بإشراك قادة الجبهة الثورية ضمن مؤسسات الفترة الانتقالية على المستوى القومي، ونسب تمثيلها في مؤسسات الحكم، وتحاول المفاوضات الجارية الوصول إلى رؤى مشتركة، وسيكون عدم الاتفاق بشأنها عائقا أمام توقيع اتفاق السلام في الوقت المحدد.

ويقول مراقبون، ثمة ملفات أخرى ملغمة ربما تبدد حلم السلام، بينها تمسك الحركة الشعبية شمال – جناح عبدالعزيز الحلو، بمبدأ علمانية الدولة وتقرير المصير، بالرغم من انخراطها في الاجتماعات التي انطلقت، الثلاثاء، بجانب عدم حسم مصير حركة جيش تحرير السودان – بقيادة مني أركو مناوي، والذي انشق عن الجبهة الثورية وترك المفاوضات مؤخرا.

وتعتزم الجبهة الثورية توجيه دعوة للحركات المسلحة التي لم تنخرط في السلام، لتكون ضمن الاتفاق الموقع بينها وبين الحكومة الانتقالية، ما يؤدي إلى توسيع رقعة السلام لأكبر عدد من أقاليم الهامش.

2