سوريان يعيدان وجبة اللزاقيات إلى شوارع السويداء

حول شابان سوريان أكلة شعبية متغلغلة في التراث السوري إلى مورد رزق لهما، متحدّيين الخوف من كورونا بالتجول بعربتهما في شوارع محافظة السويداء الجنوبية، مستفيدين من حب السوريين للزاقيات.
السويداء (سوريا) – أعاد شابان سوريان الألق لأكلة “اللزاقيات” الشعبية التي تشتهر بها السويداء ويرتبط بها تراث المحافظة الجنوبية، حيث تمكنا من حفظ الأكلة من الاندثار وفي الآن ذاته نجحا في جعلها المشروع الأول من نوعه في تلك المنطقة.
و”اللزاقيات” هي أكلة شعبية تراثية كانت تقدم للضيوف في المناسبات، إلى جانب أنها تعد علامة على انتهاء الحصاد، حيث يحرص الفلاحون على دعوة الأهل والجيران إلى تناولها إيذانا بانتهاء الموسم، بالإضافة إلى أنها معين على تحمل قسوة الشتاء لما تحتويه من مواد مفيدة تمد الجسم بالطاقة والحيوية.
“خذلك صحن لزاقيات على الماشي (سريعا)” شعار عربة الشابين جواد حرب ويونس الجباعي، اللذين يجوبان الشوارع ويبيعان طعاما يحمل نكهة الزمن الجميل، فهما يتيحان هذه الأكلة التي لا يتم تقديمها إلا في المناسبات للجميع في كل الأوقات وبأسعار مقبولة.
ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قال الجباعي (25 عاما) “رفعنا هذا الشعار، لأننا وفرنا على أي شخص قد يشتهي هذه الأكلة التي تحتاج وقتا لتجهيزها، عناء صنعها، فنحن نقدمها لهم بنكهة الأجداد، ولكن بطريقة سريعة”.
وأشار الجباعي، وهو طالب جامعي في قسم التاريخ، إلى أن “مشروع العربة المتنقلة لأكلة اللزاقيات بدأ قبل حوالي الشهرين من الآن، ولكن بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة السورية للتصدي لفايروس كورونا وفرض حظر التجوال الليلي، تم تأجيل الافتتاح لهذا الوقت”.
وأضاف أن أم شريكه في المشروع تساعدهما على صنع أرغفة خبز اللزاقيات في منزلها في بلدة عرى بالريف الغربي لمحافظة السويداء.
وكانت هذه الأكلة تخبز صباحا وتتألف من الطحين الأسمر والحليب الطازج والسكر وبعض البهارات التي تعطي للخبز نهكة مميزة، وبعد نضوج الخبز يتم وضعه في وعاء كبير ويقطع إلى قطع مربعة متساوية، ثم يضاف إليه المرق المكون من الحليب والحلاوة الطحينة وقطع الراحة المصنوعة من النشاء، ثم يضاف هذا المزيج إلى خبز اللزقيات، ويقدم للضيوف بعد أن يرش عليه بعض المكسرات كالفستق الحلبي أو اللوز أو الجوز.
وتورث اللزاقيات للأبناء أبا عن جد، إذ مازالت هذه الأكلة الشعبية التراثية تحظى باهتمام الشباب حاليا، رغم تغير ظروف الحياة.
ولفت الجباعي إلى أن “الظروف التي تعيشها سوريا حاليا صعبة، وفرص العمل قليلة أمام الشبان، ما دفعه وشريكه للتفكير في هذا المشروع”، مؤكدا أن هذه الأكلة تحظى باهتمام واسع لدى غالبية سكان المحافظة، ومن الصعب أن تنجز بسهولة.
ووقف محمد جركس أمام العربة لتناول صحن لزاقيات، قائلا إن “هذا المشروع جديد على المنطقة، وهو يربط الماضي بالحاضر”، مشيرا إلى أن هذه الأكلة باتت مكلفة هذه الأيام بينما من خلال هذه العربة المتجولة بإمكان أي شخص أن يتناولها بكل سهولة مع أصدقائه.
وأعرب جركس (26 عاما) عن إعجابه بهذا المشروع، مؤكدا أن هذه العربة لفتت أنظار الناس ولاقت استحسانا كبيرا.
وأضافت زبونة تدعى رؤى كيوان “أن هذه الأكلة مرغوبة من قبل أهالي السويداء، خاصة وأنها تأتي جاهزة للأكل مباشرة دون عناء”. وقالت “أشجع الشبان على العمل وكسب الرزق الحلال”.
واللزاقيات أو السيالات فطير من خبز أثخن من خبز الصاج قليلا يُرَّوى مباشرة بُعَيْدَ خبزه بالسمن العربي والعسل أو السكر، وهي حلوى شعبية من بلاد الشام، تسمى اللزاقيات في الأردن وفي محافظات الجولان والسويداء ودرعا السورية وفلسطين، وتسمى بالسيالة أو السيالات في محافظات الحسكة وحمص وحماة وحلب واللاذقية.
وسميت السيالات بهذا الاسم لكون عجينها يسال به على الصاج، وسميت باللزاقيات لالتصاق طبقات خبزها ببعض بالسمن والسكر.
ويختار حرب والجباعي أمكنة يئمها الناس، بحثا عن الرزق، في هذه الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب وفايروس كورونا.