الخطوط التركية تدفع ثمن صفقات أردوغان الاستعراضية

الشركة تؤجل تسلم طلبية طائرات من بوينغ وإيرباص بسبب نقص السيولة وارتفاع جبل ديونها.
الخميس 2020/05/28
الآفاق تزداد ضبابية

عكس إعلان الخطوط الجوية التركية عن تأجيل استلام طلبية طائرات من عملاقي صناعة الطيران إيرباص وبوينغ، بسبب ظروف أزمة كورونا، مدى الأزمة التي تعاني منها الشركة نتيجة الصفقات الاستعراضية التي أبرمها الرئيس رجب طيب أردوغان لجعلها أحد المنافسين الرئيسيين في المنطقة.

إسطنبول - تزايدت المؤشرات على مدى الصعوبات التي تعاني منها الخطوط الجوية التركية، التي دخلت في نفق مظلم من المشاكل نتيجة توقف الرحلات بسبب أزمة وباء
كورونا.

وآخر ما رشح عن أزمات الشركة الحكومية هو اضطرار المسؤولين عنها إلى اتخاذ خطوة إرجاء تسلم طلبية من الطائرات ضمن صفقة كان الرئيس رجب طيب أردوغان قد حث على إبرامها مع مجموعتي إيرباص الأوروبية وبوينغ الأميركية.

ونقلت صحيفة حريت التركية الأربعاء عن الرئيس التنفيذي للخطوط التركية إلكر أيجي قوله إن الشركة، التي أوقفت نحو نصف رحلات الركاب بسبب أزمة الوباء، قد ترجئ استلام بعض طائرات بوينغ وإيرباص.

وذكر أن الشركة تسلمت حتى الآن نصف طلبيتها البالغة 25 طائرة بوينغ من طراز 787 – 9، ولكن تسلم بقية الطلبية قد يؤجل.

وأوضح أن الشركة تجري محادثات بشأن استلام طائرات إيرباص 350 – 900 الجاهزة في طلبية 25 طائرة من هذا الطراز وتعكف على إرجاء تسلم البقية.

ومنذ العام 2018، تزايد بشكل كبير توقيع الصفقات الاستعراضية خلال زيارات أردوغان، والتي لا يبدو أنها تستند إلى معايير اقتصادية وقد ترهق الأطراف التركية المعنية.

ويقول محللون إن الخطوط التركية من بين الشركات التي يبدو أنها أرغمت على مجاراة رغبة أردوغان في إبرام الصفقات، والتي أصبحت ترزح تحت جبل من الديون.

وقد وقعت الشركة خلال زيارة أردوغان إلى باريس مذكرة تفاهم مع إيرباص لشراء 25 طائرة من طراز أي 350 – 900 مقابل نحو 7.77 مليار دولار، دون إبلاغ البورصة بالصفقة.

وكانت الخطوط التركية قد وقعت في سبتمبر 2017 صفقة استعراضية مماثلة خلال زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة، لإرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل شراء 40 طائرة بوينغ من طراز دريملاينر 787 بقيمة بلغت 11 مليار دولار.

وفي محاولة لتبرير تلك الصفقة ذكرت الصحف العالمية أن الخطوط التركية رجحت بوينغ على إيرباص، لكن ذلك يجعل صفقة إيرباص الأخيرة مفاجئة للجميع.

وفي المحصلة وقعت الخطوط التركية في إطار زيارتي الرئيس التركي إلى باريس وواشنطن على التزامات تزيد ديونها بنحو 18.77 مليار دولار.

وأبرمت الخطوط التركية منذ عام 2010 وخلال زيارات أردوغان الخارجية حصرا اتفاقات بأكثر من 65 مليار دولار، لم تسدد منها سوى نحو 5 مليارات دولار لحد الآن، الأمر الذي يكشف وطأة سياسات أردوغان على الشركة.

توقعات بتراجع عائدات الشركة بحوالي 48 في المئة
توقعات بتراجع عائدات الشركة بحوالي 48 في المئة

ويؤكد المحللون استنادا إلى عدة مؤشرات وبيانات حديثة أن الخطوط التركية تواجه في المدة الأخيرة أوقاتا عصيبة أكثر من أي وقت مضى بفعل استمرار إغلاق المجال الجوي أمام رحلاتها، وهو ما يجعلها مكبلة على مدرج الخسائر.

وبفعل ذلك أكد إلكر أن الخطوط التركية ستبدأ في تنفيذ سياسة تقشفية لتقليص النفقات، ولكن محللين يرجحون أن تتفاقم الأزمة لأن الإستراتيجية الجديدة قد تطرد زبائنها إلى الأبد.

ومن بين الخطط المقترحة عدم تقديم المأكولات والمشروبات مجانا من الآن فصاعدا في الرحلات المحلية أو غيرها التي تقل مدتها عن ساعتين.

كما أن الشركة ستعمل على تعديل الرواتب بهدف دعم أصحاب أقل الأجور مع الإبقاء على موظفيها قدر المستطاع حتى لا تتأثر أعمالها في الفترة المقبلة.

وتعتزم الشركة استئناف بعض الرحلات المحلية في الرابع من يونيو وبعض الرحلات الدولية في العاشر من الشهر نفسه، إذ تسعى شركات الطيران في أنحاء العالم إلى إعادة تسيير الطائرات مجددا بعد التراجع العالمي في حركة السفر.

لكن إلكر قال خلال مقابلة مع الصحيفة إن “تأثير أزمة كورونا قد يدوم إلى ما يصل إلى خمسة أعوام”، مضيفا أن الأمر سيستغرق وقتا للعودة إلى مستويات معامل الحمولة المسجلة في 2019.

وتشير معظم التقديرات إلى أن الخطوط التركية أصبحت تتكبد خسائر يومية بقيمة 11 مليون دولار نتيجة لتوقف الرحلات الجوية حول العالم بسبب الوباء.

وأشار تقرير لمؤسسة في.تي.بي كابيتال، وهي بنك استثماري روسي، حول شركة الخطوط الجوية التركية إلى تراجع عدد المسافرين على متن رحلات الشركة بنحو 48 في المئة منذ بداية العام الجاري.

وتوقع خبراء المؤسسة في تقريرهم أن تتراجع عائدات الشركة بحوالي 48 في المئة، ما يعادل سبعة مليارات دولار تقريبا، الأمر الذي يضاعف الضغوط عليها بشكل أكبر. وفي ضوء ذلك، من المرجح أن تصل خسائر الخطوط الجوية التركية بنهاية العام الجاري إلى حوالي مليار دولار.

ويعني ارتفاع الخسائر مع ارتفاع الإيرادات، أن الشركة لا تزال مندفعة للتوسع في نشاطات ليست ذات جدوى، وهو ما تكشفه الصفقات الاستعراضية، التي يمليها الرئيس رجب طيب أردوغان بهدف التفاخر بأرقام باتت محور الأزمات العميقة للاقتصاد التركي.

ونقلت الخطوط التركية، التي يشرف عليها أردوغان بشكل مباشر عبر رئاسته لصندوق الثروة السيادي، مقرها إلى مطار إسطنبول الجديد في بداية أبريل العام الماضي، في مسعى لتعزيز أعمالها.

10