مغربيات يواجهن الحجر الصحي في الغربة

تجارب نساء مغربيات في مواجهة كورونا والالتزام بإجراءات العزل الصحي في الغربة.
الاثنين 2020/05/11
لا داعي لليأس

جاكرتا –  في مواجهة الوضع الوبائي العالمي الحالي، أخذت نساء مغربيات مغتربات الموضوع على محمل الجد، فلا مجال للانفعال والاستسلام للهلع أو السقوط في غياهب اليأس والحزن الشديد، حتى لو كان الامتثال لضوابط الحجر الصحي في بلدان آسيوية بعيدا عن أسرهن ووطنهن.

ولا يبدو أن فايروس كورونا الجديد، الذي أحبط مرارا تنبؤات العالم، سينال من طبع مريم بن يحيى الهادئ، والتي لا ترى في هذا الوباء مجرد محنة مؤلمة بل فرصة ذهبية لإعادة التفكير في الذات وتجاوز القدرات في عالم لا يمكن التنبؤ بمآله.

وكشفت المغتربة المغربية الشابة، التي استقرت في سنغافورة رفقة زوجها منذ ثلاث سنوات، أنها تسهر منذ بداية أزمة الوباء، إلى جانب أسرتها الصغيرة، على الامتثال للقواعد وأنسب الإجراءات الوقائية وتدابير النظافة الصحية.

وقالت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “إننا واعون تمام الوعي بأننا لسنا أسوأ حالا من غيرنا. فإذا أمعنا النظر في الوضع قليلا سندرك أننا محظوظون أكثر خاصة من أولئك الذين يوجدون في الخطوط الأمامية للتصدي للوباء، ولاسيما الأطر الطبية”.

لا مجال للانفعال والاستسلام للهلع، حتى لو كان الامتثال لضوابط الحجر الصحي في بلدان آسيوية بعيدا عن الأسرة والوطن

ورحبت مريم، وهي موظفة في القطاع البنكي، بمبادرة العمل عن بعد والتي أتاحت لها فرصة السهر رفقة زوجها على التعليم المنزلي لابنها البكر إلياس البالغ من العمر 7 سنوات، في حين تشرف بعناية على أنشطة ابنها الآخر نائل البالغ من العمر ثلاث سنوات.

وترى مريم أن أصعب مهمة في هذه المرحلة هي السيطرة على الإجهاد والتأثير الذي يمكن أن يحدثه هذا السياق بالذات على الأطفال، مؤكدة ضرورة إيلاء اهتمام خاص بهم، وشرح الأشياء لهم بكلمات بسيطة ومطمئنة، دون تعريضهم للتدفق المستمر والوفير للمعلومات والتحذيرات حول كوفيد – 19.

وتشاطر هذه المخاوف غزلان الفيلالي روطبي، وهي ربة بيت تعيش في جاكرتا منذ أكثر من أربع سنوات، نذرت حياتها لتربية أطفالها، إذ تعتبر  أن هذه الشريحة تظل فريسة سهلة للموجات السلبية التي يمكن أن تنشأ عن البالغين خلال فترة الوباء العالمي.

وأعربت هذه السيدة التي تنحدر من مدينة العرائش، عن قناعتها بأن أي شعور بالقلق وانعدام الأمن ينتقل بشكل سريع وخطير إلى الأطفال. وقالت “إن لديهم إحساس مرهف وعميق اتجاه الأشياء، فهم يشعرون بآلامنا وأحزاننا ويعانون في صمت دون علمنا”.

تأمل الجانب الإيجابي
تأمل الجانب الإيجابي

وفي ما يتعلق بتداعيات الحجر الصحي على العاصمة الإندونيسية، قالت غزلان إن الحياة توقفت شيئا ما بعد أن كانت الحركة ودينامية المدينة من المظاهر التي تصل إلى
ذروتها خاصة خلال شهر رمضان الكريم.

وأضافت أن “شرايين العاصمة مهجورة، فيما اختفت الاختناقات المرورية وأغلقت مراكز التسوق الشعبية أبوابها في العاصمة، في حين اقتصرت المطاعم والمقاهي في خدماتها على الطلبات عبر الإنترنت”، مضيفة أن السلطات أغلقت أيضا القاعات الرياضية وحمامات السباحة في المناطق السكنية كإجراء احترازي.

وهكذا، ولكسر الملل في حياة يومية رتيبة، وجدت غزلان وأسرتها الصغيرة ملاذا في أنشطة جديدة في المنزل. طهي وجبات وجلسات للتأمل والقيام بتمارين رياضية، فضلا عن ليالي سينمائية تحولت إلى لحظة استمتاع وانتعاش أسرية.

أما المغربية بثينة رحال، فذكرت بالمثل القائل “دواء الدهر الصبر عليه”، مشيرة إلى أن الفرج قريب بعد أن تم رفع تدابير الحجر الصحي تدريجيا في ماليزيا، بلد إقامتها.

وتقوم بثينة، وهي طبيبة نفسانية، منذ بداية أزمة الوباء في ماليزيا، بالإنصات باهتمام شديد إلى مرضاها. وقالت إنها تعرض جلسات العلاج على الإنترنت، مؤكدة أن السلامة العقلية عنصر ضروري لتعزيز جهاز المناعة خلال هذه الظرفية الخاصة.

وأضافت بثينة، الحاصلة على شهادة الماجستير في العلاج النفسي من “المدرسة الجديدة للعلاج النفسي والإرشاد” في لندن، “لقد امتثلت أنا ومرضاي لتدابير التباعد الوقائي والاجتماعي السارية. لذا، وكعلاج نفساني، اخترت مساعدتهم من خلال تشغيل خط هاتفي مجاني يعمل على مدار 24 ساعة”.

والأكيد أن أم دعاء وإسراء ستشرع في تأمل عميق ينصّب على التفكير في إيجابيات فترة الحجر الصحي، وهي التي تظل واثقة في غد أفضل.

21