رواية "مايسترو".. الموسيقى توحد الشباب العربي

الكاتب محمد جميل خضر يدعو في روايته “مايسترو” إلى وحدةٍ بين شباب الأمة العربية تحت ظلال الموسيقى والغناء.
السبت 2020/04/25
مشروع موسيقي جمالي (لوحة: مجدي نجيب)

عمان – بلغةٍ يمكن للقارئ العادي التقاط مراميها، يرصد الكاتب محمد جميل خضر في روايته “مايسترو”، سيرة حياة فتى كان منذ طفولته “يراقص الكائنات، ويسامر النجوم، ويقيم حفلا ساحرا للكواكب”.

يؤسس بطل الرواية، الموجهة أساسا للشباب، فرقة موسيقية، يمنحها اسم “الأمل”، منحازا إلى الفن والقيم الكبرى في الوجود، فهو كما يرى البطل الحالم “الخيار الوحيد للبشرية رغم الظروف والآلام المحيطة في أنحاء الأرض”.

ليست مصادفة، بالتالي، وفق روح الرواية الثالثة لخضر بعد روايتيه “يافا.. بوينس آيرس.. يافا” و“نهاوند”، ووفق أشواقها القومية الساطعة، أن أعضاء الفرقة شباب عرب من دول عربية مختلفة. وليست مصادفة كذلك أن الفرقة برسالتها ومساعيها، تخلق تقاربا لافتا بين مشارق الأمة ومغاربها.

رسالة تنحاز إلى الجمال والفن والمعنى
رسالة تنحاز إلى الجمال والفن والمعنى

فهذه الرواية، الصادرة حديثا عن دار العائدون للنشر والتوزيع، تتحدث عن الحب والموسيقى البديلة، والموروث، وتطلعات الجيل الصاعد. وهي تعدّ “سيمفونية ناعمة اللحن، وديعة الأحداث، مدهشة العوالم”.

تتحدث “مايسترو” التي صمم غلافها الفنان بسام حمدان، عن الطفولة البعيدة لبطل الرواية “سمير” منذ كان يعيش في حارة شعبية، والذي أظهر شغفا بالموسيقى جعله يصنع من أي إسطوانة خشبية أو معدنية آلة نفخ؛ يثقبها، يضعها على طرف فمه، يعزف بينما “القمر يضحك ويغني”.

وحين يملّ آلات النفخ، يصنع من أيّ وعاء حديديّ ومن خيطان النايلون، ومن أي قطعة بلاستيكية، “جيتارا” مجازيا.

تواصل الرواية بعد ذلك رصد فترة مراهقة الفتى، والتقائه في مرحلة دراسته الثانوية بشابّين، أحدهما من سوريا والثاني من العراق، فيؤسس معهما نواة فرقة موسيقية منحوها اسم “الأمل”، لما للاسم من دلالات ومن حاجة الجيل العربي الصاعد إلى هذا الأمل، ليواصلوا دروب الحياة.

تكبر الفرقة ويكبر الفتى، ويُفترض، بالتوازي، أن تنضج مستويات التلقي لعالم الرواية الحكائيّ الدراميّ الدلاليّ المفعم بالمعاني. فبعد انتهاء دراسة البطل الجامعية، يصبح أعضاء الفرقة 21 عضوا من 18 دولة عربية، يسافرون بأغانيهم ومشروعهم الموسيقيّ الجماليّ، يبثون رسالتهم للعالم من حولهم، يتقاربون، وتنشأ بينهم قصص حب.

تغوص “مايسترو” بلُغةٍ مُتاحةٍ لليافعين والشباب، ممّن هم بين الثامنة عشرة والعشرين، في عوالم “سمير” وقصصه في حارته الشعبية، حيث بيته الواقع قرب بيت جدته لأبيه، وحيث تتبلور شخصيته، ويراقص في مدى أحلامه الكواكب، ويصادق النيازك.

ويتبع الكاتب أسلوب الواقعية السحرية بما يتيح للرواية أن تحلّق وأن تفتح أفقا ممكنا داخل عالم الأطفال والدجاج والطيور والخراف والقطط ومفردات الكون الفسيح.

وتمثل “مايسترو”، في أهم وجوهها، رسالة تنحاز إلى الجمال والفن والمعنى، وتسافر مع الصغار واليافعين والفتيان والشباب نحو عالم أكثر عدلا ونقاء ومشروعية. وهي كذلك، دعوة إلى وحدةٍ ممكنةٍ بين شباب الأمة العربية وشاباتها تحت ظلال الموسيقى والغناء، طالما الوحدة المشتهاة في أفقها  السياسي، بعيدة المنال.

يشار إلى أن محمد جميل خضر أصدر إلى جانب رواياته الثلاث، أربع مجموعات قصصية هي: “كانون الثالث”، و”طقوس الرخام” التي نالت جائزة عمّان عاصمة الثقافة العربية (2002)، و“هاجر/ موت الأخت” و“برد”.

15