"علّي صوتك أسير".. حملة فلسطينية عربية تنتصر للأسرى داخل السجون

يحلّ السابع عشر من أبريل هذه السنة بشكل مختلف عما سبق، اذ لم تمتلئ الشوارع الفلسطينية بالتظاهرات المنددة باعتقال الأسرى في سجون الاحتلال في يومهم الوطني، بل انخرطت الجهات الرسمية ومنظمات حقوق الانسان في التيار "الافتراضي" محاولة إيصال صوتها لكلّ العالم والدفاع عن المعتقلين في "يوم الأسير" بطرق فرضها الحجر الصحي وتفشي وباء كورونا على العالم بأكمله.
وتقود هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني منذ بداية أبريل الجاري حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف بأوضاع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية من خلال فيديوهات تصورها شخصيات سياسية وإعلامية وفنية وناشطة في المجتمع المدني لكشف قصص الأسرى لجمهورها على السوشيال ميديا.
ويطالب القائمون على الحملة والمشاركون فيها بضرورة الإفراج عن عدد كبير من الأسرى وخاصة المرضى والأطفال والنساء نظرا لتفشي فايروس كورونا والمخاوف من انتشاره بين المعتقلين لا سيما في ظلّ الظروف الصحية الصعبة التي يمرّون بها.
وحسب آخر المعطيات لنادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، يبلغ عدد المعتقلين داخل السجون إلى الآن نحو 5 آلاف فلسطيني بينهم حوالي 130 طفلا وقرابة 700 مريض يتوزعون بين 300 حالة مرضية مزمنة تحتاج لعلاج مستمر وبين 10 مرضى بالسرطان.
وعن الحملة الدولية يقول قدورة فارس مدير نادي الأسير الفلسطيني لـ"العرب أونلاين" إن الحملة تهدف إلى إيصال معاناة الأسرى في سجون الاحتلال إلى كل أنحاء العالم وستستمر إلى ما بعد يوم الأسير الفلسطيني".
وأشار فارس إلى أنّ الهيئة والنادي قد وجه نداء إلى كل المؤسسات الحقوقية والجمعيات في العالم للانضمام للحملة الدولية مثمنا دور المجتمع المدني التونسي الذي شارك بكثرة في دعم الحملة والترويج لها على شبكات التواصل الاجتماعي، معتبرا أنّ "الشعب التونسي يقف دائما إلى جانب فلسطين".
وتعتقل إسرائيل 26 فلسطينيا منذ قبل اتفاق أوسلو (عام 1993)، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ويعرفون بـ"قدماء الأسرى"، ومن بينهم المعتقليْن كريم يونس، وماهر يونس، والذين أمضيا نحو 38 عاما في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى نائل البرغوثي، الذي أمضى أطول فترة اعتقال محددة بنحو 40 عاما.
كما تعتقل إسرائيل 51 أسيرا منذ ما يزيد عن 20 عاما بشكل متواصل، ويطلق على كلّ واحد منهم لقب "عميد الأسرى"، كما تحتوي السجون على 541 معتقلا محكومون بالسّجن المؤبد لمرة واحدة أو لعدة مرات.
وتشير المعطيات التي وثقها نادي الأسير الفلسطيني، إلى استشهاد 222 فلسطينيا في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967، بينهم 73 بسبب التعذيب، و67 جراء الإهمال الطبي، و75 بالقتل العمد، و7 بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من جنود وحراس.
وجاء في بيان المؤسسة في يوم الأسير أنّ عدد الأسرى الذين قتلوا نتيجة لسياسة القتل الطبي البطيء وعبر إجراءات الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون، وهي جزء من سياسة ثابتة ومستمرة منذ سنوات، وصل إلى 67 أسيرا وذلك منذ عام 1967 إلى 2020.
وشدّد قدورة فارس في تصريحه لـ"العرب أونلاين" على أنّ "إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن حياه بقية الأسرى في ظل تفشي فايروس كورونا والذي يمثّل خطرا محدقا بالأسرى لعدم توفير إدارات السجون الإجراءات الصحية والوقائية الضرورية لعدم انتقال العدوى بين المعتقلين".
وتعليقا على الحملة الدولية التي تنتهجها المنظمات والجمعيات الحقوقية يقول قدري أبوبكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تصريح لـ "العرب أونلاين" إنّ "مؤسسات الأسرى أدركت أنه يتوجب البحث عن وسائل جديدة هادفة لإحياء يوم الأسير الفلسطيني في ظل خضوع فلسطين لحالة الطوارئ نتيجة انتشار فايروس كورونا، وهو الوقت الأنسب لاستغلال مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا تويتر وفيسبوك، في محاولة لدعم لصمود الأسرى أمام الأوضاع الصعبة".
ويشير أبوبكر إلى أن ذكرى يوم الأسير تأتي هذا العام في ظروف حياتية وصحية صعبة يعيشها الأسرى نتاج سياسة التطرف الاسرائيلية، حيث أصبحت "السجون بيئة خصبة لغرس الأمراض في أجساد الأسرى ، والمعتقلون فيما يسمى مستشفى سجن الرملة خير دليل على الموت المحقق الذي رسم لهم".
ونوّه أبوبكر في تصريحه لـ"العرب أونلاين" بأن انتشار فايروس كورونا كشف مدى استهتار إسرائيل بحياة الأسرى الفلسطينيين، اذ "اتحدت كل أجهزتها السياسية والعسكرية لحماية الإسرائيليين، فتم تعطيل الحياة واستخدام كل المعقمات الممكنة، واتخاذ كل التدابير والإجراءات الوقائية ضد الوباء، ولكنها لم تفعل شيئا من ذلك داخل السجون، ولم توفر الحياة الآمنة للأسرى، بل سارعت لسحب معظم مواد التنظيف في رسالة مفادها أنّ الأسرى من آخر اهتماماتها".
ويطالب أبوبكر منظمة الصحة العالمية باستكمال ضغطها على إسرائيل بعد البيان شديد اللهجة الذي وجهته لوزارة الخارجية الاسرائيلية قبل أسبوع والذي اعتبرت فيه أن أي وفاة أي أسير فلسطيني بفعل فايروس كورونا جريمة حرب.
ويتزامن الاحتفاء بيوم الأسير في خضم الحديث عن صفقة محتملة بين حماس وإسرائيل لإطلاق سراح أسرى مقابل جثامين جنود مفقودين في غزة.
وقالت حماس في بيان إن "الباب مفتوح أمام أي وسيط يحمل إجابات جادّة وعملية، على المبادرة الإنسانية التي قدمتها لإسرائيل قبل فترة"، وهي مبادرة تهدف لعقد صفقة تبادل للأسرى بهدف استرجاع إسرائيل جثماني الجنديين آورون شاؤول وهدار غولدين، بالإضافة إلى المدنيين اللذين تحتجزهما حماس، أبرا منغيستو وهشام السيد”.
وكان يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بقطاع غزة قد أعلن في 2 أبريل الجاري في لقاءٍ متلفز، استعداد “حماس” تقديم “مقابل جزئي” لإسرائيل.
وفي السادس من ذات الشهر، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى إجراء “حوار فوري عبر وسطاء حول الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة”.
وقال مكتب نتنياهو، في بيان إن “منسق شؤون الأسرى والمفقودين يارون بلوم، وطاقمه بتعاون مع هيئة الأمن القومي، والمؤسسة الأمنية، مستعدون للعمل بشكل بنّاء من أجل استعادة القتلى والمفقودين، وإغلاق الملف، ويدعون إلى بدء حوار فوري من خلال الوسطاء”.
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل استعدادها للحوار حول مفقوديها الأربع الذين تقول إن حماس تحتجزهم منذ الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014.
وتقول إسرائيل إنّ حركة حماس تحتجز جثماني الجنديين آورون شاؤول وهدار غولدين، بالإضافة إلى المدنيين أبرا منغيستو وهشام السيد.