انتقائية تركيا في الإفراج عن السجناء تثير انتقادات منظمات حقوقية

أنقرة - استثنى قانون تركي مثير للجدل السجناء السياسيين من حق التمتع بإجراء الإفراج عن عشرات آلاف السجناء بهدف التخفيف من الاكتظاظ في السجون المهدّدة بوباء كورونا.
وانتقدت منظّمات دولية تدافع عن حقوق الإنسان نصّ القانون الذي يحرم المسجونين بتهم "إرهاب" وبينهم صحافيون ومعارضون سياسيون من التمتع بهذا القانون.
وأدانت المنظمات أيضاً عدم شمول التدبير الجديد العديد من الصحافيين والمعارضين السياسيين والمحامين الموجودين في الحجر الاحترازي ولم يخضعوا بعد للمحاكمة.
ومن بين هؤلاء متّهمون قيد المحاكمة أو ينتظرون بدء محاكماتهم، وموقوفون ينتظرون توجيه اتّهامات رسمية إليهم تمهيداً لمحاكمتهم.
وتعليقا على هذا الإجراء، قال أندرو غاردنر المسؤول في منظمة العفو الدولية لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ "العديد من الأشخاص القابعين في السجن لأنّهم مارسوا حقوقهم -وهم لم يرتكبوا أيّ جريمة- مستثنون من إجراء الإفراج عنهم، لأنّ الحكومة تختار استخدام قوانين مكافحة الإرهاب المرنة جداً والمفرطة في الاتّساع والغموض.
ومن أبرز المساجين رجل الأعمال والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان كافالا والسياسي الكردي المعارض صلاح الدين ديميرداش.
وطلب محسوني كارامان وهو أحد محاميي دميرداش، مؤخراً إطلاق سراح موكله لأسباب صحية لكن لم يتخذ أي قرار بهذا الصدد حتى الآن. واعتبر المحامي أن القانون الجديد "غير عادل وغير قانوني".
ودميرداش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المعارض عانى في ديسمبر من آلام في الصدر وصعوبات في التنفس وتلقى علاجاً سريعاً في السجن.
وتعجّ السجون التركية بالمعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، حيث استغل النظام التركي محاولة الانقلاب الفاشلة لإطلاق حملة أمنية واسعة تستهدف خصومه السياسيين ومنتقديه.
ودميرداش واحد من عشرات آلاف الأشخاص المحتجزين بسبب اتهامهم بالارتباط بمنظمات كردية مسلحة غير شرعية أو بالحركة التي يتزعمها الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة. وتتهم أنقرة غولن بتدبير محاولة الانقلاب، لكنه ينفي ذلك نفياً قاطعاً.
ويشمل القانون الجديد عدة فئات من السجناء، بينهم المتقدمين في السن ويعانون من مشاكل صحية والنساء الحوامل، لكنه لا يشمل مرتكبي جرائم القتل أو جرائم جنسية وتجار المخدرات.
وقالت ميلينا بويوم، الناشطة في منظّمة العفو الدولية (أمنستي) في تركيا، في تغريدة، إنّ القانون أُقرّ بأغلبية 279 صوتاً مقابل 51 صوتاً. وأضافت أنه خلال النقاشات البرلمانية على مدى عدة أيام سبقت التصويت في البرلمان، "رفض تماماً أي عفو يشمل المعارضة".
وأكد حزب العدالة والتنمية الحاكم حين طرح مشروع القانون أن 45 ألف شخص سيجري الإفراج عنهم بموجبه في إطار عملية إفراج مبكر مشروط، وسيرفع العدد إلى 90 ألف مع احتساب السجناء الذين سيوضعون قيد الإقامة الجبرية.
وجاء إقرار القانون بعد تسجيل عدد من الوفيات جراء الفايروس في سجون تركية، حيث أعلن وزير العدل التركي عبد الحميد غول أن ثلاثة سجناء توفوا جراء إصابتهم بكوفيد-19، من أصل 17 سجيناً مصاباً. ويعالج 13 سجيناً في المستشفى وهم في حالة جيدة، لكن آخراً يعاني من أمراض سابقة نقل إلى العناية المركزة.
ووفق أرقام وزارة الصحة التي نشرت الاثنين، تسجل تركيا حتى الآن 61 ألف إصابة و1300 وفاة بفايروس كورونا المستجد.
ويعزو متابعون ارتفاع عدد الإصابات والوفيات جراء هذا الوباء في فترة قصيرة بتركيا، إلى تجاهل الرئيس التركي دعوات إقرار الحظر الشامل كوسيلة ناجعة لمجابهة سرعة تفشي هذا الوباء وتغليبه المصلحة الاقتصادية على صحة وحياة الأتراك.
وخيّم التخبط والارتباك على الأداء الحكومي في التعاطي مع أزمة تفشي كورونا المستجد، حيث أثار الإعلان المفاجئ لقرار الغلق الشامل طيلة العطلة الأسبوعية حالة من الذعر في صفوف الأتراك.