الكويت تواجه وباءين: كورونا وكراهية الوافدين

الكويت- تخشى الكويت أن يجرّ عليها انفلات الخطاب السلبي تجاه الوافدين تهمة إساءة معاملة العمّال الأجانب، وهي التي عانت بالفعل خلال السنوات الأخيرة صعوبات في إدارة ملف هؤلاء العمّال مع بلدانهم الأصلية، الأمر الذي تجسّد بوضوح في السجال الحادّ الذي دار قبل نحو سنتين بين السلطات الكويتية والسلطات الفلبينية بشأن خدم المنازل وكاد يتطوّر إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين.
وحذّرت مصادر أمنية وقضائية كويتية من استفحال ظاهرة إهانة المقيمين وتحميلهم مسؤولية أزمة كورونا وتجارة الإقامات بحسب ما أوردته، الخميس، صحيفة القبس المحلّية نقلا عن تلك المصادر.
وما يضاعف القلق لدى دوائر كويتية حريصة على سمعة البلد وعلاقاته الخارجية، محاولة بعض الأطراف الاستثمار في حالة القلق من انتشار وباء كورونا للضغط على جاليات بعينها، على غرار استهداف الإخوان المسلمين للجالية المصرية سعيا إلى إفساد العلاقة بين الكويت ومصر والتي تضرّر منها الإخوان بشكل مباشر عندما قاد التنسيق بين البلدين العام الماضي إلى تسليم السلطات الكويتية عناصر فارّين من الجماعة إلى السلطات المصرية.
مع الأزمة التي خلقها انتشار فايروس كورونا تلوح لجماعة الإخوان فرصة الانتقام من الكويت ومصر معا بالنظر إلى وجود ارتباط مصلحي بين الطرفين في ملف العمالة الوافدة
وبلغ خطاب بعض الشخصيات الكويتية درجة غير مسبوقة من الحدّة تجاه الوافدين ولامس العنصرية في كثير من الأحيان، في وقت عادت فيه بعض الدوائر إلى التحريض ضدّ الجالية المصرية، وإلى الهجوم على طريقة تعامل السلطات مع ملفّ تلك الجالية متهمة إياها بمجاملة القاهرة بمنحها أموالا في مقابل أن تستعيد جاليتها من الكويت.
وقالت المصادر التي نقلت عنها الصحيفة دون تحديدها “إن خطاب الكراهية والعنصرية مرفوض وسيُواجَه بحزم لأنّ أزمة كورونا عالمية، وتشمل الجميع، وليس لأحد دون آخر اليد فيها”.
ودافعت ذات المصادر عن المقيمين معتبرة أنّهم “ضحايا أكثر من غيرهم لتفشّي هذا الوباء، ما يعني ضرورة الاهتمام بهم وعدم تركهم فريسة العدوى القاتلة”. كما حرصت على توضيح أنّ “ما تقوم به السلطات لجهة الحجر على مناطق معيّنة (يقيم فيها الوافدون) هو لحماية سكان تلك المناطق.. وأنّ الإجراءات الأمنية ليست دليلا على أي تمييز ضدّ المقيمين”.
كما حذّرت المصادر “من المبالغة في إلقاء الضوء على جنسيات دون غيرها، مثل الجاليات الهندية والمصرية والبنغالية، على أنها مسؤولة بشكل أو بآخر عن بعض المعاناة الجارية في البلاد الآن”.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ علم اجتماع في جامعة الكويت (لم تسمّه) القول “إذا قرأنا ما يكتب في وسائل التواصل نُصاب بالخوف من فيديوهات وتغريدات متقابلة بين الكويتيين والمصريين تتبادل الاتهامات الواهية. وهذا ما يجب وضع حد له من قبل السلطات المعنية فورا حفاظا على النسيج الاجتماعي”.
ويشير المتحدّث بذلك إلى ظاهرة الهجوم الممنهج على الجالية المصرية في الكويت، والتي يقول البعض إنّ وراءها جماعة الإخوان المسلمين الساعية إلى هدم العلاقة بين مصر والكويت.
ويقول هؤلاء إنّه مع الأزمة التي خلقها انتشار فايروس كورونا تلوح للإخوان فرصة الانتقام من الكويت ومصر معا بالنظر إلى وجود ارتباط مصلحي بين الطرفين في ملف العمالة الوافدة، حيث يجد الجانب المصري في سوق العمل الكويتي متنفّسا للتخفيف من أزمة البطالة وإيجاد مصدر إضافي للعملة الصعبة، بينما تحتاج الكويت للعمالة المصرية مثل حاجتها لعمال من سائر البلدان وفي مختلف القطاعات.
وغير بعيد عن هذا الإطار نفت مصادر دبلوماسية كويتية ومصرية صحة ما يتردد عن عرض وزارة الخارجية الكويتية مبلغ 600 دينار لمصر مقابل كل مصري تستقبله، وذلك لتغطية تكلفة فترة الحظر التي سيقضيها في بلاده.
ونقلت صحيفة الرأي الكويتية عن تلك المصادر قولها إنّ “جميع ما توارد في هذا الموضوع إشاعات مغرضة تهدف للإساءة للعلاقات المتميزة بين البلدين”.
وبدورها نفت مصادر مصرية للصحيفة صحّة ما نُشر بشأن توقف القنصلية المصرية عن إصدار وثائق السفر لمخالفي قوانين الإقامة أو تلقيها عرضا ماليا من الكويت لاستقبال أبناء جاليتها في مصر، مؤكّدة أن ما يروج بهذا الخصوص محض إشاعات.