صلاحيات استثنائية لرئيس حكومة تونس لمواجهة كورونا

البرلمان التونسي يصادق على توسيع صلاحيات رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لمدة شهرين لمواجهة فايروس كورونا.
السبت 2020/04/04
تمسّك بالقانون

تونس – وافق البرلمان التونسي السبت على توسيع صلاحيات رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ الذي صار بإمكانه إصدار مراسيم لمدة شهرين، وذلك بهدف تسريع تبني تدابير تهدف لمكافحة انتشار فايروس كورونا المستجد، بعد سجال طويل حول الصلاحيات مع رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.

ووافق 178 نائبا، من بين 217، على القانون في جلسة جرت جزئيا عبر الفيديو، وبذلك منح البرلمان جزءا من صلاحياته مؤقتا إلى رئيس الحكومة.

وحدد البرلمان قطاعات بعينها تشملها المراسيم، تخص الشؤون المالية والاجتماعية والصحة والبيئة والتعليم والثقافة والمرافق العمومية والقطاع الخاص والشغالين. وسيسمح القانون للحكومة بإصدار المراسيم دون استشارة مسبقة البرلمان، بما في ذلك المرونة في صفقات الشراء العامة وتعبئة الموارد المالية للدولة من الداخل والخارج.

ومن شأنه أيضا أن يسمح للحكومة باتخاذ قرارات في قطاعات الصحة والتعليم والمالية دون موافقة مسبقة من البرلمان.

وقال رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ إن تفويض الصلاحيات هو "سلاح ضروري" لاتخاذ قرارات سريعة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والصحي لمواجهة أزمة كورونا ومعالجة تداعياتها.

وكان رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ اختار أن يردّ خلال كلمته بالبرلمان على الهجوم ضدّ طلبه تفويض الصلاحيات حسب الفصل 70 من الدستور، والذي اعتبره عدد من الأحزاب محاولة للاستيلاء على الحكم.

وقال الفخفاخ في كلمة ألقاها السبت، خلال الجلسة العامة المخصّصة للنظر في مشروع القانون المتعلق بالتفويض، إن الفصل 70 هو "آلية دستورية سهلة وتم تعقيدها"، مشيرا إلى أنه تم اعتبار الفصل 70 كأنه نزاع على الصلاحيات وهو ليس كذلك.

وأكد رئيس الحكومة أنه طلب التفويض من أجل غرض معين، مشيرا إلى أن البرلمان بإمكانه سحب هذا التفويض في صورة الخروج عن الغرض الرئيس منه.

وكانت حركة النهضة الإسلامية (المشاركة في الحكم)، قد عبّرت عن مخاوفها من تحييدها عبر تعطيل دور البرلمان، فيما يعتبر عدد من أنصارها أن المقترح الحكومي بتفويض الصلاحيات يرقى الى مستوى “الاستيلاء على الحكم” من قبل السلطة التنفيذية برئيسيها (رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ).

ويطالب رئيس الحكومة بتفعيل الفصل الـ70 من الدستور في ضوء "تطور وباء كورونا"، وقال في وقت سابق إنها"وضعية استثنائية بكل المقاييس، حتى نستطيع قيادة العملية بكل نجاعة سنطلب من المجلس التشريعي تمكين الحكومة من إصدار مراسيم لاتخاذ التدابير المستعجلة حسب مقتضيات الفصل الـ70 من الدستور".

وأضاف في كلمته التي أعلن فيها عن حزمة إجراءات اقتصادية واجتماعية لتخفيف تبعات وطأة الحجر الصحي الشامل الذي بدأ العمل به منذ 23 مارس الماضي في تونس، أنه “في المعركة لا مجال للعبث ولا مجال للاستهتار”.

وكانت مصادر قانونية اعتبرت أن رئيس الحكومة التونسية يكون بهذه الدعوة قد التقط اللحظة المناسبة لكسر سطوة راشد الغنوشي على البرلمان، التي أربكت عمل السلطات التنفيذية، من خلال تدخله المكشوف في عملها، والذي أدخل البلاد في حالة من التردد والارتباك على مختلف الأصعدة.

وينص الفصل الـ70 من الدستور التونسي في فقرته الثانية على أنه “يمكن لمجلس نواب الشعب بثلاثة أخماس أعضائه أن يفوّض بقانون لمدة محدودة لا تتجاوز الشهرين ولغرض معيّن إلى رئيس الحكومة إصدار مراسيم تدخل في مجال القانون تُعرض حال انقضاء المدة المذكورة على مصادقة المجلس. ويُستثنى النظام الانتخابي من مجال المراسيم”.

وكانت قيادات في حركة النهضة قد عبّرت عن رفضها منح الفخفاخ التفويض معبّرة عن مخاوفها من الحدّ من صلاحيات البرلمان وإمكانية تغيير النظام السياسي وإصدار مراسيم وقوانين ليست في صالحهم.

وبرر القيادي في حركة النهضة الإسلامية، النائب الصحبي عتيق، رفضه التفويض لرئاسة الحكومة بإصدار المراسيم بـ”الحفاظ على النظام السياسي الذي ضبطه الدستور”.
وحمّل المتابعون للشأن التونسي حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي أكثر من غيرهما مسؤولية الارتباك الذي يتسم به عمل السلطة التنفيذية منذ منح حكومة الفخفاخ ثقة البرلمان بأغلبية ضعيفة في نهاية شهر فبراير الماضي، وتعمّدها تمديد النقاش حول مسألة التفويض في ظلّ أزمة صحية واقتصادية خانقة.

وأعلنت حركة النهضة في بيان لها الجمعة، أنها تقبل تفويضا جزئيا للصلاحيات في ما يتعلق بمواجهة الوباء، في موقف اعتبره متابعون مناورة سياسية للتملص من مسؤوليتها، إذ لا يمكن فصل قطاعات عن أخرى في مواجهة الوباء فجميع مرافق الحياة مشمولة بالتداعيات بما فيها النظام المالي والقضائي والاجتماعي.

وحضر عدد من النواب الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على التفويض في حين واكبها آخرون عن بعد بحضورهم في المقرّ الفرعيّ لمجلس نواب الشعب.