جهود إماراتية رائدة في رقمنة المعرفة

مثلت المكتبات والمنصات الفنية الرقمية فرصة هامة لخلق مجالات أخرى للثقافة والفنون، وهو ما بان جليا في أزمة التباعد الاجتماعي التي يعيشها العالم اليوم، بسبب فايروس كورونا المستجد. وتعتبر الإمارات من أكثر الدول حرصا على ترسيخ الثقافة الرقمية والتي نادت بها مرارا في مختلف تظاهراتها.
ريم الهاجري
أبوظبي - نجحت الإمارات في رقمنة المحتوى المعرفي والثقافي عبر المكتبات الرقمية الوطنية ما أسهم في تقديم الخدمات الثقافية وتوفير أكبر قدر من المحتوى المعرفي الإلكتروني وجعل الكتاب في متناول الجميع على مدار الساعة من مصادر موثوقة.
وجاء الاتجاه إلى الرقمنة استشرافا لمستقبل المعرفة، من خلال المضي قدما نحو العالم الرقمي عبر بنية تحتية رقمية متطورة تسمح بتوفير محتوى متميز ومتنوع يغطي مختلف مجالات الثقافة بما يسهم في نقل وتبادل المعرفة على مستوى العالم.
في التقرير التالي رصد لبعض الجهود الإماراتية في رقمنة المحتوى المعرفي وإتاحته للجميع، لاسيما في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، ليتصدر الكتاب الرقمي اهتمام كافة فئات المجتمع.
وتوفر مصادر المعرفة الرقمية لمختلف فئات المجتمع فرصة أمام القراء من مختلف أنحاء العالم للاستفادة من أوقات فراغهم في ظل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدول نتيجة فايروس كورونا المستجد “كوفيد- 19”، وتأكيداً على أن الحراك الثقافي والمعرفي متواصل ويمكن أن يتضاعف في ظل الخيارات التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة.
وتساهم المكتبات الرقمية في تحقيق التحول إلى مجتمع المعرفة التنافسي وترسيخ وتضمين القراءة في الثقافة من خلال إتاحة وتوفير الممكنات المعرفية لتعزيز وتشجيع القراءة في مجتمع الإمارات، إضافة إلى تعزيز أطر المشاركة في مصادر المعرفة بين الجميع وتيسير سبل الوصول لمصادر المعلومات والمعرفة من منصة إلكترونية مبتكرة و تعزيز أدوار أفراد المجتمع بأن يكونوا جزءا من منظومة صناعة المستقبل المعرفي الذي يمتلك أدوات وممكنات المعرفة.
وانعكاساً لتلك الجهود الثقافية التي تقودها الإمارات لاسيما إمارة الشارقة على مدار أكثر من خمسين عاما، فقد تم اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب وهي أول مدينة من منطقة الخليج العربي يتم اختيارها لهذا اللقب الثقافي رفيع المستوى من قبل اليونسكو ما يمثل إنجازا عربيا نفتخر به جميعا.
كما أطلقت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة بوابة الإمارات الوطنية للمكتبات الرقمية ومشروع المكتبة الذكية لربط جميع المكتبات العامة في الدولة مع بعضها البعض، بما يسهل على القارئ إمكانية الوصول إلى الكتاب الذي يبحث عنه في النطاق الجغرافي القريب منه، ما يمثل مشروعا ثقافيا ملهما أسهم في تعزيز الحياة الثقافية من خلال بوابة إلكترونية وطنية تقدم خدمات المكتبة والمعلومات لمجتمع الإمارات إضافة إلى تحفيز الإنتاج الأدبي والإبداعي وتشجيع سكان الإمارات على القراءة وتعزيز قدرة الشباب على الاطلاع وتبادل الإنتاج المعرفي.
الحراك الثقافي والمعرفي متواصل في الإمارات ويمكن أن يتضاعف في ظل الخيارات التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة
وجاءت مبادرة مشروع مكتبة الإمارات الذكية لترسيخ القراءة كعادة مجتمعية شعبية شبابية في مجتمع الإمارات من خلال إطار مؤسسي معرفي وطني لتضمين ثقافة القراءة لدى الجميع عبر توفير وإتاحة البنية التحتية المعرفية للقراءة والإبداع.
وأطلقت “مكتبة اتحاد الإمارات” في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية حزمة من الخدمات التي تتيح الفرصة لكل الباحثين والراغبين في الوصول إلى المعلومات عن بعد من خلال بوابتها الإلكترونية. وتضم البوابة أكثر من 5 ملايين مصدر رقمي متنوع باللغتين العربية والإنجليزية، وفي شتى الموضوعات.
كما وظفت المكتبة العامة الرقمية بالشارقة المقومات التكنولوجية لخدمة الواقع الثقافي في دولة الإمارات عبر توفير كل محتويات المؤسسات المعرفية والثقافية في موقع واحد يمكن الوصول إليه على مدار الساعة ومن جميع أنحاء العالم وهو ما يسهم في إتاحة فرصة الوصول أمام الخزائن المعرفية الإماراتية لقطاعات أوسع من الجمهور.
وأعلنت إدارة “مكتبات الشارقة العامة” التابعة لهيئة الشارقة للكتاب عن فتح مكتبتها الإلكترونية مجاناً لجميع الأفراد والفئات العمرية في مختلف أنحاء العالم لمدة ثلاثة أشهر بدءا من أبريل حتى يونيو 2020 مقدمة 6 ملايين كتاب ومصدر معرفي إلكتروني بأكثر من 10 لغات.
وفي السياق ذاته توفر هيئة دبي للثقافة والفنون سلسلة واسعة من الكتب الرقمية والحوارات مع أبرز الأطراف الفاعلة في المشهد الثقافي المحلي عبر المنصات والقنوات الإلكترونية. فيما أعلن معرض “آرت دبي” التظاهرة الفنية اللامعة وأكثر الفعاليات الثقافية زخماً في المنطقة عن تأجيل نسخته هذا العام في الانتقال ببرنامجه الحافل بالفعاليات والحوارات إلى الفضاء الرقمي، بما فيها “منتدى الفن العالمي” الذي أصبح متوفرا عبر البث المباشر هذا بالإضافة إلى برنامج عروض الأداء الذي أصبح متاحا للجميع عبر شبكة الإنترنت والذي أصبح الوصول إليه متاحا أمام عموم الجمهور عبر المنصّات والقنوات الرقمية بما سيضمن استقطاب شريحة جديدة من الجمهور الذي لم تسبق له فرصة التعرّف على مثل هذه المحتوى الثقافي.
كما انتقل “السركال أفينيو” بمحتواه المادي إلى العالم الإلكتروني بأسلوب مبتكر وبذلك أصبح عشّاق الفنون والمبدعون على موعد مع تجربة فريدة من نوعها تمنحهم جميعا على حد سواء فرصة رائعة لمتابعة فعاليات صالات العرض حيث سيكون بمقدورهم التجول بين المعارض والتفاعل معها من منازلهم بأساليب مبتكرة جديدة وقد شهدت فعالية “الافتتاح من المنزل” حضور ثلاثة آلاف شخص ضمن تجربة رقمية فريدة.