حمدوك يعتزم الوساطة في أزمة سد النهضة بزيارة مصر وإثيوبيا

الخرطوم ـ ما تزال الخرطوم تدعو إلى استمرار التفاوض لحين التوصل إلى اتفاق شامل حول سد النهضة الإثيوبي بين كل من إثيوبيا ومصر والسودان. فقد أعلن رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك عن زيارة مرتقبة لكل من مصر وإثيوبيا لحثهما على استئناف المفاوضات حول سد النهضة.
جاء هذا الإعلان عبر اتصال هاتفي أجراه حمدوك بستيفن منوشين وزير الخزانة الأميركي، للتعبير "عن تعاطف الشعب السوداني مع الولايات المتحدة بشأن تفشي فايروس كورونا".
وفي بيان صادر عن مجلس الوزراء السوداني، كشف حمدوك للجانب الأميركي "نيته زيارة القاهرة وأديس أبابا في القريب لحث الطرفين على استئناف المفاوضات حول سد النهضة واستكمال المتبقي من القضايا العالقة المهمة"، دون أن يحدد موعدا للزيارتين.
وأضاف البيان: "كما اتفق الجانبان على أن موضوع سد النهضة ملح للغاية ويجب مواصلة التفاوض حوله بمجرد تغلب العالم على جائحة كورونا."
ومنذ انطلاق المشاورات بشأن السد (قيد الإنشاء)، قبل ثلاث سنوات، لم يغادر السودان نقطة المنتصف بين مصر وإثيوبيا، وظل يؤكد على تقديمه رؤية تخدم الأطراف الثلاث، من حيث سنوات ملء وتشغيل السد.
وأكد السودان، في أكثر من مناسبة، أنه يرى الحل في الاتفاق الشامل، بحيث تكون المصلحة من قيام السد الإثيوبي لصالح الدول الثلاثة.
وبالنظر إلى موقف السودان منذ أن بدأت إثيوبيا أعمال تشييد السد، عام 2011، فقد انتقل من رفض قيام السد، خلال العامين الأولين، وهو موقف كان مساندًا حينها لجارته الشمالية مصر.
وانتقل السودان إلى موقف القبول بالسد، عندما قررت أديس ابابا، في مايو 2013، تغيير مجرى النيل الأزرق، كخطوة فاصلة في تشييد هيكل السد، فأعلن السودان أنه لن يتضرر من بناء السد.
والنيل الأزرق هو الرافد الرئيس لنهر النيل، حيث يشكل قرابة 80 بالمئة من مياه النيل، الذي يعبر السودان ثم مصر إلى البحر الأبيض المتوسط.
ونهاية فبراير الماضي، كان من المنتظر أن توقع مصر والسودان وإثيوبيا على اتفاق بشأن ملء خزان سد النهضة، الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، وتشغيل السد، لكن إثيوبيا تخلفت عن الاجتماع، ووقعت مصر فقط على الاتفاق بالأحرف الأولى.

وكشفت مصادر إثيوبية، في تقرير سابق لـ”العرب”، أن أديس أبابا طلبت تأجيل المحادثات بشأن السد خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لأديس أبابا لكنه رفض لدواع كثيرة، وهو ما جعله يلمح إلى عدم استبعاد أن تستغرق المفاوضات أشهرا.
وردا على خطوة إثيوبيا، قال وزير الخزانة الأميركي إن واشنطن تشعر بالغضب لتخلف أديس أبابا عن جولة المحادثات.
ويقول متابعون إن إثيوبيا كانت تأمل أن تخرج بموقف مشترك مع مصر والسودان، أو على الأقل مع الثانية، لتجميد المسودة الأميركية، إلا أنها اصطدمت بموافقة الدولتين على المسودة، والتأكيد على الالتزام بالمضي قدما نحو إتمام مفاوضات واشنطن على نهايتها.
وتقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر ولا السودان، وإن مشروع السد حيوي لنموها الاقتصادي، حيث تسعي إلى أن تصبح أكبر مصدر للطاقة الكهربائية في إفريقيا، بأكثر من من 6 آلاف ميجاوات.
ويعرب مصريون عن استيائهم مما يقولون إنه دعم سوداني لإثيوبيا في ملف السد، بينما تقول الخرطوم إنها تبحث عن مصالحها دون الإضرار بمصالح القاهرة، التي تتخوف من تأثير سلبي محتمل على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل.
واستضافت الولايات المتحدة عدة جولات من المحادثات في واشنطن، بحضور وزراء من الدول الثلاث وممثلين للبنك الدولي، بعد سنوات من المفاوضات الثلاثية الفاشلة.