100 يوم على انتخابات الجزائر… إصلاحات معطلة ولا مؤشرات تغيير

حالة من الغموض تسود الجزائر حول طريقة تقييم أداء الرئيس الجديد منذ توليه الحكم في ظل الأزمات التي تعيشها البلاد وخاصة مع انتشار وباء كورونا.
الاثنين 2020/03/30
لا ثقة للمحتجين في تعهدات السلطة

الجزائر- أجبر استمرار الاحتجاجات الشعبية، إضافة إلى أزمتي النفط وكورونا، الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون على إعادة ترتيب أجندته السياسية بما يتناسب مع الوقائع الجديدة.

وخلطت هذه الأزمات، وخاصة وباء كورونا، أوراق ساكن القصر الرئاسي الجديد منذ المئة يوم الأولى من توليه سدة الحكم.

وفي 19 ديسمبر الماضي أدى تبون اليمين الدستورية رئيسا للبلاد بعد أشهر عاصفة من الجدل السياسي والاحتجاجات التي أزاحت سلفه عبدالعزيز بوتفليقة من قصر الرئاسة بعد 20 سنة من الحكم.

وقدم تبون في برنامجه الانتخابي 54 تعهدا، تتلخص في القطيعة مع العهد السابق، وإرساء الحكم الديمقراطي، وإعادة بناء اقتصاد ينهي التبعية لعائدات النفط، فضلا عن إعادة البلاد إلى دورها المحوري في الساحتين الدولية والإقليمية.

المحتجون يعتبرون تعهدات تبون بإطلاق إصلاحات لعبة سياسية من أجل تجديد واجهة النظام  من دون تغيير عميق

وتسود الجزائر حاليا حالة من الغموض حول طريقة تقييم أداء الرئيس الجديد بعد 100 يوم من توليه الحكم، في ظل انتشار وباء كورونا الذي حصد إلى غاية السبت 29 ضحية من بين 454 إصابات سجلت في معظم محافظات البلاد.

وكان التعديل الدستوري، كما وصفه الرئيس تبون في حملته الانتخابية وبعد توليه الحكم، “حجر الزاوية في أي إصلاحات، والقاعدة الأساسية لتنفيذ برنامجه”، لكن جائحة كورونا أثرت عليه بشكل كبير، حيث أعلنت الرئاسة الجزائرية، الثلاثاء، جاهزية مسودة التعديلات الدستورية، لكن ظروف تفشي الفايروس دفعت تبون إلى تأجيل النقاش بشأنها. وتأجيل النقاش حول التعديلات الدستورية، يعني تجميد أول ورشة سياسية لتبون وبالتالي أجندته وتعهداته في أولى سنوات حكمه.

وكانت تقارير غير رسمية أكدت قبل أزمة كورونا أن وثيقة الدستور الجديد ستعرض على استفتاء شعبي في يونيو 2020، فيما صرح تبون بأنه سيتم بعد هذه الخطوة تعديل قانون الانتخاب، والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة خلال أشهر.

وبذلك يكون ظهور وباء كورونا قد خلط المعطيات السياسية في البلاد، مما سيؤدي بالرئيس تبون إلى مراجعة أجندته السياسية الحالية.

وبالتوازي مع أزمة كورونا تلقت الجزائر صدمة أخرى بفعل انهيار أسعار النفط في السوق الدولية، والذي يمثل ما نسبته 95 في المئة من مداخيل البلاد بالعملة الأجنبية.

ظهور وباء كورونا خلط المعطيات السياسية في البلاد
ظهور وباء كورونا خلط المعطيات السياسية في البلاد

وفي 22 مارس الجاري، أعلن تبون عن خطة تقشفية لمواجهة هذه الصدمة النفطية من أهم ما تضمنته تخفيض فاتورة الاستيراد من 41 إلى 31 مليار دولار، خلال العام الجاري، وتخفيض النفقات العامة بنسبة 30 في المئة، دون المساس برواتب الموظفين.

وعلى مدار الأشهر الأولى له في الحكم وقبل ظهور وباء كورونا، لم تتوقف مظاهرات الحراك الشعبي الذي بدأ في فبراير 2019. ولم يوفق تبون في إقناع المحتجين بترك الشارع، حيث رفضوا تعهداته بإطلاق إصلاحات يرون أنها مجرد “لعبة سياسية” للنظام من أجل تجديد واجهته دون تغيير عميق، خاصة في ظل تواصل اعتقال نشطاء الحراك.

وظل تبون يصف الحراك بـ“المبارك” ويؤكد على عدم ممانعته استمرار التظاهرات في الشوارع شريطة أن تكون “سلمية وبعيدًا عن اختراقها من جهات داخلية وخارجية”. أما الملف الآخر الذي ما زال محتجون ومعارضون ينتظرون إجابات من الرئيس بشأنه فهو “استرجاع الأموال المهربة في العهد السابق”.

وسبق لتبون التعهد خلال حملته الانتخابية باستعادة الأموال المهربة، وأكد أنه يملك “خطة” لتجسيد تعهده، لكنه لن يعلن عنها.

ومطلع فبراير الماضي، قال رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد، في تصريحات له، إن بلاده ستعتمد على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد في استرجاع هذه الأموال.

 وذكر جراد، أن عملية استعادة الأموال تمر بثلاث مراحل، تتمثل في إثبات الحكومة للأملاك وتحديد مكانها، ثم إصدار أحكام نهائية على المدانين بالفساد، وأخيرا وجود اتفاقيات قضائية مع الدول التي هُرّبت إليها الأموال ليتم استرجاعها.

بالتوازي مع أزمة كورونا تلقت الجزائر صدمة أخرى بفعل انهيار أسعار النفط في السوق الدولية، والذي يمثل ما نسبته 95 في المئة من مداخيل البلاد بالعملة الأجنبية

وفي مقابل الأزمات التي واجهت الرئيس الجزائري، يرى المحافظ السابق لمحافظة البيض (شمال)، سليم صمودي، أن تبون تمكن بالفعل من تحقيق مجموعة من الإنجازات خلال المئة يوم الأولى من توليه الحكم.

ويستعد صمودي لإصدار كتاب تحت عنوان “الـ100 يوم الأولى للرئيس عبدالمجيد تبون”، والذي تأجل صدوره بسبب الوضع الصحي في البلاد.

وقال في حوار مع فضائية “الشروق نيوز” الخاصة، إنه شرع في كتابة مؤلفه منذ أداء تبون لليمين الدستورية، وكان يرصد كل نشاطاته اليومية. وأضاف أن “أيام تبون الأولى قبل جائحة كورونا يمكن اختصار وصفها في سد الثقوب السوداء التي تركها حكم سلفه عبدالعزيز بوتفليقة خلال السنوات الأخيرة”.

وأوضح أن الساكن الجديد لقصر المرادية عمل على إعادة الهيبة لمؤسسات الدولة وتفعيل نشاطها، باجتماعات رسمية مكثفة على غرار مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للأمن، إلى جانب تفعيل منظومة الإعلام الرسمية.

4