مواقع التواصل منصات تعليم جديدة في زمن كورونا

لندن - وجد تلاميذ دول العالم العربي ضالتهم في منصات التواصل الاجتماعي والتلفزيون كبدائل لمواصلة دروسهم بعد التدابير الوقائية التي اتخذتها حكومات هذه البلدان لمجابهة تفشي فايروس كورونا المستجد.
ويتابع أطفال دول الخليج العربي تعليمهم عبر الألواح الذكية، فيما تبث البرامج الدراسية في ليبيا على التلفزيون، ولكن يبقى كثيرون محرومين من الدرس لافتقار بلدانهم لمثل هذه التقنيات الحديثة.
من المغرب مروراً بقطر والأردن، يجهد المعلمون والأهل والتلاميذ لمتابعة الدروس وتفادي خسارة العام الدراسي، لكن قدرة الوصول إلى الانترنت تتفاوت كثيراً بين بلد وآخر.
وفي دول الخليج حيث وسائل التواصل والانترنت أكثر تقدماً من غيرها في العالم العربي، التعليم عن بعد متوفر أصلاً لغالبية التلاميذ، حيث تملك المؤسسات التعليمية منصات افتراضية.
وللتعليم عن بعد أهمية كبيرة في الإمارات العربية المتحدة، حيث وصفت اليونيسكو الموقع التعليمي "مدرسة دوت أورغ" الذي أنشأته مؤسسة إماراتية بـ"الموثوق"، وبات "متوفراً مجاناً لأكثر من 50 مليون تلميذ عربي"، وفق وزارة التعليم.
ويبث المغرب الذي يضمّ ثمانية ملايين تلميذ، الدروس عبر قناة عامة من موقع إلكتروني تابع لوزارة التعليم، حيث يؤكد مصدر في الوزارة أنه "يتم تعزيز المحتوى بشكل يومي"، مشيراً إلى أن "1,2 مليون تلميذ يدخلون إليه كل يوم".
إلا أن التلفزيون "يبقى الأداة الرئيسية للتعليم عن بعد للعائلات التي لا تملك حواسيب"، بحسب معلم في مدرسة ريفية قرب مراكش في جنوب المغرب.
أما الدول التي تعاني من النزاعات وعدم الاستقرار، مثل ليبيا أو العراق، كانت المهمة أصعب بكثير في ظل غياب وسائل مناسبة للتواصل، ما يزيد من خطر أن يحرم المزيد من التلاميذ من التعليم.

ولا يتلقى طفل من بين كل خمسة أطفال أساساً التعليم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويشير تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إلى أن 63% من الأطفال في الشرق الأوسط لا يستطيعون قراءة وكتابة نص بسيط في سن العاشرة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير اليونيسيف إلى أن نحو ثلاثة ملايين طفل محرومون من المدرسة بفعل الأزمات، فقد دمرت في سوريا والعراق وليبيا واليمن أكثر من 8850 مؤسسة تعليمية خلال السنوات الأخيرة.
وتعمل ليبيا في ظلّ إغلاق المدارس على خلفية انتشار جائحة كوفيد 19 على إيجاد سبل للحدّ من تدهور إضافي لوضع سيء أصلاً على مستوى التعليم.
وانطلاقاً من ذلك، توصلت وزارة التعليم وقنوات تلفزيونية محلية إلى اتفاق يتمّ بموجبه بث دروس للغة الأنجليزية يومياً، فضلاً عن دروس في الإحصاء والعلوم لتلاميذ الشهادتين المتوسطة والثانوية. وهذه الدروس التي يجري تسجيلها في مقر الوزارة "إلزامية لكل التلاميذ وكل المراحل" التعليمية، بحسب وزارة التعليم.
ويرى وزير التعليم في حكومة الوفاق الوطني الليبية محمد عماري زايد أن متابعة هذه الدروس المسجلة التي يمكن الوصول إليها عبر منصات عدة "مشابه لتواجد التلميذ في الصف مع زملائه ومعلمه".
منظمة اليونيسكو تصف الموقع التعليمي "مدرسة دوت أورغ" الذي أنشأته مؤسسة إماراتية بـ"الموثوق"
ويصرّ أستاذ التاريخ والجغرافيا في ثانوية في طرابلس مهدي النعمي من جهته على أن "الأطفال ليسوا في عطلة"، مضيفاً "عليهم أن يعملوا في المنزل ومسؤولية الأهل أن يتأكدوا من قيامهم بذلك".
لكن سليمة عبد العزيز، الموظفة في مصرف في طرابلس، تؤكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأمور لا تسير بسهولة، "فالأمهات بشكل عام هنّ اللواتي يتولين التدريس في البيت".
في الأردن حيث صدر أمر بحظر التجوال، بدأت قناة رياضية ببثّ دروس للتلاميذ مؤقتاً، وتعمد بعض المؤسسات التعليمية في بلد يملك غالبية السكان فيه إمكانية الوصول إلى الإنترنت، إلى إرسال الدروس للتلميذ عبر تطبيق التراسل الهاتفي "واتساب"، وتتلقى في المقابل الفروض المدرسية بالوسيلة ذاتها، وتبعث النسخ المصححة.
لكن "الأمر ليس سهلاً على الإطلاق"، بحسب سيف هنداوي، الأب لأربع فتيات والبالغ 40 عاماً، حيث ويوضح الرجل "أنه نظام جديد، نحتاج إلى الوقت حتى نعتاد عليه". ويلحظ سيف أنه "لن يكون الأمر أبداً كما إعطاء الدروس في المدرسة حيث يمكن للتلاميذ أن يطرحوا أسئلة ويتفاعلوا مع الأساتذة".

ويشير إلى أنه يتلقى دروس ثلاث من بناته عبر هاتفه ويحاول بمشاركة زوجته شرح هذه الدروس لكن الأمر بدا معقدا بالنسبة له.
أما في العراق حيث أعلنت السلطات إغلاق المدارس، طلبت وزارة التعليم من قبل الأساتذة إيجاد سبل للتعليم إلكترونياً"، وفق ما أكدته حنين فاروق، الأستاذة في مجال الصحة.
وأضافت "في المعهد الخاص حيث أدرّس، نستخدم (تطبيق) غوغل كلاسروم لتحميل الدروس كل يوم على شكل مستندات منقولة (بي دي إف)".
وترى فاروق أنه، بعد أشهر من التظاهرات المناهضة للحكومة، يشكّل الفايروس ضربة جديدة للطلاب في العراق، مشيرة إلى أنهم "غير محفزين على الإطلاق"، و"هناك احتمال كبير أن نضطر إلى تكرار كل شيء عندما تفتح المدارس أبوابها".
وفي مصر البلد الأكبر من حيث عدد السكان في العالم العربي، والذي يملك نصفهم قدرة الوصول إلى الانترنت، أعلنت وزارة التعليم أنها ستلجأ إلى التلفزيون قريباً لتقديم الدروس.
وتضم مؤسسات التعليم العام في مصر 22 مليون تلميذ، وفق احصائية للوزارة التي افتتحت الأسبوع الماضي منصة تعليم عبر الانترنت. ويستخدم أساتذة في الضفة الغربية المحتلة تطبيق التواصل عبر الفيديو "زوم" لشرح الدروس لأكثر من 100 تلميذ دفعة واحدة.
ودول شمال أفريقيا وبالتحديد في الجزائر وتونس، تزامن إغلاق المدرسة مع العطلة المدرسية. وحتى الآن، لم يعلن البلدان عن أي إجراء تعليم عن بعد.