أنقرة تنفذ تطهيرا عرقيا في عفرين السورية

الجيش التركي يعيد تسجيل العقارات لحرمان الأكراد من أملاكهم شمال سوريا.
السبت 2020/03/21
طمس مفضوح لهوية الأكراد

مثلت الذكرى السنوية الثانية لسيطرة الجيش التركي والفصائل السورية الموالية له على عفرين فرصة هامة للوقوف على حجم الانتهاكات التي اقترفتها أنقرة. وكشف تقرير صادر عن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تركيا فرضت سياسة التطهير العرقي في المنطقة بعد تعمدها إعادة تسجيل العقارات في عفرين، قصد حرمان المهجّرين الأكراد من ملكية أراضيهم.

لندن – نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان تقريرا شاملا يوثق انتهاكات حقوق الإنسان التي اقترفها النظام التركي بحق أهالي عفرين عبر الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة.

وتزامن صدور هذا التقرير مع الذكرى السنوية الثانية لسيطرة الجيش التركي والفصائل السورية التابعة له على منطقة عفرين، في شمال سوريا، من خلال ما أطلقت عليه أنقرة عملية “غصن الزيتون” العسكرية.

وقال المرصد إنّه، وفور بدء عملية السيطرة التركية على عفرين، تفاقمت الأوضاع سوءا في المدينة السورية التي خضعت قبل السيطرة التركية لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، حيث أصبحت عمليات السلب والنهب والاعتقال والانفلات الأمني شبه يومية، إضافة إلى محاولات التغيير الديموغرافي وإعادة صياغة المنطقة بشكل يتماشى مع مصالح الدولة التركية.

ومنذ السيطرة التركية على عفرين، في الـ18 من مارس 2018، لم تتوان الفصائل الموالية لأنقرة عن اتخاذ كافة السبل والإجراءات لتحقيق مصالحها الشخصية على حساب المواطنين الذين يتعرّضون لعمليات ابتزاز وسلب ونهب على نطاق واسع.

ولم يتوقف الوضع عند حد ابتزاز الأهالي، بل وصل إلى حد ترحيل اللاجئين السوريين في تركيا، وإعادة توطينهم في عفرين ومناطق سيطرة “غصن الزيتون”، إضافة إلى نهب زيت الزيتون الذي تشتهر به عفرين لصالح الفصائل المسلحة الموالية لتركيا.

وما إن أحكمت فصائل عملية “غصن الزيتون” سيطرتها على المدينة وريفها، حتى أطلقت عملياتها وانتهاكاتها ضد السكان الأصليين في المدينة، سعيا إلى إجبار الأهالي الذين رفضوا النزوح إلى مناطق أخرى لمغادرة مناطقهم.

ويبيّن الباحث السوري خيرالله الحلو أن الوضع في عفرين على عكس ما هو موجود في المناطق السورية الأخرى الخاضعة للاحتلال التركي؛ حيث أن جميع الوحدات العسكرية والأمنية تقريبا تتألف من أشخاص ليسوا من عفرين، ولذلك بات التحكم فيهم والسيطرة عليهم أسهل. بينما الانتماء المحلّي في المناطق الأخرى يمنع هذا التحكّم الكامل.

المنطقة التي قُصقص جناحاها اقتصاديا بسبب احتلالها يتم إبقاؤها على قيد الحياة عن طريق الموارد المنقولة من تركيا

ووفقا لمعلومات حصل عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان، تعكف القوات التركية والفصائل الموالية لها حاليا على إعادة تسجيل العقارات في عفرين، بغية حرمان المهجّرين الأكراد من ملكية أراضيهم، حيث تجري عمليات إحصاء للعقارات والأملاك وعدد القاطنين في كل قرية والأعراق التي ينتمون إليها، ضمن عمليات التغيير الديموغرافي التي تستهدفها تركيا في المنطقة.

ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، وفقا لمعلومات موثوقة، إحصاء الفصائل المدعومة من تركيا أملاك المواطنين الأكراد في عفرين، بهدف فرض ضرائب على الأملاك وفقا لتلك الإحصائيات، حيث قالت مصادر مطلعة إن الفصائل المسلحة تنوي فرض ضريبة 50 ليرة تركية على كل دونم من الأراضي الزراعية.

وينقل موقع أحوال تركية عن هذه المصادر، أنّ مقاتلي فصيل “سلطان شاه” عمدوا إلى جمع المواطنين أمام مقرّ للفصيل -وهو منزل لمُهجَّر كردي استولى عليه الفصيل وحوّله إلى مقرّ عسكريّ- في قرية خليل أوشاغ التابعة لناحية شيخ الحديد، لمطالبتهم بدفع مبالغ مالية متفاوتة بذريعة أن لديهم أقارب ينتمون إلى الوحدات الكردية. وأبلغ شهود عيان المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قياديا من الفصيل، أشهر سلاحه في وجه عدد من المواطنين وهددهم بالقتل إذا ما تواصلوا مع أقربائهم خارج المنطقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

يُذكر أنّه في الثالث عشر من مارس 2018، بدأت عمليات تهجير في الداخل السوري، وكان باكورتها حي القدم في جنوب العاصمة دمشق، لتتالى بعدها عمليات التهجير وفقا لصفقات واتفاقات بين ممثلين عن المناطق التي جرى فيها التهجير وفصائلها وبين الروس والنظام السوري.

Thumbnail

وقد وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان تعداد المُهجّرين من مناطقهم نحو الشمال السوري بـ120 ألف مهجّر من الغوطة الشرقية وجنوب دمشق وريف دمشق الجنوبي والقلمون الشرقي وريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، ورصد المرصد -وفقا لمعلومات موثوقة- وصول الجزء الأكبر من النازحين إلى منطقة عفرين التي هُجِّر منها مئات الآلاف من سكانها بفعل عملية “غصن الزيتون” التركية.

وبحسب مصادر موثوقة، جرى توطين عشرات الآلاف من المهجّرين الجدد في منازل المدنيين والمزارع المملوكة للمواطنين الكرد الذين فرّوا من الانتهاكات التركية وانتهاكات الفصائل الموالية لها. ورصد المرصد السوري كذلك توطين السلطات التركية المهجّرين من القلمون الشرقي وغوطة دمشق الشرقية في منطقة عفرين، ضمن عملية شاملة للتغيير الديموغرافي في المنطقة.

ويقول الكاتب في أحوال تركية، جنكيز أكتارن إن “المنطقة التي قُصقصت جناحاها اقتصاديا بسبب احتلالها ونهبها يتم إبقاؤها على قيد الحياة عن طريق الموارد المنقولة من تركيا”، لافتا إلى أن “إدارة الاحتلال، التي تقضي على الأكراد والعناصر السكانية الأخرى في عفرين بإجراءات متنوعة، توطّن مكانهم العائلات التي فرّت من الغوطة الشرقية والعائلات الفارّة من غيرها من المناطق التي خرجت عن سيطرة الجهاديين، وكذلك التركمان الذين لم يعيشوا قط في عفرين”.

2