حديث المال بين الأزواج لا يجلب الضغينة دائما

العلاقات الزوجية المتينة لا تتحاشى الخوض في المواضيع المالية.
الجمعة 2020/03/13
توافق ورضا

يعتبر الحديث عن دخل شريك الحياة أو التزاماته المالية من المسائل المحرجة في العلاقة الزوجية، كما أنه يشكل ضغطا بالنسبة للشريكين، ويعتبر الحديث بصراحة عن الوضع المالي مطلوبا، إذ يجب أن يعرف كل طرف حدود الوضع المالي للطرف الآخر حتى لا يتجاوزه، مما يحقق التوافق والرضا بين الزوجين ويجنبهما مشاكل لا حصر لها.

 لندن – يعد حديث الزوجين عن مداخيلهما المالية وكيفية إنفاقها بكل صراحة وفي الكثير من الأحيان وسيلة للتقارب بينهما، لأنه يشعرهما بأنهما فريق واحد، ويواجهان معا مصاعب الحياة ويسعيان إلى تحقيق مستقبل أفضل لأسرتهما، حيث أظهرت دراسة حديثة أن التحدث مع شريك الحياة عن الأمور المالية يزيد من الرضا والسعادة في العلاقة ويعمق التوافق حول الأهداف المشتركة في الحياة الزوجية.

وكشفت الدراسة أن الأزواج يتجنبون في أغلب الأوقات الغوص في أحاديث تتعلق بالمال ويعود ذلك إلى الخوف من فقدان الاستقلال الذاتي أو فقدان السيطرة على شريك الحياة.

وأشارت إلى أن الأزواج يشعرون بالمزيد من الأمان في الحديث عن المال عندما يحددون أهدافهم المالية المشتركة عن طريق كتابة قائمتين تتضمنان رغباتهما الفردية لما يأملون في تحقيقه، كرعاية الأسرة أو تسديد الديون أو الوصول إلى الاستقلال المالي، ثم يجب عليهما مقارنة القائمتين ومعرفة العناصر المشتركة، فإجراء مناقشات كهذه ووضع خطة مالية مع الشريك يشعرا الطرفين بتحسن كبير ويقويان العلاقة بينهما.

وقالت تارا أونفيرزاجت، وهي مخططة مالية معتمدة لدى شركة ساوث باي فايننشال بارتنرز، “إن الأزواج عادة لا يتحدثون عن المال لأنهم يشعرون بالحرج أو الخوف، ولكن الحقيقة أن المال يرتبط بالمشاعر والعواطف، أكثر مما يدرك معظم الناس”.

الأزواج يتجنبون الغوص في أحاديث تتعلق بالمال بسبب الخوف من فقدان الاستقلال الذاتي

وكشفت الدراسة أن المتزوجين لا يتحدثون كثيرا حول المال، رغم أن التحدث مع الزوجة حوله يمكن اعتباره بداية جيدة للغوص في أحاديث أخرى، مشيرة إلى أن الحديث لا يجب أن يتطرق إلى ما ينفقه الشخص على ركوب الدراجات أو شراء الطعام مثلا، ولكن الحديث عن التوفير للمستقبل، وسداد القروض، وتعليم الأطفال.

وتعد الخلافات المالية بين الزوجين في أغلب الأسر العربية من بين الأسباب الأساسية للمشكلات، حيث تثار خلافات كبيرة بين الأزواج حول المال قد تضع حدا لاستمرار الزواج وتنتهي بالانفصال.

ويعبر الكثير من الأزواج عن ضجرهم عندما يدخلون في نقاش مع زوجاتهم حول المال، ويبينون عدم رغبتهم في الحديث عن تفاصيل معاملاتهم المالية وكيفية إنفاقهم لمداخيلهم، في إشارة ضمنية إلى أن الزوجة لا دخل لها في هذه المسائل التي يرى الزوج أنها حكر عليه، مما ينجر عنه وضع حواجز بينه وبين زوجته التي ترى أن اطلاعها على الجوانب المالية حق من حقوقها.

وقال الخبراء إن العلاقات الزوجية المتينة لا تتحاشى الخوض في المواضيع المتعلقة بالمال، بل تتخذ قرارات عائلية حول المال بناء على الأهداف، كما أن النقاش العائلي حول الأموال يمكّن الزوجين من إجراء تعديلات على الميزانية خلال الأوقات الصعبة، ولفتوا إلى أن تجنب الشريكين الحديث عن النقود أو القرارات المالية، يعد أمرا غير صحي لهما بدرجة أولى ولكافة أفراد الأسرة بدرجة ثانية.

توزيع النفقات المالية أمر مهم لزواج ناجح
توزيع النفقات المالية أمر مهم لزواج ناجح

وأفادوا بأنه قد تكون مناقشة الشؤون المالية مع الشريك أمرا مرهقا، خاصة إذا كانت للزوجين عادات إنفاق أو طرق مختلفة لإدارة الأموال، وفي هذه المواقف من الشائع أن تتحول المحادثة من المال إلى القيم والعادات الشخصية لكل منهما، ولتجنب هذه المشكلة يجب على الزوجين وضع خطة مالية معا وتخطي أي خلافات غير ضرورية من خلال التركيز على الموقف الحالي المتعلق بإنفاق المال.

وأشار الخبراء إلى أن الحديث عن الدخل أو المال بشكل عام من القضايا الشائكة في العلاقات العاطفية، كما شددوا على أهمية الحديث عن أفضل الطرق لتقسيم الأعباء المالية بين الزوجين وما إذا كان من حق أحدهما إخفاء حقيقة دخله عن الآخر.

ولفت المختصون إلى أن كل شخص ينظر إلى المال وأهميته بطريقة مختلفة. كما تختلف طريقة تعامل كل شخص مع المال فالبعض يميل للتوفير في حين يميل البعض الآخر إلى التبذير، وقد تخلق هذه الاختلافات في التعامل مع الموارد المالية مشكلات بين الشريكين.

وقالت الخبيرة المالية الألمانية شتيفاني إن العلاقة بين زوجين يفكران بطريقتين متضاربتين في ما يتعلق بالمال قد تتسبب في مشاكل جسيمة، لذا من المهم معرفة نظرة كل طرف إلى المال، لافتتة إلى أن اتخاذ قرارات مهمة مثل تغيير الوظيفة أو الاستثمار في البورصة أو شراء منزل جديد، يؤثر بشكل كبير على الوضع المالي للعائلة، لذلك يجب أن يتم بحثها والاتفاق عليها بين الزوجين ليكون لديهما الاستعداد لتحمل تبعات هذه القرارات في المستقبل.

ويرى الخبراء أن الجانب المالي قد يكون سببا رئيسيا في تفاقم الاختلافات الأسرية، نظرا إلى أن الأزواج عندما يناقشون كيفية إنفاق المال فهم يعبرون عن مشاعر القلق بداخلهم، وقد تكون هذه المشاعر لها علاقة بماضي أحد الزوجين مما يؤثر على طريقته في إنفاق مداخيله.

وتوصلت دراسة حديثة أنجزتها جامعة نوتردام في الولايات المتحدة الأميركية، إلى أن هناك صنفا من الخيانة الزوجية مسكوتا عنه يتمثل في الخيانة المالية، مشيرة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالمال يكون العديد من الأزواج غير صادقين عند الحديث عن نفقاتهم وعاداتهم المالية.

وأوضحت أن الخيانة المالية تتمثل في تصرفات لا يوافق عليها الزوجان، مما يؤدي إلى إخفائها عمدا، منبهة إلى أن الإساءة المالية تحدث بشكل متكرر في العلاقات غير الصحية، مثلها مثل أشكال الإساءة الأخرى.

21