وسائل الإعلام الدولية الناطقة بالفارسية كابوس لطهران

تشكل وسائل الإعلام الدولية الناطقة بالفارسية إزعاجا كبيرا للسلطات الإيرانية لعدم قدرتها على وقف التغطية الإخبارية للأحداث التي تريد التكتم عليها داخل إيران، ما جعلها تستخدم كافة السبل لمضايقة الصحافيين وابتزازهم لعرقلة عملهم، وفق ما يؤكد خبراء أممون.
طهران - أعرب عدد من خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة عن قلقهم إزاء استهداف الصحافيين من قبل النظام الإيراني، وخصوصا الصحافيات اللواتي يتعرضن لانتهاكات جسيمة داخل السجون الإيرانية.
وأكد الخبراء في بيان مشترك أن هناك نمطا من المضايقات الإيرانية على أساس الجنس، حيث تستهدف الصحافيات منذ عام 2009، بما في ذلك نشر شائعات وقصص كاذبة عنهن بغرض التشهير، وعادة ما تتضمن تلك الشائعات محتوى كريها للغاية، إضافة إلى تهديدهن بالعنف الجنسي والقتل وقتل أفراد أسرهن.
ووقّع البيان مقرر الأمم المتحدة المعني بالأوضاع في إيران جواد رحيم، والمقرر المعني بحرية الرأي والتعبير ديفيد كاس، والمقررة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء، والمقرر المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان ميشيل فورست.
وطالب المقررون الأمميون إيران باتخاذ إجراءات فورية لضمان حماية سلامة الصحافيين وعائلاتهم، واحترام وضمان الحق في الحياة، وكرروا تحذيراتهم السابقة للسلطات الإيرانية لوقف التخويف والمضايقة والتهديدات بما فيها التهديد بالقتل ضد الصحافيين، ووقف الأعمال الانتقامية ضد عائلاتهم في إيران، وهو ما يشكل انتهاكات متعددة لالتزامات إيران الدولية في مجال حقوق الإنسان بموجب القانون الدولي.
كما أن هذه الممارسات والتهديدات بالقتل خارج البلاد تشير إلى أن إيران مستعدة لاستخدام القوة خارج حدودها الإقليمية، في انتهاك للقانون الدولي.
وتشكل وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية إزعاجا كبيرا للسلطات الإيرانية التي تفرض رقابة مشددة على المعلومات داخل إيران، وتحاول السلطات بشتّى الوسائل تقليص التغطية الإخبارية لأقصى حدّ ممكن، وقد أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أن سفارة إيران في لندن ستطلب من الوحدة الخاصة لرئيس الوزراء البريطاني التعامل مع وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية فيما يتعلق بتغطية أخبار أزمة كورونا في إيران. وفق ما ذكرت قناة “إيران الدولية” على موقعها الإلكتروني الأربعاء.
وقال موسوي، خلال مؤتمر إعلامي افتراضي “إن وسائل إعلام خاصة في المملكة المتحدة، في هذا الموقف الحرج الذي یعاني منه العالم بأسره، بدأت، مع الأسف، في اتخاذ إجراءات مغایرة للواقع، ونشر أخبار وإحصاءات مزيفة، وإضعاف معنويات المواطنين في إيران”.
وأشار إلى تشكيل وحدة خاصة لمواجهة الأخبار الكاذبة في مكتب رئيس الوزراء البريطاني، مضيفا أن “الحكومة البريطانية التي تقوم الآن بهذه المهمة الجيدة، نأمل أن تتعامل مع الأخبار الكاذبة التي تروّج لها وسائل الإعلام الناطقة بالفارسیة في بریطانیا، وأن تقوم بإيقافها”.
جاء ذلك على خلفية نشر، قناة “إيران إنترناشیونال” الأرقام الحقيقية لضحايا فايروس كورونا، نقلاً عن مصادرها من داخل إيران، في حين قال بعض البرلمانيين الإيرانيين إن العدد الحقيقي لضحايا کورونا في البلاد أضعاف الأرقام الرسمية التي تعلنها وزارة الصحة.
وأشار الخبراء في بيانهم الذي صدر الأربعاء، إلى أن الصحافيين العاملين في عدد من وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية خارج إيران، يواجهون التهديدات والتحقيقات الجنائية والمراقبة غير القانونية وتجميد الأصول والتشهير والمضايقة من قبل السلطات الإيرانية، إلى جانب استهداف العديد منهم بسبب التحدث علانية بشأن المضايقات التي يواجهونها وسعيهم للحصول على الحماية من الأمم المتحدة.
وأشار البيان إلى أن عائلات الصحافيين المقيمة في إيران واجهت مضايقات وتخويفا من قبل السلطات الإيرانية، ففي بعض الحالات حُرم أفراد هذه الأسر من حريّتهم واحتجزوا في ظروف مهينة.
وجدد خبراء الأمم المتحدة دعوتهم النظام الإيراني إلى وقف التخويف والمضايقة والتهديدات، بما في ذلك التهديدات بالقتل، ضد صحافيي “بي.بي.سي” وصحافيين آخرين يعملون خارج إيران لصالح وسائل إعلام إخبارية ناطقة باللغة الفارسية، فضلا عن أعمال انتقامية ضد أفراد أسرهم في إيران، وهو ما قد يشكّل انتهاكات متعددة لالتزامات إيران الدولية بحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي.
وحث بيان الخبراء جميع الدول التي يقيم فيها هؤلاء الصحافيون، مثل المملكة المتحدة، إلى اتخاذ إجراءات فورية في تنفيذ الضمانات لحماية سلامة الصحافيين وعائلاتهم.
وإضافة إلى ملاحقة وسائل الإعلام، تفرض السلطات الإيرانية قيودا مشددة على الإنترنت، حيث نشرت منظمة مراسلون بلا حدود، المدافعة عن حرية الصحافة والإعلام، بمناسبة الیوم العالمي لمكافحة الرقابة السیبرانیة، تقریرًا عن حالة الرقابة والتهديدات السيبرانية، معتبرةً النظام الإیراني واحدًا من أسوأ القمعیین السيبرانيين.
وأشار التقریر الذي نشرته المنظمة، الأربعاء، إلى الشركات والوكالات الحكومية التي تستخدم التكنولوجيا الرقمية للتجسس على الصحافيين ومضايقتهم، وبالتالي تعريض قدرة المواطنين على تلقي الأخبار والمعلومات للخطر.
طهران تطالب لندن بالتعامل مع ما تسميه الأخبار الكاذبة لوسائل الإعلام الناطقة بالفارسیة وأن تقوم بإيقافها
وفي القائمة التي تتضمن 20 مؤسسة تعتبر الأسوأ في عام 2020، تم إدراج مجلس الفضاء الإلكتروني في إيران من بين هذه المؤسسات.
ويتعامل التقرير مع مجلس الفضاء الإلكتروني، بوصفه كيانًا حكوميًا یتكون من شخصیات سیاسیة وعسكریة، قام بشكل انتقائي بتقييد الوصول إلى الإنترنت.
ومن الأمور الأخری التي أشار إلیها التقریر بشأن القمع السیبراني في إیران، تم التطرق إلى إغلاق المواقع الإلكترونية، وأنظمة التشغيل، وتطبيقات المراسلة مثل تلغرام وسیغنال وواتس آب وفیسبوك وتویتر.
وقد حددت منظمة مراسلون بلا حدود، مجلس الفضاء الإلكتروني بأنه مهندس “الإنترنت الحلال” في إيران، والذي یحاول إطلاق شبكة الإنترنت الوطنية وقطع الشبكة العالمية.
وجاء في التقرير أن المجلس “قطع”، بشكل متزايد، الإنترنت لاحتواء وقمع موجة من الاحتجاجات في الشوارع، وتقييد نقل وتوزيع المعلومات المستقلة التي تسمى “المضادة للثورة” أو “المدمرة”.
وتناول التقرير أيضًا عددًا من البلدان الأخرى، من بينها روسيا والهند والصين والجزائر والمكسيك وفنزويلا.