نتنياهو يملك ذخيرة كافية لإسقاط منافسيه في الانتخابات

تل أبيب - يملك رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم الليكود بنيامين نتنياهو الذخيرة الكافية لإصابة خصومه في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها الأسبوع المقبل، ويدخل نتنياهو إلى هذا الاستحقاق من موقع قوة خاصة بعد هدية الإدارة الأميركية المتمثلة في صفقة القرن.
ولا يكتفي نتنياهو فقط بذلك المنجز القيم لتسويقها لدى الناخب الإسرائيلي، لا بل أنه يحرص على مراكمة المزيد من الإنجازات لضمان أكبر عدد من الأصوات، وآخر خططه إعلانه الثلاثاء بناء نحو 3500 مسكن لمستوطنين يهود في مشروع كان مجمدا لسنوات بعد أن قوبل بانتقادات دولية.
ومن شأن هذا المشروع الاستيطاني الجديد في المنطقة المعروفة بـ”إي- 1” أن يقسم الضفة الغربية إلى قسمين وأن يعزل الفلسطينيين عن القدس وبالتالي يقضي على ما تبقى من طموحاتهم في دولة مستقلة موصولة جغرافيا على حدود 1967.
ويقول محللون إن نتنياهو الذي فشل في إقناع إدارة ترامب بضرورة تنفيذ جزء من خطة السلام يتعلق بضم غور الأردن والمستوطنات قبل الانتخابات يحاول الالتفاف على ذلك من خلال هذا الإعلان، في رسالة للإسرائيليين بأنه الطرف الأقوى والأقدر على تحقيق طموحاتهم.
ومنحت خطة ترامب نتنياهو دفعة معنوية قوية، وجعلته للمرة الأولى منذ أشهر يتقدم في استطلاعات الرأي على حساب تحالف أزرق أبيض بقيادة الجنرال السابق بيني غانتس، الذي يشهد تراجعا.
ولكن هذا التقدم إلى حد الآن لا يبدو مؤثرا، حيث أن أيّا منهما لن يحصل على أغلبية حاكمة في البرلمان الأمر الذي ينذر بفترة جمود جديدة بعد ثالث انتخابات عامة تشهدها إسرائيل في أقل من عام.
ولتلافي هذا المأزق يحاول نتنياهو (70 عاما) إلى جانب إعلاناته المتكررة عن الإنجازات التي حققها ويحققها سواء على الصعيد الداخلي أو في تحسن العلاقات مع المحيط العربي، إظهار منافسيه وفي مقدمتهم غانتس (60 عاما) في ثوب “اليساري الضعيف” و”المتردد”.
ويتهم نتنياهو في بعض الأحيان بالمبالغة في تغريداته وانتقاداته لخصوم. فبعد أن سخر من غانتس لتلعثمه في ما يبدو في مقابلات اضطر للاعتذار على وسائل التواصل الاجتماعي عن أي إساءة ربما يكون قد تسبب فيها “لأصحاب القدرات الخاصة” وذلك بعد انتقادات من جمعية التلعثم في النطق الإسرائيلية.
ويدور هجوم نتنياهو على غانتس حول تكوين الائتلاف الحاكم في ما بعد الانتخابات ويقول إن رئيس أركان الجيش السابق سيخضع في النهاية لسيطرة ساسة عرب وهو اتهام ينفيه زعيم أزرق أبيض.
وقال نتنياهو إنه للفوز بتأييد في البرلمان يكفي للحكم، يتعين على حزب أزرق أبيض الحصول على دعم القائمة المشتركة وهي تحالف لأحزاب عربية بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي. وكثيرا ما يتردد الاسمان في خطب نتنياهو وتغريداته.
واتهم الطيبي في حوار مع “رويترز” نتنياهو بالتحريض على الأقلية العربية التي تمثل 20 في المئة من سكان إسرائيل. وقال الطيبي وهو طبيب “يمكن تشخيص هذه الحالة بأنها طيبي فوبيا” أي الخوف من الطيبي. ويبدي نتنياهو، صاحب أطول فترة في الحكم بين زعماء إسرائيل، ثقة مفرطة في قدرته على تحقيق الفوز في الاستحقاق رغم أنه يواجه اتهامات بخيانة الأمانة والاحتيال في
قضية يبدأ القضاء نظرها يوم 17 مارس. وقد نفى نتنياهو مرارا ارتكاب أي مخالفات. وفي إحدى جولاته وصولاته يرفع نتنياهو صوته عاليا قائلا “شكرا يا عكا” في قاعة بتلك المدينة الشمالية وخلفه على المسرح أنصار الليكود. ويقول زعيم الليكود “نحن نخوض هذه الانتخابات وقد حققنا إنجازات هائلة… فقد حوّلنا إسرائيل إلى قوة عالمية”.
ويردد الحاضرون هتاف “بيبي ملك إسرائيل” مستخدمين اسم تدليله في طفولته في أغنية دينية تشيد بالملك داود. وشغل نتنياهو منصب رئيس الوزراء من 1996 إلى 1999 ومن 2009 حتى الآن ولا يزال يتمتع بشعبية بين أنصاره رغم المحاكمة التي تلوح في الأفق.
ويتهم رئيس الوزراء الادعاء بمحاولة الانقلاب على زعيم يميني يحظى بالشعبية وتلقى هذه الرسالة صدى لدى قاعدته بين أصحاب الدخول المنخفضة في إسرائيل الذين يرون فيه نصيرا للموظفين ورجل دولة من طراز عالمي.
ويقول أوشير بيتون البائع المتجول في سوق محني يهودا في القدس حيث يتمتع نتنياهو بشعبية كبيرة “سأقول لك لماذا بيبي… الهدوء يسود في البلد والاقتصاد جيد والناس سعداء يسافرون للخارج ذهابا وإيابا ويتمتعون بالحياة”.
في المقابل لا يخفي ناخبون كثر رفضهم تأييد رجل يواجه المحاكمة. ويقول بار ليفاف نافي (18 عاما) من مستوطنة في الضفة الغربية والذي سيدلي بصوته لأول مرة “لا أستطيع أن أثق ثقة عمياء في شخص ما إن توجه إليه اتهامات جنائية”.
وكما حدث في الانتخابات غير الحاسمة في التاسع من أبريل وفي 17 سبتمبر العام الماضي يسلط نتنياهو، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، الضوء على علاقته القوية مع الرئيس دونالد ترامب ويحرص على تصويره بأنه أفضل صديق لإسرائيل في البيت الأبيض.
وقال في لقاء عكا “في السنوات الثلاث الأخيرة طلبت منه عددا من الأمور”. وأضاف “إليكم ما فعله: انسحب من الاتفاق النووي الخطر مع إيران وأعلن القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس واعترف بسيادتنا على الجولان”.
ومنحت الخطة التي كشف ترامب النقاب عنها لإحلال السلام في الشرق الأوسط ورفضها الفلسطينيون لانحيازها لإسرائيل فرصة جديدة لتقوية الليكود. وردا على مطالب حلفاء من القوميين المتطرفين لا ينفك نتنياهو يكرر في صولاته الانتخابية عهده بضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن في حال نجح في الاستحقاق.