انطلاق التصويت في الانتخابات التشريعية الإيرانية وسط غضب شعبي

طهران ـ بدأ الإيرانيون التصويت الجمعة 21 فبراير 2020، في انتخابات برلمانية ليس من المرجح أن تغير العلاقات المضطربة لطهران مع واشنطن بعد استبعاد آلاف المرشحين من التنافس.
وأعلن التلفزيون الرسمي الإيراني أن التصويت انطلق في الساعة الرابعة ونصف بتوقيت غرينتش، ومن المقرر أن يستمر الاقتراع لمدة 10 ساعات.
وتأتي الانتخابات التشريعية في وقت تتزايد فيه عزلة إيران الدولية وتنامي الاستياء الداخلي من الصعوبات الاقتصادية بسبب العقوبات الأميركية.
ويرى محللون أنه من المتوقع فوز المحافظين، مستفيدين من النقمة الشعبية العارمة ضد الرئيس المعتدل حسن روحاني على خلفية التدهور الاقتصادي والفساد والأزمات المتعددة التي تشهدها البلاد.
وأدلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بصوته ما أن فتحت صناديق الاقتراع، بحسب مشاهد بثّها التلفزيون الحكومي.
وإثر إدلائه بصوته جدّد خامنئي مناشدته مواطنيه التوجّه إلى صناديق الاقتراع بكثافة و"في أسرع وقت ممكن"، معتبرا أن التصويت "واجب ديني".
وتأتي الانتخابات التشريعية، وهي الحادية عشرة في البلاد منذ الثورة الإسلامية التي أطاحت في العام 1979 نظام الشاه محمد رضى بهلوي، في أعقاب توتر شديد بين إيران والولايات المتحدة وإسقاط طائرة مدنية أوكرانية "عن طريق الخطأ" أثار احتجاجات واسعة شهدتها طهران ضد الحكومة.
ويتوقّع محلّلون إقبالا ضعيفا على الاقتراع مع ميل متزايد لمقاطعة الاستحقاق مما سيصب في مصلحة المحافظين على حساب روحاني الذي فاز في العام 2017 بولاية رئاسية ثانية على خلفية وعود بتعزيز الحريات وحصد ثمار التقارب مع الغرب.
وستكون الانتخابات اختبارا للمزاج العام تجاه القيادة الإيرانية وتعاملها مع الأزمات وخاصة قتل قوات الأمن مئات المحتجين المناهضين للحكومة في نوفمبر والاحتكاك الذي كاد أن يفضي إلى حرب مع الولايات المتحدة بعد مقتل قائد عسكري إيراني في ضربة جوية أميركية بالعراق الشهر الماضي.
وتشهد إيران أزمة ركود اقتصادي وارتفاعا للتضخّم جراء العقوبات الأميركية القاسية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الجمهورية الإسلامية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع الدول الكبرى في العام 2018.
وبالنسبة لأمير محتشم، وهو عاطل عن العمل يبلغ 38 عاما فإن "مشكلة إيران الكبرى هي انعدام الاستقرار والسلام والهدوء".
وأضاف "انتخاباتنا عديمة الفائدة"، موضحا أن "البرلمان الحالي يضم 90 نائبا هم قيد التحقيق بتهم فساد مالي".
ويناهز عدد الناخبين 58 مليونا، وسيتنافس في الاقتراع 7148 مرشحاً على 290 مقعداً في البرلمان، علما أن مجلس صيانة الدستور رفض 7296 طلب ترشّح، غالبية مقدميها من المعتدلين والإصلاحيين.
والخميس أضافت واشنطن إلى قائمة العقوبات التي تفرضها على الجمهورية الإسلامية أسماء خمسة مسؤولين إيرانيين مكلّفين فحص طلبات الترشّح بينهم أمين مجلس صيانة الدستور أحمد جنّتي.
وجاء في بيان لوزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أن "إدارة ترامب لن تقبل بالتلاعب في الانتخابات لترجيح كفة الأجندة الخبيئة للنظام".
وندّد مجلس صيانة الدستور في إيران الجمعة بالعقوبات الجديدة معتبراً أنّ واشنطن تثبت بهذه الخطوة ازدراءها بالديمقراطية.
وقال المتحدّث باسم المجلس عباس علي كدخدائي، أحد المسؤولين الخمسة المشمولين بالعقوبات، إنّ "النظام الأميركي أظهر بفرضه عقوبات غير مشروعة... على أعضاء في مجلس صيانة الدستور أنّه لا يمتّ إلى الديمقراطية بصلة". وأضاف "نحن الآن أكثر تصميما على الحفاظ على أصوات الشعب".
وبحسب وزارة الداخلية الإيرانية فإن معدّل المشاركة في الانتخابات العشر الأخيرة بلغ 60,5 بالمئة.
وتوقّع مجلس صيانة الدستور أن تبلغ نسبة المشاركة في الانتخابات الجمعة 50 بالمئة على الأقل، إلا أن عددا كبيرا من الناخبين أبدوا لامبالاة بالاستحقاق.
ويتنافس حوالي 7000 مرشح على 290 مقعدًا برلمانياً.
وقال صاحب متجر للسجاد عرّف عن نفسه باسم محمد "لقد انتخبنا روحاني سعيا وراء حلم، لكننا لم نحقق شيئا"، مضيفا أن "الشعب فقد الأمل".
وقال الخياط باري آغازاده "بصراحة لا أريد أن أنتخب، لأن ذلك لن يحل مشاكلنا ولا فائدة منه، وهذه الانتخابات مجرّد إجراء شكلي لكي يظهروا للعالم أن الأمة اختارتهم، في حين أن الأمر ليس كذلك".
وشهدت إيران في نوفمبر تظاهرات احتجاجا على رفع أسعار المحروقات تحوّلت إلى أعمال عنف واجهتها السلطات بحملة قمع أوقعت عددا من القتلى.
وفي الأشهر السبعة الأخيرة أوشكت طهران وواشنطن مرّتين على الدخول في حرب، لا سيّما بعد اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني في 3 يناير.
وأثار مقتل سليماني موجة حزن عارم في الجمهورية الإسلامية، وشارك الملايين في تشييعه، إلا أن مشاهد الوحدة تلك سرعان ما تعرّضت لنكسة بعدما أعلنت إيران أنها أسقطت "عن طريق الخطأ" في 8 يناير طائرة مدنية أوكرانية ما أدى إلى مقتل 176 شخصا.
اقرأ أيضا:
وأججت الحكومة الغضب الشعبي بنفيها لأيام مسؤولية إيران عن الكارثة، لتقر بعد ذلك بأن ما جرى كان "خطأ بشريا" ارتكبه عسكري ظن أن الطائرة "صاروخ عابر".
ووقعت الكارثة وسط استنفار للدفاعات الإيرانية تحسبا لرد أميركي على إطلاق الجمهورية الإسلامية قبل ساعات صواريخ على قواعد عسكرية في العراق تستخدمها القوات الأميركية، انتقاما لاغتيال سليماني.
وفتحت صناديق الاقتراع عند الساعة 8,00 (4,30 ت غ) على أن تقفل بعد عشر ساعات، علما أن فترة الاقتراع يمكن أن تمدد. ولا يتوقّع أن يتم إعلان النتائج النهائية قبل يوم الأحد.
وبالإضافة إلى ممثليهم في مجلس الشورى سيختار الإيرانيون أعضاء في مجلس خبراء القيادة، الهيئة التي تختار المرشد الأعلى وتمتلك صلاحية عزله، وذلك لملء مراكز شاغرة.