الأندية الأوروبية تكافح لنبذ الإساءات العنصرية

العنصرية تدفع مهاجم نادي بورتو المالي موسى ماريغا إلى مغادرة الملعب.
الأربعاء 2020/02/19
الألوان تختلف والهدف واحد

لا تزال الأندية الأوروبية تعاني من أجل احتواء ظاهرة الإساءات العنصرية رغم الجهود المكثفة من قبل سلطات كرة القدم. ولا تبدو أي دولة في أوروبا محصنة من تلك الأحداث في ملاعب كرة القدم، وهو ما أثار ردود فعل متزايدة من قبل الحكومات الأوروبية.

برلين – كان خروج لاعب من الملعب خلال مباراة بالدوري البرتغالي والقبض على مشجع في ألمانيا بعد تحديد هويته من قبل متفرجين آخرين بالمدرجات مطلع الأسبوع، بمثابة الحلقة الأحدث في مسلسل طويل من أحداث الإساءات العنصرية في ملاعب كرة القدم الأوروبية.

وبعد أن سجل المالي الدولي موسى ماريغا هدف الفوز (2 – 1) لبورتو خلال الشوط الثاني من المباراة أمام فيتوريا غيمارايش في الدوري البرتغالي، خرج اللاعب من أرضية الملعب احتجاجا على تعرضه لإساءة عنصرية. وأكد الدولي المالي أنه لم يكن قادرا على البقاء على أرض الملعب بعدما شعر بـ”إذلال كبير” جراء الإساءات العنصرية من المشجعين.

 وقال ماريغا “مع الإهانات وصيحات القردة التي واجهتها، لم يكن بوسعي البقاء على هذا العشب”. وتابع “إنه إذلال لا يمكن البقاء في الملعب ومواصلة اللعب في حين أن بعض الأشخاص يسخرون من لون بشرتك”. وحاول لاعبو الفريقين ومدرب بورتو سيرجيو كونسيساو ثني ماريغا عن مغادرة الملعب، لكنه رفض وواصل طريقه نحو غرف تبديل الملابس، وسط تواصل الصيحات من المدرجات، والتي رد عليها بحركات بيديه.

وتأتي هذه الحادثة لتضاف إلى سلسلة من الإساءات ذات الطبيعة العنصرية شهدتها ملاعب كرة القدم الأوروبية في الأشهر الماضية حيال لاعبين ذوي بشرة سمراء، ما دفع السلطات الكروية إلى فتح إجراءات تأديبية بحق اتحادات وطنية وأندية على خلفية تصرفات مشجعيها. وأثارت الحادثة موجة من الاستياء والتضامن مع ماريغا في البرتغال. وأبدى ماريغا صدمته من أن السلوك العنصري جاء من مشجعي فريق سبق له الدفاع عن ألوانه، واصفا المشجعين الذين قاموا بذلك بـ”الأغبياء”. وحازت القضية على اهتمام كبير على المستويين الرسمي والرياضي.

فيفا يؤكد أن ليس لديه أي تسامح إزاء العنصرية وقد حض كل الاتحادات على فرض إجراءات صارمة ضد الممارسات العنصرية

وأشار الاتحاد البرتغالي لكرة القدم في بيان إلى أن “موسى ماريغا كان عرضة لإهانات عنصرية يجب معاقبتها بشدة”، متعهدا بـ”بذل كل ما في وسعه لضمان ألا تمر هذه الحادثة العنصرية دون عقاب”. ومن جانبه أعرب رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا عن تضامنه مع اللاعب و”الرفض التام لهذا النوع من السلوك”، في حين حذر رئيس الجمهورية مارسيلو ريبيلو دي سوزا من العواقب “المأساوية” للعنصرية. كما أفاد الاتحاد المالي لكرة القدم أنه “تابع بقلق وسخط الأعمال العنصرية التي تعرض لها مهاجم نسور مالي”.

كذلك فرض نادي مونستر المنافس بدوري الدرجة الثالثة الألماني عقوبة بحق مشجع، تقضي بحرمانه من حضور المباريات لمدة ثلاثة أعوام، وذلك بعد أن جرى تحديد هويته من قبل مشجعين آخرين وجرى القبض عليه خلال مباراة ردد فيها تقليدا لأصوات القردة متعمدا الإساءة للاعب بالفريق المنافس. فقد أطلقت الحكومة الهولندية والاتحاد الهولندي لكرة القدم مؤخرا برنامجا يستمر على مدار ثلاثة أعوام بتكلفة 14 مليون يورو (15 مليون دولار) لمكافحة العنصرية.

وجاء ذلك بعد سلسلة من الأحداث العنصرية في الدوري الهولندي، من بينها ترديد هتافات عنصرية تجاه لاعب بفريق إكسيلسيور في نوفمبر. وفي إنجلترا، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن العنصرية “ليس لها مكان في كرة القدم أو في أي مكان آخر، وعلينا التصدي لهذا السلوك الخسيس”، وذلك بعد أحداث عنصرية وقعت مؤخرا في مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز. وأضاف “من الواضح أنه لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يفترض القيام به من جانب سلطات كرة القدم للتصدي لهذه القضية، ونحن نتعهد بالعمل معها من أجل القضاء على هذا الأمر”.

وتجدر الإشارة إلى أن العنصرية في كرة القدم لا تشكل ظاهرة جديدة. ففي الستينات من القرن الماضي، وجهت إساءات عنصرية للاعب ألبرت جوهانسون، وهو أول لاعب ذو بشرة سمراء يشارك في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، وذلك ضمن صفوف ليدز يونايتد في مواجهة ليفربول عام 1965. وظلت العنصرية وكذلك إثارة الشغب، بمثابة مشكلة كبيرة في كرة القدم خلال العقود التالية. ومع ذلك، ازداد الوعي العام بهذه القضايا مع اكتساب مسابقات دوري محلية للشهرة العالمية، وتزايد عدم تسامح لاعبي كرة القدم إزاء التمييز بكل أشكاله.

وفي وقت سابق، ربما كانت مؤسسات كرة القدم تتحرك ببطء على طريق مكافحة التمييز، لكن الأمر بات الآن أولوية. ويؤكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أنه ليس لديه أي تسامح إزاء العنصرية وقد حث في العام الماضي كل الاتحادات الوطنية على فرض إجراءات من ثلاث مراحل في التعامل مع الأحداث العنصرية.

وتقضي تلك الإجراءات بقيام حكم المباراة بإيقاف اللعب عند وقوع إساءة عنصرية، مع توجيه الإذاعة الداخلية للملعب إنذارا. أما المرحلة الثانية فتتمثل في قرار الحكم بإيقاف المباراة مؤقتا، وفي حالة استمرار الإساءات العنصرية، تأتي المرحلة الثالثة وتتمثل في إلغاء المباراة.

ومنذ عام 2001، دخل الاتحاد الأوروبي (يويفا) في شراكة وثيقة مع شبكة “فير” (كرة القدم ضد العنصرية في أوروبا)، وذلك ضمن رسالة اليويفا “لا للعنصرية”.

22