شركات بريطانية تلجأ إلى الصين لتفادي كوابيس بريكست

تحرك لندن في اتجاه السوق الصينية يضع بريطانيا في مواجهة غضب الولايات المتحدة.
الجمعة 2020/02/14
ضبابية بريكست تعتم آفاق الشركات

تواجه خطط شركات بريطانية نقل بعض أعمالها إلى الصين تحديات كثيرة للإفلات من تداعيات بريكست، خاصة وأن الحكومة تعكف على إعداد مسودة اتفاق تجاري حر مع الولايات المتحدة، التي لا تزال في نزاع مع بكين رغم إبرامهما اتفاقا مرحليا ينهي حرب الرسوم الجمركية.

لندن - دفعت مخاوف بعض الشركات البريطانية من التداعيات الكارثية لانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) إلى التفكير في تحويل جزء من أعمالها إلى الصين.

ويعتقد محللون أن هذا التحول سيشكل مجازفة كون الحكومة البريطانية تعمل على بلورة موقف جدي من أجل عقد شراكة تجارية حرة طويلة المدى مع الولايات المتحدة، العدو الاقتصادي الأول للصين.

كولين رينزفورث: الاقتصاد الصيني سيحافظ على نمو سليم وطويل المدى
كولين رينزفورث: الاقتصاد الصيني سيحافظ على نمو سليم وطويل المدى

ورغم الاتفاق المرحلي بين الصين والولايات المتحدة لنزع فتيل الحرب التجارية المندلعة بينهما منذ أواخر 2018، إلا أن العلاقات بين أقوى اقتصادين في العالم لا تزال على صفيح ساخن.

وأكد مدير إحدى الشركات التجارية البريطانية في وقت سابق هذا الأسبوع أنه يتعين على شركات الأغذية والمشروبات البريطانية الاستفادة من إمكانات السوق الصينية الهائلة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال كولين رينزفورث، مدير شركة أبسولت أدفانتج لتصدير وتسويق الأغذية والمشروبات البريطانية، في مقابلة مع وكالة شينخوا الصينية إنه “ستكون هناك آثار سلبية على النمو الاقتصادي على المدى القصير، لكنني أعتقد أن الاقتصاد الصيني سيحافظ على نمو سليم على المدى الطويل”.

وذكر أن الإجراءات المناسبة والحاسمة التي اتخذتها الحكومة الصينية لتقليل الأثر الاقتصادي ستكون مفيدة لكل من الصين والاقتصاد العالمي. ويأتي هذا التحرك وسط ترجيحات المسؤولين في الصين وخبراء الاقتصاد بأن يكون تأثير فايروس كورونا المستجد قصير الأجل.

ويذهب رينزفورث مع هذا الرأي حيث أشار إلى أن عزل الصين بسبب فايروس كورونا الجديد “ليس الحل ولن يخلق سوى المزيد من العقبات أمام التجارة العالمية”.

وبيّن رينزفورث، الذي تشجع شركته التجارة مع الصين والولايات المتحدة لتجنب “الآثار الأسوأ” من خروج محتمل دون اتفاق تجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، أنه من المؤكد أن المملكة المتحدة ستفقد في نهاية المطاف إمكانية الوصول إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي.

وقال إنه “سيتعين علينا المرور عبر المزيد من الأعمال الورقية وعمليات التفتيش الجمركية والمزيد من التأخير في حركة البضائع دون اتفاق للتجارة الحرة”.

ومن المتوقع أن تبدأ بريطانيا والاتحاد الأوروبي محادثات تجارية في مارس المقبل. ومازالت الشكوك قائمة حول ما إذا كان يمكن اختتام محادثات التجارة خلال فترة انتقالية ستنتهي في 31 ديسمبر المقبل.

وأوضح رينزفورث أن “الفرص في الصين والولايات المتحدة تفوق بكثير تلك المتاحة في أوروبا الآن”. ولفت إلى أن الصين سوق كبير مع نمو سريع وعدد متزايد من المستهلكين من الطبقة المتوسطة ممن يحرصون على اقتناء سلع ذات جودة عالية. وأضاف “لدينا طلب متزايد على العلامات التجارية البريطانية المشهورة من الأغذية والمشروبات من الصين الآن”.

وأظهرت العديد من استطلاعات للشعور السائد للقطاع الخاص البريطاني طيلة العام الماضي، أن الشركات المحلية تواجه نقصا في اليد العاملة وركودا في النمو وضغوط الأسعار بسبب بريكست.

وبدأ بعض منتجي الأغذية العضوية منذ مارس الماضي بتخزين الجبن واللحوم في الخارج لضمان استمرار قدرتهم على بيع المنتجات إذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وتبحث الحكومة عن حلول لتعزيز الاقتصاد من بوابة التجارة الحرة بعد أن دخلت لندن منذ مطلع الشهر الجاري في مرحلة جديدة من العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والتي يتوقع أن تؤثر على لندن لسنوات قبل أن تعود للتعافي.

ورطة بريكست
ورطة بريكست

وتحتاج بريطانيا بعد ماراثون من المفاوضات مع بروكسل استمر لأكثر من ثلاث سنوات، إلى شركاء جدد وأسواق جديدة لتعزيز نموها المتباطئ.

وقالت وزيرة التجارة الخارجية ليز تراس، الأسبوع الماضي، إن بريطانيا تخطط لإبرام اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة تضم “تخفيضات جمركية متبادلة المنفعة” لضمان وصول الشركات البريطانية والأميركية إلى أسواق بعضهما البعض.

وأكدت أمام مجلس العموم أن الصفقة التجارية مع واشنطن يجب أن توفر تخفيضات شاملة وبعيدة المدى ومتبادلة المنفعة لزيادة وصول الشركات البريطانية إلى السوق الأميركية وتخفيض الأسعار وتزيد من خيارات المستهلكين البريطانيين.

وأوضحت تراس أنه في سياق المحادثات التجارية المرتقبة، ستسعى بريطانيا بثبات إلى تحقيق مصالحها وستكون “مستعدة للانسحاب” إذا كانت شروط الصفقة المستقبلية لا تفي بمصالح البلاد.

ولا تنوي لندن تقديم تنازلات في ما يتعلق بجودة معايير منتجات الغذاء وتربية المواشي وغيرها من القطاعات الحيوية. وتعتبر الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري لبريطانيا بعد الاتحاد الأوروبي. وينوي الطرفان إبرام اتفاق تجاري قبل نهاية هذا العام.

10