"إسكات الأسلحة" والملف الليبي أولويات قصوى في قمة الاتحاد الأفريقي

رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، يؤكد في افتتاح القمة على ضرورة تفعيل الحل السياسي في ليبيا.
الأحد 2020/02/09
القمة تركز على الأمن في القارة السمراء

أديس أبابا- تحتضن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا قمة الاتحاد الأفريقي الثالثة والثلاثين التي انطلقت الأحد بمشاركة إفريقية ودولية واسعة،  تحت شعار "إسكات البنادق وتهيئة الظروف للتنمية في إفريقيا" حيث تركز على العديد من الملفات أبرزها مبادرة "إسكات الأسلحة " في إفريقيا، وتهيئة الظروف للتنمية، بالإضافة إلى الإرهاب والأزمة الليبية وتطوير البنية التحتية في إفريقيا.

وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، في كلمته لدى افتتاح القمة، إن "إفريقيا تحتاج إلى تعاون جميع الشركاء الدوليين لحل الأزمة في ليبيا".
وأضاف "نقدر انطلاق مبادرة السلم والمصالحة في ليبيا بالتزامن مع مسار مؤتمر برلين".

من جانبه أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأحد عن استعداد بلاده لاستضافة قمة أفريقية تكون مخصصة لبحث تشكيل قوة أفريقية مشتركة لمكافحة الإرهاب.

ودعا السيسي إلى اتخاذ كافة الترتيبات اللازمة لنجاح هذه القمة. وقدم، في كلمته أمام قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة في أديس أبابا، بيانا مقتضبا بشأن الجهود التي قامت بها مصر خلال رئاستها للاتحاد خلال العام الماضي، لافتا إلى الجهود المبذولة لتحديث آلية عمل الاتحاد الأفريقي من أجل تحقيق الأهداف وترشيد استخدام الموارد المالية.

وأشاد بالتفاعل المثمر من جانب الدول الأعضاء مع مصر خلال رئاسة مصر للاتحاد

وقال إن "مصر ستظل داعما أساسيا لتعزيز أطر العمل الأفريقي".

وأضاف :"الطريق نحو أفريقيا التي نريدها لا يزال ممتدا ... ولا بد من السير على ذلك الطريق بالعمل الجاد".

وقال :"نحن على ثقة بإمكانية تغيير الواقع إلى مستقبل أفضل للقارة الأفريقية". وأشار إلى أن أبرز التحديات أمام أفريقيا تتمثل في "استمرار النزاعات وزيادة مخاطر الإرهاب والتطرف".

ويسعى رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي في قمة الإثنين والثلاثاء في أديس أبابا، إلى تعزيز مشاركتهم في الوساطات في عدد من النزاعات المسلحة التي تمزق القارة على الرغم من الإخفاقات السابقة.

وتفتتح هذه القمة السنوية للمنظمة الإفريقية، التي تعقد تحت شعار "إسكات الأسلحة"، الأحد على ملاحظة مريرة، هي إخفاق الاتحاد الإفريقي في تنفيذ التعهد الذي قطعه في 2013 "بإنهاء كل الحروب في إفريقيا بحلول 2020".

وبعد اجتماعات قمة عديدة احتلت فيها الواجهة قضايا إصلاح الاتحاد الأفريقي وتنفيذ إجراءات مثل منطقة التبادل الحر القارية، ستتركز المناقشات في هذه القمة على النزاعات التي تشهدها إفريقيا وعلى رأسها ليبيا وجنوب السودان، حيث من المقرر أن يحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش القمة.

وتناول جوتيريش السبت حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل والصراع في ليبيا في مؤتمر صحفي في أديس أبابا قبل الدورة العادية الـ 33 لقمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي التي تبدأ الأحد وتستمر يومين.

السيسي:لن يكون هناك استقرار في ليبيا إلا إذا وجدت تسوية سلمية للأزمة
السيسي: لن يكون هناك استقرار في ليبيا إلا إذا وجدت تسوية سلمية للأزمة

وقال جوتيريش: "أعتقد أنه يجب أن نستعيد السيادة في ليبيا... إننا ندعم بشكل كامل منتدى ينظمه الاتحاد الأفريقي للتوصل للمصالحة".

وأضاف: "هذا هو الحال أيضا في منطقة الساحل"، مقترحا ائتلاف دولي أوسع لمكافحة الإرهاب في المنطقة.

كما أجرى الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والجزائري عبد المجيد تبون محادثات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ركزت على مواجهة الإرهاب والأوضاع في ليبيا.

وقال بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، في بيان، إن السيسي أكد خلال المحادثات على موقف مصر الداعم للجزائر في مواجهة الإرهاب، خاصةً في منطقة الساحل، ودعم الإجراءات التي تتخذها القيادة الجزائرية في سبيل الحفاظ على الأمن.

وأكد الرئيس المصري أنه لن يكون هناك استقرار في ليبيا إلا إذا وجدت وسيلة تسوية سلمية للأزمة.

وطالب السيسي خلال كلمته في جلسة مجلس السلم والأمن الافريقي وذلك على هامش مشاركته في قمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي السبت  باستمرار التعاطي مع الأزمة الليبية انطلاقا من مسؤليته تجاه حفظ السلم والأمن.

وقال: "الاستمرار في إرسال المقاتلين الأجانب والعناصر الإرهابية من سوريا إلى ليبيا بالآلاف لن يقتصر تهديده على الأراضي الليبية وفي الوقت الحاضر فقط، بل سيمتد أثر ذلك خارج حدود ليبيا ليطال أمن دول جوارها، وبشكل خاص ذات الحدود المشتركة المترامية الأطراف مع ليبيا، وذلك في القريب العاجل ما لم يتم التصدي لتلك المسألة بكل الوسائل المشروعة انطلاقاً من موقف إفريقي قوي يتم تبنيه من خلال مجلس السلم والأمن الإفريقي".

وسيتولى رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا الأحد رئاسة الاتحاد لمدة عام، خلفا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقد اعترف رامافوزا في نهاية يناير بحجم المهمة التي تقع على عاتق الاتحاد الإفريقي، مذكرا بأن النزاعات ما زالت تحد من تنمية إفريقيا.

ويرى فكي أن الأمر بات يتعلق بأن "نسأل أنفسنا عن السباب العميقة" للنزاعات وتقديم "حلول مبتكرة لها تحد من الحل العسكري عبر إرفاقها بإجراءات في مجالات أخرى، مثل التنمية".

وصرح وزير خارجية جنوب إفريقيا ناليدا باندور إن الاتحاد الأفريقي "يجب أن يكون أكثر حيوية" في تصديه للنزاعات بدلا من ترك هذه المهمة لأطراف خارجية. وقال لوكالة فرانس برس "يجب أن نتحرك بسرعة أكبر".

لكن بين الخلافات الداخلية والتمويل غير الكافي لمهمات حفظ السلام، سيواجه الاتحاد الإفريقي صعوبة في أن يصبح جهة فاعلة لها وزنها في تسوية النزاعات.

ومن أولويات الاتحاد شغل مكان أكبر في عملية المفاوضات لتسوية الأزمة في ليبيا، الملف الذي تتولى إدارته الأمم المتحدة واشتكى الاتحاد الإفريقي مؤخرا من "تجاهله (...) بشكل منهجي" فيه على حد قول ناطقة باسم فكي.

لكن لتحقيق ذلك يجب تجاوز الخلافات الداخلية -- ذكرت مصادر عدة أن مصر التي لها وزن كبير في المنطقة وحليفة المشير خليفة حفتر لا تريد أن يهتم الاتحاد الإفريقي بهذا الملف --، وإقناع الأوروبيين الناشطين جدا نظرا لقرب موقع النزاع جغرافيا من قارتهم، بالتخلي عن هذه المهمة.

وصرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الموجود في أديس أبابا أنه يتفهم "إحباط" الاتحاد الإفريقي الذي "استُبعد" حتى الآن عن الملف الليبي، مؤكدا تأييده لمنح المنظمة الإفريقية دورا أكبر.

ووعد في هذا الإطار بدعم مبادرة لعقد منتدى للمصالحة اتخذت في نهاية يناير خلال قمة نظمتها لجنة الاتحاد الإفريقي حول ليبيا في الكونغو برازافيل.

وذكر المركز الفكري "مجموعة الأزمات الدولية" أنه على الاتحاد الإفريقي أن يدرج في أولوياته وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مع الأمم المتحدة لتمول بنسبة 75 بالمئة من مهماته لحفظ السلام التي يوافق عليها مجلس الأمن الدولي.

وقال المركز نفسه في تقرير نشر الجمعة إن "الاتحاد الإفريقي يملك الإرادة والقدرة على القيام بمهمات لمكافحة الإرهاب وحفظ السلام ضرورية للمساعدة في إحلال الاستقرار في دول إفريقية".

لكنه أضاف أن الاتحاد "لا يملك الموارد المالية الضرورية لتقديم دعم ثابت ومتوقع وهذا أمر يمكن أن تؤمنه الأمم المتحدة".